(الوساطة)..
أذكر كمثال مبادرة الوساطة التي قام بها الرئيس مبارك ، بعد مبادرة الرئيس موسى أتراوري التي لم تثمر
فخلال مروري بمصر اقترح علي الرئيس مبارك خطة لتسوية النزاع بعض نقاط هذه الخطة لم تكن تروق لي ولكن بعد قراءة النص أعطيته موافقتي.
كنت أرى أن الدخول في الحوار يعتبر ضروريا للخروج من الأزمة.
تحدث الرئيس مبارك مع وزير خارجيته بطرس بطرس غالي ثم اتصل بالرئيس ولد الطايع ليعرض عليه الخطة لكنه لم يكن حذرا وارتكب خطأً تكتيكيا حقيقيا حيث جعل الرئيس مبارك الرئيس الطايع يفهم من خلال محادثته الهاتفية أنني موجود في مكتبه وأني وافقت على الخطة المقترحة. ومن المؤكد أن ولد الطايع اعتقد أن في الموضوع فخا ولم يعط ردا على المقترح.
لقد تم حل المشكلة بفضل أحد خريجي المدرسة الوطنية لما وراء البحار اكلود زلبرزهن ،المدير العام لأمن الدولة الفرنسي زميل الدراسة لكرسيان فلانتين وببكر با والشيخ حاميدو كان.
هنا لا بد أن أتحدث عن هذا الأخير الذي أصبح سنة 1960 أول والي لولاية آتييس التي نشر خلال مأموريته عليها روايته الشهيرة " مغامرة غامضة " سنة 1961 لدى الناشر الباريسي Julliard والتي ترجمت إلى العديد من لغات العالم وتدرّس اليوم تقريبا في كل مكان من العالم.
من بيننا جميعا نحن خريجو المدرسة الوطنية لما وراء البحار،كان الشيخ هو من دخل أول حكومة،كمفوض عام للتخطيط لعدة أشهر،ثم وزيرا للتخطيط حتى أزمة 1962 التي وضعت حدا للتعايش بين ليوبول سدار سينغور ومامادو جا.
بعد ذلك دخل في مسيرة مهنية دولية زاهرة في منظمة الأمم المتحدة قبل أن يعود إلى السنغال ليتولى إدارة مشروع داكار البحري ،لإرساء وإصلاح السفن،وهو مشروع طموح أكتسب أهميته بعد إغلاق قناة السويس سنة 1978.
بعد لك عينته وزيرا للتنمية الاقتصادية ثم وزيرا للتخطيط والتعاون ما بين 1983 و1988.
بالعودة إلى أكلود سلبرزاهن،صديقنا الذ كان في ذلك الوقت يتقلد منصب المدير العام لأمن الدولة
بالرجوع إلى أكلود سلبرزاهن،صديقنا الذي كان في ذلك الوقت يتقلد منصب المدير العام لأمن الدولة الفرنسية،بعد أن تقلد مناصب عديد منها على الخصوص حاكم ولاية.
اتصل بي يوما ليقول:"أخي العزيز أرى أن كل الذين حاولوا حل هذه المشكلة قد فشلوا.لن ينجح أحد ما دامت تصريحات الوسطاء علنية،لأن وراء كل واحد منكم رأيه العام،وسينتهي الأمر إلى فراغ.
أنا أقترح عليكم حلا سريا وهو أن يعين كل واحد منكم ممثلا شخصيا عنه ويأتيا إلى هنا ،إلى المسبح (تعبيرا عن المبنى المجاور لمقر الاستخبارات الفرنسية) لنجتمع وننطلق من النقطة الأسهل إلى النقطة الأصعب وأظن أنه بهذه الطريقة سنصل إلى حل المشكلة".
وافقت على المقترح وفعل الرئيس الطايع نفس الشيء،وانطلقت الماكينة.
أرسلت قائد أركاني الخاصة الجنرال دودو جوب ضابط وحدة القناصة وهو شخص يجمع بين الحزم والدبلوماسية وبعث الرئيس الطايع مستشاره الدبلوماسي.
اجتمع المبعوثان في سرية تامة وسهلا المصاعب دون أن يعلم أحد.
بعد أن وافقت حكومتانا أرسلنا وزيري خارجيتنا للتصريح في بيساو وتوقيع اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية والجوية..إلخ.
هكذا استطعنا الخروج من هذه الأزمة وهنا لا يفوتني إلا أن أعبر عن تقديري لصديقي أكلود سيلبرزاهن الذي مكنتنا فكرته من حل هذه المشكلة الأليمة.