وعلى درب تقويم الأوضاع العامة بدأت القيادة الجديدة بإعادة ترتيب العلاقات الخارجية فاستعادت علاقتها الدبلوماسية بالمغرب وليبيا على التوالي في ابريل ومايو 1985م.
وبالعودة إلى خطاب السيد الرئيس عشية تسلمه مقاليد الحكم تتجلى لنا بوضوح تلك الإرادة الصارمة في العمل بمقتضى القيم التحديثية، كالتقدم، ومحاربة الجهل، ومكافحة القبلية والدعوة إلى ترقية المرأة.
البدء بتنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي عبر خطة البنك وصندوق النقد الدوليين مما كانت له آثار طيبة على الانتعاش الاقتصادي.
البدء في تحقيق انفتاح ديمقراطي محدود تم الإعلان عنه في 12 دجمبر 1985م.
كان ذلك الانفتاح أول تجربة تعددية منذ نهاية الخمسينات وأول انفتاح سياسي منذ تسلم العسكريين للحكم.
لقد مهدت لهذه الخطوة مرحلة إعداد وتهيئة على الممارسة الديمقراطية في إطار هياكل تهذيب الجماهير التي تم تجديدها في ظل الثقة الجديدة بين القمة والقاعدة، وكان هذا الإجراء استجابة مخلصة لأحد خيارات العاشر يوليو المتمثل في إشراك المواطنين في ممارسة الديمقراطية.
واعتمدت القيادة الوطنية شعار ترسيخ الهوية ودعم التعريب على مستوى الإدارة والإعلام والتعلم، كما عملت على إحياء آمال الشباب وفي هذا الإطار وسبيلا إلى إتاحة الفرصة لكل الشباب عبر مختلف مناطق الوطن. تم تنظيم المهرجان الوطني للشباب والرياضة والفنون الشعبية، وكان ملتقى خلافا بالأخذ والعطاء ومناسبة تجددت فيها الصلات وتوطدت بين مختلف الشرائح الشبابية.
كان إشراف العقيد "معاوية ولد سيد أحمد الطايع" بنفسه على افتتاح المهرجان واختتامه يجسد أكثر من معنى ويعكس بالدرجة الأولى صدق التوجه الجديد والعناية الرسمية بهذه الفئة من المجتمع.
وموازاة مع هذا التوجه الإصلاحي تبنت القيادة الوطنية برنامجا للتقويم الاقتصادي والمالي بهدف إنهاء وضعية التردي التي كانت تتسم بانخفاض الناتج الداخلي الخام رغم ارتفاع نسبة الاستثمار وتزايد عجز الميزانية والميزان التجاري وتراكم الديون الخارجية وتراجع مردودية المشاريع.
ومن أجل معالجة هذه الوضعية تم تحديد جديد للأهداف والأولويات كما تم اتخاذ جملة من الإجراءات الضرورية منها:
انتهاج سياسة صارمة في تنفيذ الميزانية لضمان استعادة توازنها ومراقبة المصروفات العمومية وتحسين جباية الضرائب ومواصلة البحث مع الدائنين من أجل تخفيف أعباء ديونهم على الميزانية.
تضييق هوة عجز ميزان المدفوعات وتشجيع التصدير وتوجيه القروض نحو القطاعات المنتجة وترقية الإنتاج الزراعي وانتقاء المشاريع ذات المردودية المضمونة وإعادة الثقة إلى القطاع العمومي وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقد حرصت حركة التصحيح منذ البداية على منح الأولوية للقطاع الريفي فكانت الحملات الزراعية التجسيد العملي لهذا الخيار مما مكن من رفع المحصول الزراعي، وفي هذا الإطار عملت الحكومة على إيصال الإسعاف إلى مستحقيه أينما كانوا واعتماد الأمانة في التسيير والتوزيع واستخدام المساعدة الغذائية من أجل مكافحة الكسل والاتكالية تطبيقا لمبدأ "الغذاء مقابل العمل".