في تلك الفترة قرر النظام الاتصال بي لغرض المساهمة في مثل هذا المجهود وسط إشاعات "لها من يقف وراءها" كانت تتهمني بالانحياز إلى جهة معينة، وفي هذا الإطار التقيت "حمود بن الناج" وزير الإعلام مبعوثا من طرف الرئيس وأوضح لي أثناء المقابلة أن هناك مجموعة من رجال الأعمال تصنف في الاتجاه المعادي للنظام وأن ثمة منهم من يحظون بثقته ويعول على مساندتهم له، أعربت له عن الاستعداد الكامل للوقوف إلى جانبهم وأكدت له أن رجل الأعمال إنما يسعى وراء مصالحه التي يجب أن تتقاطع مع المصلحة العامة وإن من مصلحته أن يتوفر الاستقرار وتتحقق العدالة وأن اتهام الآخرين ونزع الثقة منهم وإطلاق أحكام مسبقة عليهم قبل جعلهم على المحك لا يمكن أن يخدم أي هدف، وقبل انتهاء المقابلة أبلغني أن الرئيس يريد مقابلتي.
في اليوم الموالي استدعيت من طرف المرحوم "أحمد بن الزين" وكان وزيرا للتجارة والمالية وفوجئت به يكرر ما قاله نظيره من قبل ويضيف –ملاطفة منه ربما- بأنه على استعداد لمساعدتي في استعادة الحقوق المترتبة لي على الدولة، فأجبته أن هذه المستحقات ليست بالشيء المهم وإذا كان ثمة من مساعدة فإني أرغب في الحصول على تعويض عن كمية الأسلحة التي تم سحبها من عندي أثناء حرب الصحراء عن طريق قائد القوات المسلحة آنذاك حمود بن الناج بأمر من وزير السيادة الداخلية "أحمد بن محمد صالح" لاسيما أن المبلغ المترتب عنها سبق أن بعثت في شأنه رسائل إلى الجهات التي التزمت بتسوية الموضوع، وانفض لقاؤنا على وعد جديد بطرح هذه القضية على الرئيس.
في اليوم الثالث فوجئت بمبعوث جديد يحمل نفس الرسالة والتي ملؤها التشكيك ويلوح بمزيد من الوعيد وكان هذه المرة مدير الأمن الوطني "أحمدو بن اميشين" فاكتفيت بأن أعدت على مسامعه ما سبق أن أجبت به المسؤولين من قبل.
بعد سلسلة المقابلات هذه والتي كانت كلها تدور حول مسألة الواجب وما يمليه من ضرورة الوقوف إلى جانب النظام وما يترتب على عدم الاكتراث بذلك من تبعات غير محمودة فهمت أنهم يبحثون عن ذريعة يراد من ورائها خلق أزمة ثقة معي أو لعلها محاولة من أجل إغرائي بالعمل في مجال التجسس والانضمام إلى المرتزقة في الطابور الخامس ثم وعدني هو الآخر بلقاء الرئيس قريبا.