(بيان) تابعنا في المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان منذ حوالي ثلاثة عشر عاما ملف المعتقلين الموريتانيين الثلاثة في سجن اغوانتنامو، ولا نملك اليوم بمناسبة إطلاق سراح آخر هؤلاء السجناء، السيد محمدو ولد صلّاحي، إلا أن نهنئ أنفسنا ونهنئ الشعب الموريتاني باستعادته لحريته، وتمكنه من العودة لبلاده. بعد أن عانى، لمدة خمس عشرة سنة تشكل ثلث عمر المعتقل الشاب، من كل صروف الإهانة والظلم والتعذيب.
لاشك أن موريتانيا فخورة بمهندسها الشاب الذي ثبت بشموخ أمام التهم الظالمة وصمد في وجه التعذيب متشبثا بالبراءة الأصلية، وموقنا بأن التاريخ وقيم الرفض والإباء ستشكل أساسا لتحريره من ظلم فاضح ناله حتى من الأقربين من بني وطنه، بعد أن سلموه لعدو فتح عليه صنوفا من التعذيب والتنكيل لا تصدق؛ سطر تفاصيلها في مذكراته التاريخية، التي تشكل حتى الآن أهم وثيقة عالمية خرجت من أروقة تلك القلعة الاستثنائية وتوثق جحيمها الرهيب.
إنها مناسبة ستشكل ذكرى جميلة واحتفالا تاريخيا بنيل المظلوم لحقوقه الكاملة ولو بعد حين. يوم ستحتفل به المنظمات الحقوقية ومناضلي حقوق الإنسان في موريتانيا. فكل مواطن في بلادنا يناضل ويكافح من أجل تمكين الحق وإنصاف المظلوم مهما كان ستكون هذه المناسبة بالنسبة له ذكرى إلهام، تشد أزره بدروسها وقيمها الإنسانية الرفيعة.
اليوم نتذوق طعما جديدا مكتملاً لحرية سيدامين قبل حوالي عشر سنوات، وأحمد ولد عبد العزيز قبل سنة تقريباً، وقد ذاقا من هول هذه التجربة ما ذاقاه. وكما أكد أحمد ولد عبد العزيز العام الماضي: بأن الفرحة لم تكن لتكتمل بدون وجود محمدو ولد صلاحي بين أظهرنا، فإننا نعيش اليوم تلك الفرحة مكتملة غير منقوصة بفضل الله.
إن أهم درس تذكر به هذه العودة هو استرخاص الحاكم وتهاونه أو تلاعبه بحق المحكوم والتصرف فيه بما يناقض المسئولية وينافي العدالة. لن ينسى التاريخ ما سجله محمدو في مذكراته من عفو عن كل من أساء إليه وإعلانه أنه لن يتابع أحدا ممن تسببوا له في الأذى، لكن العدالة الكاملة تتطلب من الإدعاء العام التقدم باسم محمدو وباسم كل الموريتانيين بدعوى لإنصاف الرجل، تحاسب الجناة وتحول دون تكرار هذه المأساة في حق أي شخص آخر. ففي ظلم هذا المواطن ظلم لكل الأفراد وظلم للمؤسسات -كذلك- التي مورس باسمها ما يتنافى مع طبيعتها وما أنشئت له.
إننا في المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان نهنئ السيد محمدو ولد صلّاحي وذويه، ونهنئ محاميه في الداخل والخارج بهذه المناسبة. ونشكرهم ونشكر كل الخيرين الذين كان لهم دور من قريب أو من بعيد في استعادة محمدو لحريته أفرادا ومؤسسات، ومنظمات حقوقية، ونشطاء حول العالم.
المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان
اللجنة الإعلامية
نواكشوط 17/10/2016