بداية ، وبعجالة ، سأقف عند بعض النقاط المهمة وليس كلّها في تاريخ العلاقة السورية الإيرانية قبل انتصارالثورة الإيرانية وبعده ، وكيف تعامل الرئيس حافظ الأسد مع ثورة الإمام الخميني بحذر شديد قبل هذا الإنتصار وبعده أيضا وما هي الأسباب التي جعلته يعمل على منع إيقاف إيران وتزويدها بصواريخ سكود وإقناع معمر القذافي بأن يحذو حذوه والوقوف أيضا إلى جانب إيران بعد العام 1984 …
كان ثمة عدد من اللاجئين الإيرانيين المتواجدين في لبنان في سبعينيات القرن الماضي ومن أبرزهم محمد حسين علي منتظري ابن آية الله العظمى حسين منتظري وابن أخت الإمام الخميني في الوقت ذاته وأحمد موحدي والدكتور محمد علي هادي الذي كان حاضرا ومترجما لقاء كل من علي خامنئي رئيس الجمهورية آنذاك وهاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى في العام 1986 مع روبرت مكفرلين مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغن والذي حصل في طهران والوفد المرافق له والذين جاؤوا إلى إيران بجوازات سفر كورية جنوبية ومعه طائرة عملاقة محملة بالأسلحة الأميركية والتي تم على إثرها إحتلال الفاو بعد أن ضلل الأمريكان العراقيين بأن الحشود الأميركية هي في اتجاه القاطع الأوسط وليس الجنوب وهذه قضية أخرى وموضوع آخر مختلف عن عنوان الإضاءة طبعا هذا اللقاء جاء بعد سلسلة من اللقاءات بين هاشمي رفسنجاني ومكفرلين في عشق آباد عاصمة تركمانستان .
كان في لبنان أكثر من سبعين لاجئا إيرانيا من المعارضين لنظام الشاه وقد انتهت صلاحية جوازات سفرهم فالتقت إحدى الشخصيات العراقية بعبد الله الأحمر وسأستخدم الحرفين ( ع . ع ) للإشارة إلى اسمها وطلبت منه تزويد هؤلاء الإيرانيين بجوازات سفر سورية وأن هناك أسلحة تم الإتفاق مع الشهيد المرحوم خليل الوزير ( أبو جهاد ) على استلامها من الثورة الفلسطينية وإرسالها إلى إيران عبر سورية وكردستان تركيا ، كان ذلك في نهاية العام 1977 فتم عرض الأمر على الرئيس الأسد ووافق على جوازات السفر بشرط أن يكتب السيد ( ع. ع ) خطياً بأنه يطالب بجوازات سفر لجماعته ( العراقيين )!! وبأن الأسلحة التي سيتم نقلها لتنظيمه العراقي … وفعلا تم تزويد اللاجئين الإيرانيين بجوازات السفر السورية عن طريق القيادة القومية على أنهم عراقيون ! و ( ليسوا ) إيرانيين تجنبا لأي إشكال في المستقبل ، أما موضوع السلاح فوجّه الرئيس بمناقشته مع جهة أمنية لأن القيادة القومية غير مختصة بالتعاطي مع هكذا موضوع أمني وقد وجّه الرئيس الأسد بأن يكون اللواء ( آنذاك) علي دوبا رئيس شعبة المخابرات العسكرية هو الجهة التي تتابع هذه القضية وقد بدأ عمليا نقل الأسلحة في بداية العام 1978 عبرسورية إلى تركيا ثم إيران ، وسارت الأمور بعذاك كما خُطِّط لها واستلم الإيرانيون جوازات السفر السورية بأسماء حركية .
أبلغ الفرنسيون الإمام الخميني قبل بضعة أشهر من نهاية العام 1978 بأن إقامته في فرنسا لن يتم تجديدها بمجرد انتهاء ذلك العام وعليه مغادرة فرنسا ، فأرسل رسالة شفوية إلى الرئيس السوري حافظ الأسد يعلن فيها رغبته بالقدوم إلى سورية وتم إيصال الرسالة عن طريق السيد ( ع . ع ) لعبد الله الأحمر ومن ثم إلى الرئيس حافظ الأسد فطلب الرئيس الأسد إمهاله إلى ما بعد مؤتمر القمة العربية في بغداد الذي سينعقد في 2 تشرين ثان 1978 وبعد عودته من مؤتمر القمة أبلغ الرئيس حافظ الأسد عبد الله الأحمر بأن الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد طرح على الرؤساء والملوك والأمراء العرب في القمة العربية في بغداد بأن الجزائر على استعداد لاستضافة الإمام الخميني إذا طلب هو ذلك !! وأبلغ الرئيس عبد الله الأحمرالأحمر بأن الإمام يمكنه أن يبعث برسالة إلى الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد يبدي فيها رغبته بالإقامة في الجزائر !! ولكن الإمام الخميني لم يقدم الطلب وجدد الفرنسيون إقامته في نهاية العام .
بعد انتصار الثورة الإيرانية مباشرة عيّن الرئيس حافظ الأسد ابن أخيه ( رضوان الأسد ) قائما بالأعمال في السفارة السورية في طهران باسم ( إياد المحمود ) وبصفة مستشار الرئيس وبدرجة وزير ، وإياد المحمود ( رضوان الأسد ) خبير إستراتيجي حيث كان هو واللواء ( ع . ع ) والعميد الشهيد محمد سليمان يعملون بشكل مستقل عن المؤسسة العسكرية والأمنية في مكاتب خاصة بهم مرتبطة مباشرة بالرئيس حافظ الأسد في إطار ما عُرِف باسم ( الخلية الإسترتيجية ) أو ( الفريق الروسي ) حيث كان هذا الفريق أو هذه الخلية هي المطبخ الذي يرسم السياسة الخارجية السورية بالتعاون مع الرئيس الأسد دون التدخل على الإطلاق بتفاصيل الحياة الداخلية وهؤلاء الإستراتيجيون الثلاثة هم خريجو الكي جي بي أو المؤسسة العسكرية الروسية وظل هؤلاء بعيدين عن الإثراء المشروع وغير المشروع حيث اختص إياد المحمود بملف العلاقة السورية / الإيرانية / السعودية / المصرية / اللبنانية ، أما العميد الشهيد محمد سليمان فكان يشرف على عملية التوازن داخل الجيش والمؤسسة الأمنية والإشراف على البرنامج النووي السوري وقد استلم فيما بعد الملفات الخاصة التي كان يشرف عليها العميد إياد المحمود بعد إقصائه وإضافة الملفين العراقي والفلسطيني على الملفات المذكورة آنفاً بعد إبعاد الأخير كليا عن الملفات الخاصة التي يشرف عليها بعد الإنقلاب الأبيض الذي حصل في العام 1999بعدإستفحال المرض بالرئيس والذي قاده العميد بهجت سليمان مستغلا علاقة القرابة مع الرئيس حافظ الأسد ( ابن عمة الرئيس ) حصل ذلك بالتعاون مع اللواء هشام أختيار ذي الأصول الإيرانية والذي أصبح رئيسا لمكتب الأمن القومي وعضوا في القيادة القطرية لاحقا والذي قاد هو واللواء محمد ناصيف خير بيك الذي استلم الملفات الخاصة بعد اغتيال الشهيد محمد سليمان وعُيِّنَ نائبا لنائب رئيس الجمهورية وكذلك آصف شوكت عملية الإنقلاب و الإنحراف لاحقا باتجاه إيران في فترة رئاسة الدكتور بشار الأسد بشكل خطير بعكس ما كانت عليه سورية قبل رحيل الرئيس الأسد .
أما اللواء ( ع . ع ) الذي كان يعرف بالأخطبوط فقد ظل بعيدا عن الأضواء وبعيدا عن العلاقات الشخصية التي سعى إليها معه أكثرية الساعين إلى المال والجاه والمقاعد الأمامية دون جدوى .
بعد مباشرة العميد إياد المحمود عمله في السفارة إستطاع نسج علاقات واسعة مع رموز الثورة الإيرانية بمساعدة كل من الشخصية العراقية ( ع . ع ) والمسؤولين الإيرانيين من حملة الجوازات السورية قبل انتصار الثورة الإيرانية وبسبب الصراع الداخلي الإيراني الذي لم تكن سورية طرفا فيه بين قوى الثورة التي تمثل خط الإمام الخميني وهي المؤسسة الدينية المحافظة وأداتها الحرس الثوري وبين القوى التي كانت تعمل على تحويل الثورة إلى نظام وفتح قناة مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب بعامة والمتمثل بالثنائي علي خامنئي رئيس الجمهورية وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى ومن معهما .
كانت سياسة الأسد الأب و ( الفريق الروسي ) تقوم على إرساء علاقة متوازنة بين القوى الإقليمية والدولية مع ثبات العلاقة الإستراتيجية مع الإتحاد السوفييتي آنذاك و استقلال القرار السياسي العربي السوري وعدم السماح لأي جهة بفرض وجهة نظرها على القرار السوري المستقل .
بدأت الضغوط على العميد إياد المحمود والعمل على محاصرته داخل السفارة السورية ومنعه من التحرك على عدد من القادة الإيرانيين خارج الأطر الرسمية البيروقراطية بعد رفض الرئيس الأسد عدة دعوات لزيارة إيران وعدم إنخراط سورية إلى جانب إيران في الحرب مع العراق وفي إحدى الليالي وبينما كان السيد إياد المحمود عائدا إلى منزله كانت بانتظاره سيارة إسعاف تقف قريبا من باب منزله وبعد نزوله من سيارته هاجمه عدد من الرجال فأطلق طلقتين من مسدسه عيار 9 ملم باتجاههم أصابت إحداهما أحد المهاجمين في بطنه فقيّده المهاجمون ومددوه على بطنه في سيارة الإسعاف وجلسوا بأحذيتهم فوقرأسه وظهره وهم يكيلون له سيلا من الشتائم البذيئة له وللرئيس الأسد بالإضافة إلى التهديد بموته في حالة وفاة الشخص المصاب .
كانت زوجة إياد المحمود قد خرجت على صوت إطلاق النار وشاهدت بأم عينها إختطاف زوجها فاتصلت فوراً بالرئيس حافظ الأسد فهي قريبته أيضا بالإضافة إلى كونها زوجة ابن أخيه فاتصل فورا بعبد الحليم خدام الذي كان وقتها وزيرا للخارجية ووجهه بالإتصال بالخارجية الإيرانية وتبليغها بأن سورية ستقطع علاقتها نهائيا بإيران ما لم يعد إياد المحمود إلى سورية خلال 24 ساعة وفعلا تم إطلاق سراح إياد المحمود وعاد هو وعائلته إلى سورية .
إن الذي أشرف على خطف إياد المحمود وشارك فيه هما قاسم سليماني قائد فيلق القدس الحالي ومصطفى مصطفوي مسؤول الإغتيالات في فيلق القدس حيث كانا يعملان وقتذاك تحت إمرة محسن رفيق دوست أحد قادة الحرس الثوري والذي سطا هو وجماعته على منشآت الميرة العامة التابعة للجيش الإيراني بعد انتصار الثورة والتي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات آنذاك والذي تم إنهاء علاقته بالحرس الثوري بعد ارتباطه بخامنئي حيث سمي وزيرا لشؤون الحرس الثوري وتم فصله من قيادة الحرس لأن قيادة الحرس الثوري كانت وما تزال تختلف مع خامنئي فهو تنظيم ثوري كان موجودا قبل انتصار الثورة وظل ولغاية الآن بعيدا عن سلطة علي خامنئي فيحيى رحيم صفوي (القائد ) السابق للحرس الثوري و( القائد ) الحالي محمد علي جعفري المعينيَن من خامنئي لا علاقة لهما بالحرس كتنظيم منذ نشأته ولغاية الآن وهذه القيادة شكلية ( وهذاموضوع آخر مختلف عن الموضوع الذي نحن بصدد الحديث عنه حتى ن فيلق القدس الذي يُلصَقُ بالحرس الثوري لا علاقة له بالحرس الثوري فقد شكّله علي خامنئي بميزانية سنوية تقدر بأربعين مليار دولار لإقامة توازن مع جهاز اطلاعات الذي شكّله رفسنجاني من ضباط وعناصر وعاهرات جهاز السافاك المنحل عندما كان رئيسا لمجلس الشورى الذي هو جهاز السافاك بضباطه وعناصره وبغاياه ) .
بعد الحادثة المذكورة ظلت السفارة السورية محاصرة ومهملة حتى أن مصطفى مصطفوي خلع ذات مرة اللافتة الحديدية التي تحمل اسم السفارة العربية السورية ودعسها بحذائه ووجه لموظفي السفارة شتائم بذيئة وللرئيس الأسد وكان يأتي بين حين وآخر إلى السفارة ويوجه الشتائم إياها للموظفين وللقيادة السورية وكانوا يتصلون هاتفيا يالخارجية الإيرانية التي كان وزيرها علي أكبر ولايتي دون أن يرد أحد عليهم وقاموا بتوجيه عدة كتب رسمية إلى الخارجية الإيرانية ولكن أحدا من الخارجية لم يرد على الكتب المرسلة من السفارة في عملية مقصودة ومتعمدة ، في إحدى المرات كان مصطفى مصطفوي قدجاءهم كعادته فاتصلوا هاتفيا بالسيد ( ع . ع ) وشرحوا له معاناتهم من مصطفوي فجاء ( ع. ع ) ووبّخه وحذره من أنه سيخبر الإمام الخميني عن تصرفاته السيئة في حالة عاد ثانية إلى السفارة حيث أن سكنه ليس بعيدا عن مبنى السفارة السورية .
بعد ذاك و بمدة ليست بالقصيرة تم تعيين السيد إبراهيم يونس سفيرا لسورية في طهران وهو شخصية عروبية وعسكرية سابقة وهو أحد أصدقاء الرئيس الأسد ، وفي ساعة متأخرة من فجر إحدى الليالي فوجئ (ع . ع ) باتصال السيد إبراهيم يونس هاتفيا به يطلب منه الحضور فورا إلى منزله لأمر بالغ الأهمية ( لأنه غير قادر على الخروج من منزله في هذا الوقت المتأخر من الليل وغير قادر على زيارته في منزله ) ، فجاء ( ع . ع ) الى منزل السفير وفوجئ بخبر صاعق وهو أن إيران وافقت على إطلاق النار وأن الرئيس الأسد يطلب منه العمل على إلغاء هذا القرار قبل إعلانه وعندما سأل ( ع . ع ) السيد إبراهيم يونس من أين عرف الرئيس بقرار إيران بوقف إطلاق النار قال له من القيادة السوفييتية التي اتصل بها المرحوم ياسر عرفات من الفندق الذي كان يقيم فيه بعد نهاية اجتماع لجنة المساعي الحميدة مع مجلس الأمن القومي الإيراني الذي كان يتكوّن وقتذاك من ثلاثة أشخاص هم علي خامنئي رئيس الجمهورية وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس الشورى ومحمد حسين علي منتظري ممثل الإمام الخميني في المجلس ، وأضاف السيد يونس بأن السوفييت أبلغوا الرئيس الأسد بأن هذا القرار ليس في صالح سورية لأن صدام حسين سيهاجم سورية في حالة سريان وقف إطلاق النار وبالتالي فإن على الرئيس الأسد تعطيل هذا القرار إن كان بمقدوره ذلك وعلى هذا الأساس فقد اتصل بي السيد الرئيس وطلب مني إبلاغك بالعمل على تعطيل قرار وقف إطلاق النار .
اتصل ( ع . ع ) فورا بالمرحوم محمد حسين منتظري وسأله كيف تمّت الموافقة على قرار وقف إطلاق النار وكيف وافق هو على هذا القرار ، فاستغرب منتظري من الخبر وقال له أنا لا علم لي بهذا القرار ولم أشارك في المفاوضات وطلب من ( ع . ع ) الحضور فورا لمناقشة هذا الموضوع .
للمرة الأولى التي يحضر أحمد الخميني اجتماع مجلس الأمن القومي ، إذ كان لدى كل من خامنئي ورفسنجاني علم بموافقة صدام حسين على شروط لجنة المساعي الحميدة ومن هنا تم إحضار أحمد الخميني لإيهام محمد منتظري ممثل الإمام الخميني في مجلس الأمن القومي بأن نجل الإمام قد جاء إلى الإجتماع مرسلا من الإمام كي يتم إبعاد محمد منتظري عن الإجتماع وبالتالي تمرير قرار وقف إطلاق النار فأحمد الخميني كان حليفا لكل من خامنئي ورفسنجاني ضد معارضيهم في الثورة الإيرانية وكان له الدور البارز في تصفية خصوم هذا الثنائي وخاصة أثناء مرض والده ، وينقل السيد ( ع . ع ) بأن أحمد الخميني مات مسموما بعد دعوته على العشاء من قبل علي خامنئي بعد أن أن ذهب أحمد الخميني إلى قم والتقى بآية الله العظمى حسين علي منتظري واعترف له كيف تآمر مع خامنئي ورفسنجاني على إبعادة عن خلافة والده حيث كان ينقل له كلاما مزورا من الإمام الخميني وكيف كان يزوّر كلام منتظري وينقله للخميني حيث اعتبر الشيخ حسين منتظري إعدام سيد مهدي هاشمي عملية إنتقام من الأخير لأنه أوصل له شريط الكاسيت لتفاصيل إجتماع خامنئي ورفسنجاني بروبرت مكفرلين في طهران الذي جاء بصفة مهندس طيران بجواز سفر كوري جنوبي والذي قام بنقل الشريط إلى الإمام الخميني فاتصل بخامنئي وهدده بأن لم يغادر مكفرلين خلال ست ساعات فسيأمر باعتقال الإثنين .
قال المرحوم محمد حسين منتظري : تم إبلاغي بموعد الإجتماع مع لجنة المساعي الحميدة وقبل بدء الإجتماع بدقائق فقط دخل السيد أحمد الخميني لحظور الإجتماع وهو لا علاقة له بمجلس الأمن القومي فاعتقدت أن الإمام الخميني هو الذي أرسله ليمثله في الإجتماع وأنه مزوّد بتوجيه وقرار من الإمام ذاته فجلست جانبا ولم أشارك في المناقشات وكنت أرتب وأراجع بعض التقارير الخاصة بي !! .
طلب المرحوم محمد منتظري من السيد ( ع . ع ) الذهاب فورا إلى قم الى آية الله العظمى حسين علي منتظري لتعطيل القرار ( لأن والدي يسمع كلامك أكثر مني ) هذا ما قاله محمد منتظري للسيد ( ع . ع ) وأضاف : أنا سأذهب إلى السيد محسن رضائي قائد الحرس الثوري وسنكون بانتظاركي يصدر الحرس الثوري بيانا يعلن فيه رفضه لوقف إطلاق النار ، ولأن الإثنين ( ع . ع ) ومنتظري هم أعضاء قيادة الحرس الثوري ومن القادة المؤسسين له حتى قبل انتصار الثورة لأن الأسلحة التي كانت تُستلم من قيادة الثورة الفلسطينية في لبنان وتحديدا المرحوم خليل الوزير وتمرّ عبر سورية وتركيا إلى إيران كانت تذهب إلى خلايا التنظيم العسكرية التي كانت تواجه جهاز السافاك في المحافظات الإيرانية قبل انتصار الثورة الإيرانية والتي أصبحت بعد الثورة القوة الأساسية التي تحمل اسم الحرس الثوري .
ذهب السيد ( ع . ع ) إلى قم وايقظ آية الله العظمى حسين علي منتظري من نومه وشرح له تفاصيل الإتفاق وأبدى منتظري استغرابه مما حصل وامتعاضه من عدم علم القيادة الإيرانية وأخذ رأيها في قرار خطير كهذا فاتصل بوكالة الأنباء الإيرانية وطلب منها إذاعة بيان باسم القيادة الإيرانية فورا تعلن فيه رفض إيران لوقف إطلاق النار وهكذا تم تعطيل قرار الثلاثي ( خامنئي / رفسنجاني / أحمد الخميني ) ، وكان لتداعيات هذا القرار انعكاسات خطيرة مستقبلا على المسار السياسي في إيران حيث عمل هذا الثلاثي على تصفية خصومهم وإبعاد آية الله العظمى حسين منتظري عن خلافة الإمام الخميني … إلخ ، ومنع الحرس الثوري من التدخل في الشأن السياسي الداخلي والخارجي .
في إحدى المرات جاء عناصر من اطلاعات على أحد الفنادق في طهران لاعتقال أحد أعضاء القيادة القومية من العراقيين وكان خارج الفندق مدعوا على الغداء في منزل أحمد موحدي فأخبر السفير السوري إبراهيم يونس الرئيس حافظ الأسد بالأمر فأرسل عبد الحليم خدام إلى طهران وحذّر علي أكبر ولايتي من أن أي تصرف من هذا القبيل سيقود إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران ودمشق وقد ثبت بالدليل القاطع بأن هذا الشخص كان على علاقة بمخابرات صدام حسين منذ نهاية العام 1981 حيث صفّت مخابرات صدام حسين إثنين من أشقائه وخشي هو من التصفية فارتبط بالمكتب السوري التابع للقيادة القومية في العراق وأخذ ينسّق مع عناصر المكتب السوري التابعين للنظام العراقي داخل سورية ذاتها .
لقد خدع السوفييت الرئيس حافظ الأسد بأكذوبتهم بأن صدام حسين سيهاجم سورية فيما لو تم وقف إطلاق النار والهدف من وراء هذه الأكذوبة هو خشيتهم من ازدياد دعم المملكة العربية السعودية للجهاديين في أفغانستان في مواجهة القوات السوفييتية هناك فيما لو توقّفت الحرب العراقية الإيرانية ، وقد ظل الأسد متمسكا بوحدة التراب العراقي وظل واقفا ضد احتلال إيران للتراب العراقي وقد التقى بصدام حسين في الأردن في العام 1986 بعد احتلال الفاو مباشرة وطرح عليه فكرة إنشاء إتحاد مشرقي يضم العراق وسورية والأردن ولكن صدام حسين رفض الفكرة من أساسها .
وبعد وفاة الإمام الخميني لم يرسل الرئيس حافظ الأسد أي مسؤول رسمي سوري بل أرسل شقيقه الفلاح بكوفيته وعقاله معزيا إلى طهران حيث اتصل السفير السوري بالسيد ( ع . ع ) وأخبره بأن هذا هو شقيق الرئيس جاء معزيا بوفاة الإمام الخميني نيابة عن الرئيس الأسد وأخذه السيد ( ع. ع ) إلى مجلس الفاتحة .
أذكر حادثة جانبية وهي أن سفير إيران لدى سورية علي أكبر محتشمي إحتج لدى وزارة الخارجية السورية في تمانينيات القرن الماضي على تدريس مادة ( عربستان ) في المرحلة الإبتدائية على أنها من الأراضي العربية المغتصبة فحوّلت الخارجية السورية مذكرة الإحتجاج إلى الرئيس فعقّب الرئيس الأسد عليها : هذا شأن داخلي سوري داخلي وعلى السفير إحترام سيادة سورية وقرارها المستقل أو أن يغادر البلاد .
هذا باختصار شكل العلاقة السورية الإيرانية في ظل عهد الرئيس الأسد الأب ، ويستطيع الواحد منا أن يقرر أن وصلت سورية بعلاقتها بعد رحيل الأسد الأب فثمة تفاصيل خطيرة عما وصلت إليه هذه العلاقة وكيف تحول عدد من القادة الأمنيين إلى مخبرين لدى اللواء قاسم سليماني وإلى ارتباطهم بمكتب علي خامنئي وبمكتب نوري كامل المالكي الذي كان يرتبط هو بمكاتبهم في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي !! ….. وللحديث ( بقية ) ! .
سرحان الزبيدي