في تلك الأثناء تعرضت لعدة مضايقات من طرف البنك مما اضطرني فيما بعد إلى توقيع اتفاق يتم بموجبه تسديد مليونين ونصف المليون كل شهر، وخلال هذه الفترة تراجعت نشاطات الشركة، وتأخرت مرتبات عمالها وهو ما جعل ثقة الآخرين فيها تتلاشى، وقد تنكر لنا الكثيرون وانطبق علينا قول الشاعر:
إذا قل مالي فلا خل يصاحبني وفي الزيادة كل الناس خلاني
كم من عدو لأجل المال صادقني وكم صديق لفقد المال عاداني
يقول آخر:
ترى الناس قد مالوا إلى من عنده مال ومن ليس ذا مال فعنه الناس مالوا
وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتتغير إدارة البنك التي كانت تتعامل معنا بشيء من المرونة لنجد أنفسنا عرضة لإجراءات مختلفة أكثر حدة وأنكى أثرا، ولم تأت نهاية الشهر حتى وجدت نفسي أمام لجنة كاملة تدخل علي مكتبي عنوة كأنما هي فرقة مباحث تفتش عن مرتكب جريمة، ومضت ثمان وعشرون شهرا كانت مليئة بالأساليب القذرة من المضايقة إلى الابتزاز إلى أن تمكنت من دفع آخر قسط واستطعت التحرر من أسر المديونية بطريقة تثير الإعجاب. وعلى كل حال فأسوتي كانت قول الشاعر:
ما مسني قدر بكره أو رضى إلا اهتديت إليك طريقا
أمضى القضاء على الرضى منه به إني عرفتك في البلاء رفيقا
رغم الإيفاء بالديون لم ينته مسلسل الاستجوابات والتفتيش، بل إن المحنة اتخذت منعطفا جديدا أكثر قسوة، حيث أصبح للشرطة شريك آخر يشد من أزرها.
لقد ألست إلي بعد ذلك بقليل ثلاث فرق من الشرطة والجمارك والضرائب، حيث تطالب بعثة الشرطة بتصفية حسابات اثنتي عشر سنة من استيراد الأسلحة وجميع رخصها وتحديد ما بيع منها، ويسعى الجمارك إلى الحصول على جميع الوثائق والفاتورات المتعلقة بالإيرادات منذ خمسة عشر سنة.
ويريد سعاة الضرائب مراجعة جميع الحسابات على مدى تلك السنين الطويلة، واستمرت هذه الفرق تعمل معززة ببعض من تبقى من عمال المؤسسة لمدة شهر ونصف.