تضمن تقرير الاتفاق بين المشاركين في الحوار الوطني الشامل، مقترحا بإجراء استفتاء قبل نهاية السنة الجارية.
ويعتبر هذا الاستفتاء منطلقا لتنفيذ الجانب الأهم من نقاط الاتفاق بما في ذلك إلغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس جهوية وتغيير العلم ...، وإن كان يواجه جملة تحديات لعل من أهمها الحصول على أغلبية الأصوات المعبر عنها في اقتراع قد لا يكون من المبالغة وصفه بأنه انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.
وتكشف التطورات الجارية عن أن معركة الدستور قد بدأت بالفعل، حتى قبل اجتماع اللجنة المكلفة باقتراح التعديلات التي يتوقع عرضها على الاستفتاء.
بدأت هذه المعركة أولا داخل الموالاة من خلال حركة استقطاب داخلية لفرز الداعمين للمخرجات عن الرافضين لها، قبل أن تدخل المعارضة باكرا على خط التصعيد عبر مسيرتها الرافضة للمساس بالدستور وإعادة توحيد صفوفها.
وبغض النظر عن النقاش القانوني الدائر حول من يملك الحق في التصديق على مراجعة الدستور وما إذا كان باستطاعة مجلس الشيوخ وقف التعديلات المقترحة قبل عرضها على الاستفتاء، فإن مواضيع أخرى تتعلق بنسبة المشاركة ونسبة المصوتين بنعم، باتت تلقي بظلالها على أجواء التحضيرات المفتقرة للحماس والواقعية.
هل يمكن مثلا تنظيم اقتراع مهم يتعلق بمراجعة الدستور في ظرف زمني أقل من شهرين؟ وبأية نفثة سحرية ستتم إعادة الحياة لجسد اللجنة المستقلة للانتخابات في وقت وجيز بعد فترة بيات شتوي تخلصت خلالها من جميع طواقمها لتبقى جثة هامدة في انتظار نفاذ مأمورية أوشكت على الانتهاء؟
قد تبدو التساؤلات السابقة مهمة، غير أن الأهم يبقى التساؤل المتعلق بمدى جاهزية السلطة الحالية لخوض استحقاق انتخابي ذي أهمية كبيرة وتحقيق النصر فيه؟ أي بتعبير أوضح: هل توجد السلطة الحالية في وضع يسمح لها بالانتصار في معركة مصيرية بحجم معركة الدستور؟
بالرغم من أن مراقبين كثر للتطورات الجارية، مستعدون للإجابة بالنفي بالنظر لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، إلا أن التسرع في مثل هذه الحالات قد يقود للوقوع في الخطأ خصوصا وأن السلطة –ربما في محاولة منها لتأكيد قدرتها على خوض معركة الدستور- قد قررت دخول المعترك والرد على الجميع من خلال مهرجان جماهيري في العاصمة.
وبهذه الخطوة تكون السلطة قد وضعت مصداقيتها على المحك، مؤكدة أنها تنزلق بتسارع مخيف نحو الفخ المنصوب لها (ثلاث عقبات أمام "الجمهورية الثالثة" وفخ للرئيس عزيز) وإلا فكيف تقبل الانجرار في لعبة "الحشد الشعبي والحشد الشعبي المضاد" وهي على أبواب حملة ستجد خلالها الوقت الكافي لعقد مختلف أشكال التظاهرات الجماهيرية؟
ومن يضمن –في ظرفية متميزة بضعف أداء الحكومة والحزب الحاكم- أن لا تعمد القواعد الحزبية إلى معاقبة قيادتها مما يعرض عملية الاستفتاء برمتها للفشل؟