بعد خمس سنوات على دخول اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي حيز التنفيذ؛ تتعالى التحذيرات مما يصفه البعض بالاستنزاف الممنهج للثروة السمكية التي تقوم به شركة هوندونغ الصينية التي حازت عن جدارة لقب إمبراطور الصيد الصناعي في موريتانيا. ويقدم مناوئو الاتفاقية المثيرة للجدل التي وقعت عام 2010 في نواكشوط بين عرابها سيدي ولد التاه وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الموريتاني آنذاك، ولان بينكيونك رئيس مجلس إدارة بولي هوندونغ بيلاجيك فيشري الصينية، قرائن وأدلة دامغة عديدة على تنصل العملاق الصيني من نسبة كبيرة من التزاماته تجاه الدولة الموريتانية؛وكذا إضرارها بالبيئة البحرية واستنزافها للشواطئ المويتانية في عملية نهب منظم.
أما على المستوى الاجتماعي فلم يتجاوز التزام الشركة بما تم الاتفاق عليه حدود عشرة بالمائة، ففي حين تنص المادة10 من الاتفاقية على أن المستثمر الصيني يتعهد بخلق 2463 فرصة عمل دائمة من بينهم 800 امرأة، وبأن يضمن التكوين المهني للمواطنين الموريتانيين الذين سيقوم باكتتابهم، وأن تمنح الأولية في الاكتتاب للعمال الموريتانيين المؤهلين؛ لم يتجاوز تعداد العمالة الموريتانية في الشركة الصينية 300 عامل يعملون لساعات طويلة وبأجور زهيدة فيما يشبه السخرة.
كما لم تف الشركة الصينية بما ألزمها به الاتفاق من إنفاق 100 مليون دولار على بناء مصنع للمعالجة وموقع لتصنيع قوارب الصيد المحلية ومركز للتدريب
. كما لم تلتزم الشركة بما تنص عليه الاتفاقية في بابها الأول بعنوان "برنامج الاستثمار" أن الصين ستقوم بإنجاز التالي: استصلاح الأراضي المخصصة لبناء رصيف للرسو ومرفأ لتفريغ البواخر التي ستزود مصانع التحويل بالمنتجات البحرية.
بناء مصنع للتحويل يتألف من:
ـ وحدتين لعلاج المنتجات السمكية
ـ مصنع للثلج تبلغ طاقته الإنتاجية اليومية 100 طن
ـ مستودع للتبريد تبلغ سعته التخزينية 6000 طنا
ـ وحدة لصناعة دقيق السمك
ـ مختبر الرقابة الداخلية
ـ بناء ورشة لبناء قوارب الصيد التقليدي
ـ بناء أسس للحياة البحرية
بناء مركز للتكوين و تجديد الخبرات وذلك باستثمار 100 مليون دولار؛ وهو ما لم ينجز لحد الآن.
ووفق مختصين في قطاع الصيد فالاتفاقية أتاحت للشريك الصيني فرصا لمخالفة القانون الموريتاني تتمثل في استخدام سفن الشباك الجرارة المحرمة دوليا، و التي ظلت محرمة في موريتانيا حتى 2010، أي بعد صدور القرار 2010-153 الذي سمح لشركة هوندونغ بالصيد في المياه الموريتانية.
وتتيح الاتفاقية للشريك الصيني الإيداع في البنوك الخارجية وهو ما يعني حرمان البلد من الاستفادة من العملات الصعبة، كما يسمح لها بتشغيل 30 % من العمال الأجانب، وبعد 5 سنوات يسمح للشركة باكتتاب 20 بالمائة من عمالها، فضلا عن إعفاء بنسبة 20 % من معداتها من الضريبة الجزافية ، و50% على المواد التموينية.
واليوم باتت الشركة الصينية هوندونغ بمثابة سلطة ذات سيادة كاملة على ميناء خاص بها؛ تصطاد دون رقيب وتضرب الصيد الصناعي والتقليدي الموريتاني على حد سواء؛ولم يجن منها الاقتصاد الموريتاني سوى حصاد هزيل من العملة الصعبة ونهب شواطئ تعد من أغنى شواطئ العالم بالأسماك.