بعد ذلك بأسبوع التقيت الرئيس "هيداله" وألفيته يكرر نفس العبارات التي حملها إلي رسله من قبل وفهمت من هذا التحرك أنهم يريدون مني أن أتنكر بدون سبب لمن كانت تربطني بهم وشائج الصداقة والقرابة وجمعتني بهم ذكريات الطفولة ومرابع الصبا وهذا ما ياباه الضمير والأخلاق، ولعل مراميها البعيدة أن تثير الشبهات حول أية زيارة قد أقوم بها لأحد هؤلاء ولم يكن من الممكن بالنسبة لي قطع صلات الرحم والمحبة مع أمثال "أحمد بن محمد صالح" ومحمذن بن باباه و"سيدي بن الشيخ عبد الله" و"عبد الله بن أباه" و"المصطفى بن محمد السالك..." ولا أتجرد لحظة واحدة من ميراث السنوات الحافلة بالتواصل.
أصبحت لهذا السبب وحده من أولئك المعارضين للنظام وانطلاقا من هذه التهمة الملفقة صودر جواز سفري.
وتكريسا لسياسة الإرهاب الجماعي تم تنصيب المحاكم العسكرية كما تم إلحاق التهم الباطلة وإصدار الأحكام في حق الأبرياء.
كان السياسيون المدنيون والعسكريون ورجال الأعمال والطلاب هم أكثر ضحايا هذه السياسة ولم ينج منهم حتى من كان النظام يثق بهم ويعتمد عليهم فلا يستبعد أن يكون الصديق متواطئا أو متآمرا أو متورطا في عملية انقلاب، ولو أن الواقع والمنطق يقتضيان عكس ذلك.
كيف ونحن نذكر يوم دخلت فرقة من الدرك على المرحوم سيد محمد بن العباس مكتبه عنوة من أجل استقصاء تهمة كانت قد لفقت حوله إثر عملية بيع سيارتين من نوع لاندروفير لشخص لا تربطه وإياه علاقة ولا يعرف عنه سوى أنه دفع له ثمن السيارتين واستلمهما من عنده وليس عليه من أمره إن كان قد ساعد بهما منفذي عملية 16 مارس أم لم يساعدهم بهما.