زارنا في مقر "السفير" كل من بابا امبودج ومحمدُ بن ابن وأبلغانا أنهما قادمان من حي "البقيع الطاهر" -كما عرّفاه- الواقع غرب الهندسة العسكرية وشمال "دار البركة".
إذن أبلغانا أن الحرس التابع لإدارة مقاطعة تيارت يعيث في الحي هدما وحجزا للخيام وإتلافا للممتلكات بحجة أن ساكني تلك المنطقة سيستولون على ملك خصوصي؛ الشيء الذي أكد المتحدثان عدم صحته، وأن سكان ذلك الحي گزروه من أيام الحاكم السابق -بإشارة منه- بعد ما ألحوا عليه في الحصول على قطع أرضية لعجزهم عن الإيجار في المدينة.
"السفير" زارت الحي والتقت ساكنيه حيث روى السيدان قصة استيطان المكان ومراحل تعامل الإدارة معهم.
يقول بابا امبودج: "قدمنا إلى هذا المكان بعدما أبلغتنا الإدارة السابقة بالمقاطعة على استحالة الحصول على قطع أرضية مشرعة لعدم وجودها؛ وبإيماءة من الحاكم السابق جئنا إلى حيث انتهى التشريع ونصبنا خيامنا إلى جانب الحاجز الذي تقيمه الهندسة العسكرية.
بعدما أقمنا استقدمت الهندسة العسكرية خبراء لا ندري إن كانوا أخصائيي تخطيط؛ لكن الذي حصل هو تراجع السياج بما يناهز الثلاثمائة متر وبقينا هنا لفترة من الزمن وقد ازداد الحي وانتشر وأصبح هنا ما يزيد على خمسين أسرة قاطنة بأطفالها.
حاول البعض البناء كما هو الحاصل في الگزرات بعدما وجدنا تأكيدا من الإدارة بأن هذه المنطقة لم تخطط بعد.. بنى البعض منا مرافق والبعض بيوتا وأكواخا لإيواء ذويه، خلال ذلك جاءنا أحد رجال الأعمال، وأبلغنا بأن هذه الأرض كلها ملك خصوصي له؛ فطلبنا منه تقديم الوثائق لإخلائها له، لكنه رد علينا بأن علينا الرحيل وهو غير ملزم بتقديم الدليل على ملكيته.
اتصلنا بالحاكم الحالي وأبلغناه بما جرى بيننا مع رجل الأعمال فطلب منا البقاء في أماكننا وإبلاغه في حالة معاودة الشخص المذكور.
لكن المفاجأة حصلت بعد ذلك بأسبوعين عندما جاء الحاكم ومعه رجل الأعمال وسيارات بها مجموعة من الحرس وهدموا البيوت والأعرشة والأكواخ وصادروا الخيام؛ لنقيم ليالي وأياما في العراء قبل أن ندبر أخبية من القماش نقيم فيها.
بعد مراجعة السلطات الإدارية أبلغنا الحرس بأن كل خيمة يريد صاحبها استرجاعها فعليه أن يدفع مبلغ ألفي أوقية.
ثم توجهنا إلى الولاية لنبلغها بما حصل معنا وأطفالنا في العراء ولم نوفق في مقابلة الوالي؛ إلا أنه خرج إلينا من يبلغنا بأن الوالي اتصل بالحاكم وعلينا أن نتجه إلى المقاطعة وإيداع طلبات عندها.
رجعنا أدراجنا إلى المقاطعة؛ لكننا منعنا -من طرف حرس الحاكم- من الدخول إلى حائط المقاطعة قيد الإنشاء. لنبدأ خطوة أخرى في اتجاه الأمانة الدائمة للمجلس العسكري التي تفهمت وضعينا واتصلت بالولاية لتبلغنا بأن الأوامر صدرت للسلطات المعنية بحل مشكلتنا وعلينا تحرير طلبات وإيداعها لدى المقاطعة؛ تكرر نفس السناريو.. لكن هذه المرة يرفض الحاكم مباشرة استقبال الطلبات؛ بل أرسل فرقة من الحرس إلى عين المكان فصادرت مجموعة خيام لتنضاف إلى مثيلاها.
في هذا الأفق المسدود توجهنا إلى الرئاسة؛ حيث قابلنا من قدم نفسه لنا على أنه ضابط حرس.. واسمه محمد عبد الله بن حند، وأبلغناه بما نعانيه منذ مجيء الحاكم وحرسه إلى تقديم الطلبات التي قدمناها بناء على اتصالات قامت بها الأمانة الدائمة للمجلس العسكري مع السلطات الإدارية.. فطلب منا البقاء في أماكننا مهما كانت وضعية من يأمرنا بالرحيل وتعهد لنا بحل مشكلتنا.
لكننا لاحظنا أنه كلما كان الرئيس خارج البلاد جاءت فرقة الحرس وعاثت في الحي وسوت الأخبية المقامة للأطفال والنساء بالأرض".
ويضيف بابا امبودج: "هنا اتصلنا بالصحافة لإيصال مشكلتنا لذوي الضمائر الحية من الوطنيين من أصحاب القرار، فنحن مواطنون من الطبقة السفلى من المجتمع اقتصاديا، قدمنا إلى المدينة بحثا عن لقمة العيش الكريم، ولا نملك مداخيل توفر لنا تكاليف الإيجار؛ لذا سنبقى هنا رغم قسوة الظروف علنا نحظى بصحوة ضمير تنصفنا من المتسلطين بالمال والجاه والسلطة".
وقد اتصلت "السفير" بالإدارة لأخذ ردها؛ لكنها لم توفق في ذلك نظرا لانشغال الحاكم اليومين الماضيين في اجتماعات بالولاية كما أخبرنا من طرف حرس المقاطعة.
السفير : العدد 417 بتاريخ 14 دجمبر 2006