في ساعات متأخرة من مساء الخميس أعلن في انواكشوط عن اختتام الحوار الوطني الشامل والذي جمع الأطراف السياسيـة المعارضة إلى جانب الأغلبيـة طيلـة أسبوعين من الجلسات المتواصلة والتي عرضت خلالها القوى السياسية الموريتانية مطالبها ونوقشت المواضيـع المثارة بما فـي ذلك مطالب أجزاء معارضـة بفتح السن للمتقدمين للانتخابات الرئاسية من اجل تمكينها من خوض غمار السباق الرئاسي المنتظر بحلول 2019، وكذلك النقاط التي أدرجها المشاركون عن الحزب الحاكـم والتي تتضمن السماح للرئيس الحالي “محمد ولد عبد العزيز” بالاستمرار في الحكم ضمن مأمورية ثالثة بالرغم من أن الدستور الحالـي لا يسمح سوى بمأموريتين.
ووقـعت الأطراف السياسيـة المشاركـة في “الحوار الوطني الشامل” على محضر الاتفاق السياسي المنبثق عن الحوار بقصر المؤتمرات بالعاصمة الموريتانية أنواكشوط، ووقع عن أحزاب الاغلبيـة الرئاسيـة “عثمان ولد الشيخ أبو المعالي”، وعن الأحزاب المعارضة بيجل ولد حميد، فيما وقـع باسم رئاسة الجمهورية “مولاي ولد محمد لغظف” بوصفه الأمين العام للحكومة الموريتانية.
وقالت المشاركـة “الزهرة منت السوباكي” أن الحدث كان تاريخيا بكافـة المقاييس وأن نتائـج الحوار سيتمخض عنها التأسيس لـ”جمهورية ثالثة” وأضافت بأن المشاركيــن دافعوا عـن مواقفهم طيلة ايام الحوار وعمقوا النقاش حول المحاور المدرجة قبل أن يتوصلوا الى أن الحفاظ على الجسم الجمهوري والنظام شبه الرئاسي وعلى تحصين الدستور من عبث العابثين”، وتحدث لـ”آفريكا عربي” مولاي الشيخ الحســن فقال بأن مشاركـة المعارضــة قطعت الطريق على أعداء الديمقراطية وجذرت الممارسات الديمقراطيـة، داعيا اطرافا معارضـة أخرى كانت قد قاطعت الحوار الجاري للالتحاق بنتائجه والاستفادة من ثمراته وخاصة من خلال الدخول في الانتخابات البلدية والتشريعيـة المبكرة.
وقاطعت الحوار الوطني الشامل أحزاب المعارضة التقليديـة بما في ذلك تكتل القوى الديمقراطية ومنتدى احزاب المعارضة بدعـوى عدم توفر الشروط الموضوعية للتحاور وسبق لرئيس حزب تكتل القوى الديمقراطيـة أحمد ولد داداه إلى الوقوف في وجه ما أسماه بـ”مسرحية الحوار الأحادي” الذي يستهدف العبث بالدستور وارادة الشعب الموريتاني، حسب تصريحات صادرة عنه خلال تواجده مؤخرا في الولايات المتحدة، و زادت التصريحات الصادرة عـن الوزير الناطق الرسمي باسم الحوار محمد الامين ولد الشيخ الطين بلة وذلك على اثر خرجته الأخيرة والتـي كانت بمثابة القشة التي قطعت ظهر البعير حيث صرح الخميس قبل الماضي بأنه “لا عبرة بتحصين الدستور” الموريتاني ما دام الشعب يريد تغييره، وهـي التصريحات التي اعتبرها حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض والذي يرأسه الرئيس السابق للجمعية الوطنية مسعود ولد بلخيـر بمثابة تدخل حكومي في مسار الحوار وكشفا عن النوايا المبيتة لدى السلطة والتي تسعـى الى تمرير مأمورية ثالثـة، وفي اجراء احتجاجي قرر الحزب سحب أعضائه المشاركيـن غيــر أن المحلل السياسي سيدات محمد أمباركـ كشف لـ”آفريكا عربي” أن رئيس الحزب كان يسعـى الى فتح الوثيقة الدستوريـة من أجل إلغاء القيد عن سن الترشح بالنسبة للأشخاص اللذين تجاوزت اعمارهم السبعين سنة وهي الحالـة التي تنطبق على شخصه.
وبالرغم من مقاطعة التحالف الشعبي لحفل الاختتام فإن الكلمـة التي ألقاها الرئيس الموريتاني أكدت على نفيـه لأن يكون قد طالب بمأمورية ثالثة، وأضاف تلك خيالات “موجودة في ذهن البعض” واردف بأنه لم يسبق له أن طرحها وأن الدستور الموريتاني لا يسمح له بها وهو لا يود تغييره لفائدة شخص معين، على حد تعبيره.
وأشار إلى أنه “لم ولن يستحـي من تقديم طلب تغيير الدستور ولا يخاف قول ذلك” لكن مصلحة موريتانيا يقول الرئيس الموريتاني تبقى أولا ولا يمكن تغيير الدستور حفاظا على مصالح الوطن العليا، وأضاف في خطاب ضمن حفل الافتتاح بأن ان البعض اثار مسألة المأمورية الثالثـة عندما تفاجأ بمشاركين معارضيـن يعملون على اثارة مطالب مرتبطة بتغيير سن الترشـح.
ومن المنتظر أن تعرض نتائـج الحوار الجاري للاستفتاء الشعبي مع نهاية العام الجاري حيث تتضمن توصياته تغيير رموز الجمهورية بما في ذلك تغيير العلم والنشيد الوطني وابدالهما برموز أخرى أكثر دلالـة وإلغاء مجلس الشيوخ واسناد مهمة نائب رئيس الجمهورية لرئيس الجمعيـة الوطنية.
ويعــد هذا الحوار الثالث الذي يجريه النظام الحاكم في موريتانيا مع معارضته المنقسمـة على نفسها والتي شاركت مجتمعة في حوار العام 2008 ، لكن اجزاء معتبرة منها قاطعت الحوار الجاري كما قاطعت الحوار السياسي لسنة 2011 مدعيـة انها حوارات غير جديـة وتفتقد الى الثقة في الطرف الحكومي كما وصفت الحوار الأخير بالمهزلة على حد وصفها.
المصدر: أفريكا عربي