في رصيد الفنان بعض الأسرار التي من الممكن ألا يفشيها طوال حياته، لكن يظل الاسم الحقيقي له شيئاً من الصعب الاحتفاظ به بعيداً عن أعين الناس، وإن نجح بعضهم في ذلك، فالطفرات التي يمر بها خلال رحلته الفنية، تبدأ منذ اللحظة التي يقرر فيها أن يتقرّب لجمهوره باسم جديد، لم يكن لصيقاً له من قبل.
فيما يلي نذكر فنانين قاموا بتغيير أسمائهم، تقرباً للجمهور:
نور الشريف
لا يعرف كثيرون الاسم الحقيقي للفنان الراحل نور الشريف ، فقد كان اسمه محمد جابر عبد الله، وقام بتغييره بعد عمله بالفن، بناءً على عدد من الظروف التي دفعته لذلك، كما قالت الفنانة يسرا في حوارها مع برنامج “معكم” .
كثيراً ما شرح نور الشريف لوسائل الإعلام ، الظروف التي أجبرته على تغيير اسمه، فيقول في حديثه التلفزيوني مع الإعلامي عمرو الليثي لبرنامج “واحد من الناس”: “أنا من مواليد السيدة زينب وطبيعة الأحياء الشعبية أن هناك اسماً في شهادة الميلاد واسماً آخر للدلع في البيت، وفي الغالب لا توجد علاقة بين الاسمين، فوالدي أصر أن يكون اسمي محمداً، وجدي لأبي أصر أن يكون نوراً، وأصبح كل من في البيت يناديني بنور”.
وأضاف: كان عمي إسماعيل هو من يقوم بتربيتي إلى إن دخلت المدرسة في الصف الأول الابتدائي، وفي أول يوم في الدراسة نادى المدرس قائلاً “محمد جابر محمد” فلم أرد وكرر النداء، فإذا بالمدرس يقترب مني ويقول انت اسمك محمد جابر فقلت له أنا نور إسماعيل، فقال أنت اسمك محمد جابر وعرفت من عمتي أن والدي مات وعمري تسعة أشهر، وأن الذي كنت أعتقد أنه أبي كان في الحقيقة هو عمي”.
وتابع: مر الوقت ودخلت معهد الفنون المسرحية ومثلت مسرحية روميو وجولييت واعترضوا على اسمي محمد جابر، فقلت لهم اسمي نور واختارت أختي عواطف لقب الشريف لاسمي من كثرة حبنا للنجم عُمر الشريف.
وفي رواية أخرى قالها المخرج المصري محمد فاضل عن اسم نور الشريف الحقيقي، موضحاً: ” إنّ الأستاذ نبيل الألفي هو معلم نور الشريف في معهد الفنون المسرحية، واختار الألفي لنور الشريف اسمه الفني، واختاره له من اسم دكتورة في كلية الآداب جامعة الإسكندرية كان دكتور نبيل الألفي يعرفها”.
وأضاف فاضل لـ “برنامج حكاية وطن”، الذي يقدمه الكاتب الصحفي عادل حمودة على النهار اليوم: “في الحلقات الأولي من مسلسل القاهرة والناس، ظهر نور الشريف باسمه الحقيقي محمد جابر، وإذا كانت هذه الحلقات ما زالت موجودة في التلفزيون، فسنجد أن اسمه محمد جابر علي التتر”.
حمد مظهر
على أفيش فيلمه “الطريق المسدود” عام 1958م، مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، لم يكتب اسمه الحقيقي وإنما اختار اسم والده، حافظ مظهر، السبب فى ذلك أن اسمه الحقيقي في شهادة الميلاد هو “أحمد حافظ مظهر”، ولذلك اختصره إلى “حافظ مظهر” بناء على نصيحة عدد من المقربين منه، وبعد ذلك غيّر اسمه إلى “أحمد مظهر”، واشتهر بعد ذلك بهذا الاسم، وظل باسم “أحمد مظهر”، حتى وافته المنية يوم 8 مايو عام 2002.
تحية كاريوكا
البعض لا يعرف الاسم الحقيقي لها، فهي بدوية محمد كريم على السيد، وحسبما حكت في حديثها مع الإعلامية صفاء أبو السعود، فقد بدّلت اسمها بـ “تحية” أما كاريوكا فجاء نتيجة شهرتها بـ رقصة “الكاريوكا”، وهي رقصة مكسيكية شهيرة على مسرح دار الأوبرا المصرية، ضمن إحدى الحفلات التي كان ينظمها مدير الأوبرا وقتها سليمان بك نجيب، وظل اللقب ملاصقاً لها طوال حياتها.
رجاء عبده
نجحت اعتدال جورج عبدالمسيح التي غرفت بـ “رجاء عبده” في تقديم عدد من الأغنيات والأفلام في فترة الخمسينيات، وكان أشهرها البوسطجية اشتكوا.
ودخلت إلى عالم الفن كمطربة في الإذاعة، ثم تقدمت لتأدية دور بطلة فيلم “الوردة البيضا” أمام موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، لكنها كانت لا تزال صغيرة في السن، فرفضها عبدالوهاب لكنه وعدها بفيلم آخر ستكون هي بطلته معه وبالفعل حدث ذلك في فيلم “الحب الأول”.
وتحكي رجاء عبده، الطريقة التي غيرت بها اسمها في حديث أجراه معها الإعلامي مفيد فوزي، قائلة: “ذهبت مع أمي لإجراء مقابلة مع المخرج محمد كريم والفنان محمد عبدالوهاب، لاختيار دور حبيبة عبدالوهاب في فيلم “الوردة البيضا”، وعندما جاء دوري، غنيت أشهر أغنيات عبدالوهاب في ذلك الوقت “حسدوني وباين في عينهم”، وسمعها عبدالوهاب بإعجاب، وقال لي: “فعلاً صوتك جيد وتغنين دون نشاز، لكن” سألته بلهفه: لكن ماذا؟.
فأجابني المخرج محمد كريم بأنني لا زلت صغيرة، ودور حبيبة محمد عبدالوهاب في الفيلم لابد أن تمثله بنت أكبر مني بعشر سنوات، وبكيت يومها بشدة على ضياع ما اعتبرته فرصة العمر، على الرغم من وعد المخرج محمد كريم بإعطائي الفرصة في الوقت المناسب.
ويومها وقع الاختيار على سميرة خلوصي، وكان اسمها في الفيلم “رجاء”، والذي اختارته بعد ذلك ليكون اسماً فنياً لي، وأصبحت أغني بهذا الاسم الجديد، ومحي تماماً اسم اعتدال فنياً وعائلياً.
ليلي طاهر
بدأت حياتها الفنية من باب عملها كمذيعة في التلفزيون المصري. واستخدمت اسمها الحقيقي الذي ظهر على “التترات”، وهو شيروت مصطفى فهمي.
وحكت خلال حديثها مع الإعلامي المصري عمرو الليثي، قالت: “اتجهت إلى العمل الفني عن طريق رمسيس نجيب، وأنا في السنة الثانية من الجامعة، وكان يحب إعطاء أسماء براقة ومأخوذة من روايات ويكون له جرس موسيقي، فخيرني بين اسم ليلى طاهر واسم آخر، وفي البداية تعجبت قليلاً، وقال لي سنختار اسماً يكون سهلاً وبسيطاً”.
تضيف طاهر، “كنت أعشق ليلى مراد فاخترت ليلى، أما طاهر فهو من اختاره لي، على اسم إحدى البطلات المأخوذة من روايات إحسان عبد القدوس، التي كانت بطلتها تسمى “ليلى طاهر.”
مي عز الدين
غيّرت الفنانة المصرية مي عز الدين اسمها التركي “ماهيتاب” ليصبح “مي”، وهو الاسم الذي ظهرت به لأول مرة مع الفنان محمد فؤاد وفيلم “رحلة حب”.
وعن تغيير اسمها، تقول مي عز الدين، خلال حديثها لبرنامج “أنا والعسل مع نيشان”: “أنا بصراحة لا أحب اسمي الحقيقي لأنه صعب النطق على الإنسان البسيط، وأنا أتمنى أن أكون قريبة من كل شرائح المجتمع، لذا فاختارت “مي” بدلاً من ماهيتاب الذي لا يناديني به أحد اليوم لأنهم يعلمون جيداً أنني لا أحبه.”
نادية لطفي
هي بولا شفيق، عرفها الجمهور باسم “نادية لطفي”، غيّر المنتج السينمائي رمسيس نجيب اسمها إلى نادية لطفي، بعد أن قرر تقديمها للجمهور لأول مرة في فيلم “سلطان” عام 1958.
وتحكي نادية لطفي في حوار قديم لها مع مجلة الجزيرة عام 2004 ، ملابسات تغيير اسمها قائلةً: “بالطبع كان اختيار اسم فني مناسب لي عملية صعبة جداً، فكان من المستحيل ظهوري باسمي الحقيقي لكونه صعباً وغريباً، وفي هذه الأثناء كان يعرض الفيلم الشهير (لا أنام) قصة الأديب الكبير الراحل إحسان عبد القدوس إخراج صلاح أبو سيف، وكانت الفنانة فاتن حمامة تحمل في هذا الفيلم اسم نادية لطفي، فقرر رمسيس نجيب أن يمنحنى نفس الاسم. “
وتضيف الفنانة المصرية ذات الأصول الصعيدية: “أذكر أن إحسان عبد القدوس غضب من رمسيس نجيب لكونه لم يستأذنه، وهدده ضاحكاً برفع دعوى قضائية عليه وعليّ، وفي يوم العرض الخاص للفيلم وجّه (رمسيس) الدعوة له وللفنانة فاتن حمامة، فحضرا ولا أنسى ما قاله لي إحسان عبد القدوس يومها بأنني بالفعل نادية لطفي التي ألهمته فكرة القصة، وطالبني بالحفاظ على هذا المستوى لكي أظل جديرة بحمل الاسم”.
تقول نادية لطفي، “وكانت الفنانة فاتن حمامة قد هنأتني على دوري، أقبلت عليّ وهنأتني وحضنتني من قلبها، وباركت لي وقالت لي ضاحكة “لا تنسي أبداً أنا نادية لطفي الحقيقية”.
ماجدة الصباحي
بعد صمتها لفترة طويلة، كتبت الفنانة المصرية ماجدة مذكراتها بمساعدة الصحفي سيد الحراني، والذي نشرها في حلقات متتالية عبر عدة مقالات في “الأهرام”، ومؤخراً في كتاب يحمل اسم “مذكرات ماجدة”، وقد كشفت لأول مرة بعض الأمور والأسرار في حياتها الشخصية.
وتقول ماجدة في مذكراتها، المنشورة في جريدة الأهرام: اسمي عفاف علي كامل الصباحي، فى البداية كانت عائلة الصباحي من العائلات الكبيرة، التى تقطن وتعيش داخل قرية موصطاي مركز قويسنا التابعة لمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية وكانت تمتلك الضياع والقصور الفخمة، وكان موضوع التمثيل شيئاً غير مألوف وخروجاً عن عادات وتقاليد العائلة.”
اكتشفها المخرج “سيف الدين شوكت” وهي ابنة الخامسة عشرة، وذلك أثناء زيارة مدرسية لأستديو شبرا، فقدمها لأول مرة عام 1949م مع الفنان “إسماعيل ياسين” في فيلم “الناصح” بدون علم أسرتها، التي رفضت عملها بالفن مما دفعها لتغيير اسمها، كما جاء في مذكراتها.
مديحة يسري
قالت الفنانة القديرة مديحة يسري، خلال حديثها للإعلامي “عمرو الليثي”: أن اسمها الحقيقي هنومة حبيب خليل، وأن من أطلق عليها اسم الشهرة هو موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، عندما وقفت أمامه في أولى أعمالها الفنية في فيلم “الوردة البيضاء” في الأربعينيات وقد استمر الاسم إلى الآن دون تغيير.
وذكر موقع “كايرو دار”، في تقرير له، أن زوجها الفنان محمد أمين اختار لها اسماً يليق بلمعان عينيها وجاذبيتها، التى تسلب الألباب وهو مديحة يسرى.
فيروز
عشق صوتها أجيال من الوطن العربي، حتى حازت على لقب “جارة القمر”، ولدت “فيروز” فى الحادي والعشرين من نوفمبر 1935م في حارة زقاق المدق في مدينة بيروت بلبنان، اسمها الحقيقي هو نهاد رزق وديع حداد.
وتقول فيروز في فيلم تسجيلي لها، فى مطلع 1950م دخلت في فرقة الأخوين “فليفل”، التي كانت تقدم الأناشيد المدرسية والوطنية في الإذاعة اللبنانية، وقدمني الأخوان فليفل نهاد إلى لجنة الاستماع.
وتضيف فيروز: “أبدى الأستاذ حليم الرومي، رئيس القسم الموسيقي في الإذاعة إعجابه بصوتي، وطلب مقابلتي في المكتب، وسألني إن كنت أجيد غناء غير الأناشيد، فأجبت بالإيجاب، وغنيت له موال “يا ديرتي مالك علينا لوم” الذي تغنيه أسمهان، والمقطع الأول من أغنية “يا زهرةً في خيالي” لفريد الأطرش، وعرض عليّ أن أشتغل في الإذاعة، وبعد موافقة مدير الإذاعة حينها الأستاذ فائز مكارم، اقترح هو أيضا تغيير اسمي إلى “فيروز” فوافقته”.
وكانت أول أغنية غنتها في حياتها تحت اسم فيروز هي “تركت قلبي وطاوعت حبك”.
لبلبة
دخلت عالم التمثيل بالصدفة، فأثناء حضورها إحدى الحفلات، أدّت دوراً في تقليد الفنانين وتقديم فقرة كوميدية، جعلت لجنة التحكيم المسؤولة عن الحفل تمنحها الجائزة الأولى، وكان من بين الحضور المخرج المصري نيازي مصطفى والمؤلف أبو السعود الإبياري، فلفتت “لبلبة” نظرهما وهي لا تزال صغيرة في السن، فطلبا من والديها أن تنضم إليهما في دور جديد يحضرون له.
وأضافت “لبلبة”، في حديثها مع الإعلامي مفيد فوزي: “رحبت أمي بدخولي عالم الفن، وأعطانا الإبياري الكارت الخاص به، وذهبنا إليه في مكتبه وسألني عن اسمي قلت له: لوليا، فقال لي اسمك قريب من لبلب، إيه رأيك هنسميكي “لبلبة” ومن وقتها عُرفت بهذا الاسم من وأنا في سن الخامسة، وعندما كبرت سألت أمي لماذا قبلتي تغيير اسمي، ردّت عليا، أنا لم أكن أعلم أنكي ستمتهنين الفن باقي عمرك كله.”
صباح
في تسجيل صوتي لها، تحكي الفنانة اللبنانية “صباح” باللهجة اللبنانية، قصة حياتها والتي روت فيها المناسبة التي سُميت فيها باسم “جانيت”، قائلة: “كنت البنت الثالثة لأمي، وكانت لا تريد أن ترضعني لأنها كانت تريد ولداً، فكنت أبكي، حتى جاء عمي الشاعر “شحرور” إلينا وقال لها من صوتها في البكاء، سيكون صوتها جميلاً، مقترحاً تسميتي بـ “جانيت” تيمناً باسم أحد المطربين في هذا الوقت، وبالفعل سمّوني “جانيت”.
وأضافت الشحرورة، خلال البرنامج الإذاعي اللبناني القديم “صوت الوطن” والذي جاءت حلقته بعنوان “صباح تتذكر”، “عندما كنت أرى ليلى مراد في السينما، قلبي يرق وأقول متى أصبح مثلها، وكانت أمي تمنعني، وبعد أن انتقلنا لبيروت والتحقت بالمدرسة، اشتركت في فريق التمثيل بها، وكان مندوب المنتجة “آسيا” حاضراً، وقال لوالدي: “حرام أنها لا تمثل”، وأطلقوا عليّ اسم الشحرورة تيمناً بـ “عمي” ذائع الصيت وقتها.”
وتابعت: “تقاضيت أجري لأول فيلم مع أنور وجدي وهو “القلب له واحد”، 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول ويرتفع السعر تدريجياً. وفي تلك الفترة اختفى اسم “جانيت الشحرورة” وحل مكانه اسم “صباح”.