موريتانيا: هل تسعى فرنسا لإعادة رسم الخارطة السياسية قبل 2019؟ | صحيفة السفير

موريتانيا: هل تسعى فرنسا لإعادة رسم الخارطة السياسية قبل 2019؟

اثنين, 21/11/2016 - 08:16

أحداث متلاحقة في نواكشوط وباريس وواشنطن تؤشر لبداية قطيعة وشيكة بين النظام الحاكم في موريتانيا وحلفائه الغربيين؛ يرى مراقبون أنها قد تمهد لسعي جدي لتغيير النظام؛ أو الضغط عليه في اتجاه إقرار إصلاحات وتغييرات جذرية كبدء مرحلة انتقالية قبل نهاية المأمورية الحالية.

بعد بيان السفارة الفرنسية الذي رد عليه الناطق الرسمي باسم الحكومة بالاستغراب واعتبره غير ودي؛ جاء بيان من السفارة الأمريكية ما لبث أن تلاه بيان آخر على موقع وزارة الخارجية الأمريكية؛ أعادت السفارة في نواكشوط إرساله تحذيرا للرعايا الأمريكيين في موريتانيا من قيادة سياراتهم ، حيث لا يعتبر الأمر آمناً بسبب رداءة الطرق و عدم تقيد السائقين الموريتانيين بقواعد السير.

و حذر التعميم الأمريكيين المقيمين في نواكشوط من الدخول في مشادات كلامية أو جسدية مع السائقين الموريتانيين أثناء المرور، و الانتقال عند الضرورة لأقرب مركز شرطة، معتبرة أن القيادة في موريتانيا قد تكون خطرة.

وسبب موقع الخارجية الأمريكية التعميم بالقول إن سيارة تابعة للسفارة الأمريكية في نواكشوط صدمت عمدا بسيارة أخرى كما تمت مضايقة ركابها.

ورسم التعميم صورة سوداوية عن الوضع الأمني في موريتانيا واصفا “النشاط الإجرامي العنيف بالمستمر في نواكشوط” و أن عمليات السطو المسلح تحدث في المنازل و في الشوارع المزدحمة في رابعة النهار، و أن استخدام السكاكين و الأسلحة البيضاء أصبح أكثر شيوعا.

و حذر التعميم الموظفين الرسميين من المشي من و إلى العمل، ناصحاً بعدم المشي عموماً و خاصة في حالات انفرادية.

و دعا التعميم الرعايا الأمريكان لمراجعة خطط أمنهم الشخصي، و متابعة المستجدات على الساحة المحلية، و توخي الحذر و اتخاذ الخطوات اللازمة.

 

في عاصمة الأنوار باتت قناة فرانس 24 شبه الرسمية تسلط الأضواء بشكل لا يبدو بريئا على الملفات المزعجة لنظام نواكشوط؛ مثل ملف حقوق الانسان واستضافت القناة واسعة الانتشار بيرام ولد اعبيد في مقابلة استمرت لساعة تلفزيونية؛ في ثاني استضافة له في ظرف شهر.

الدور نفسه لعبته قناة آفريكا 24 الممولة جزئيا من الخارجية الفرنسية باستضافاتها المتكررة لرئيس منظمة "لا تلمس جنسيتي" وان بيران؛ كرسالة صريحة لسلطات نواكشوط  بأن المعركة بدأت إعلاميا على الأقل.

 

وموازاة مع ذلك رفع المحامون الفرنسيون عن 13 ناشطا موريتانيا ضد العبودية إلى المحكمة العليا في باريس، شكوى من "التعذيب والمعاملة القاسية".

المحامي وليام بوردون قال إن التهمة الموجهة للمعتقلين ليست سوى غابة من الدخان لإخفاء انتهاكات النظام، مضيفا أن جريمة المعتقلين ليست سوى أنهم يحاولون إنهاء ممارسات تعود للقرون الوسطى.

"بوردون" قال إن ما هو مثير جدا في هذه المحاكمة، هو معاقبة أولئك الذين ينبغي أن يحتفي بهم أولئك الذين يحاولون وقف هذه الممارسة التي لا يمكن استمرارها، يتم تجريمهم بعد محاكمة هزلية من نظام تقوده مجموعة تقوم بالخلط بين الأموال العامة والأموال الخاصة، وما المحاكمة إلا محاولة لإدامة النظام الذي أصبحت فيه السلطة سلما للثراء.

وعودة إلى نواكشوط لا يدخر الدبلوماسيون الغربيون جهدا في الضغط على النظام بشأن محاكمة ولد امخيطير المحرجة داخليا وخارجيا بسبب الحشود الغاضبة للنبي صلى الله عليه وسلم المطالبة بإعدام المسيء والضغوط الغربية؛ وأيا يكن الموقف فهو يخدم محاولات باريس وواشنطن لتضييق الخناق على النظام بغرض عزله أو فرض عزلة عليه محليا أو دوليا.

ويعتقد محللون أن اهتمام النظام الكبير مؤخرا بتاريخ المقاومة الوطنية وجرائم الاستعمار الفرنسي يتجاوز الدوافع الوطنية الصرفة والتحضير للاستفتاء؛ إلى محاولة رد على ما يصفه أركان النظام في المجالس الخاصة بالاستفزازات الفرنسية؛ المتمثلة في التنسيق الواضح مع معارضي النظام بل واحتضانهم.

فهل استطاع الفرنسيون وحلفاؤهم في المعارضة الموريتانية إقناع الأمريكيين بأن يلعبوا لصالحهم دور فك الكماشة الآخر في سعيهم إلى الإجهاز على نظام ولد العزيز؟

مهما يكن فلم يعد سرا منذ بعض الوقت أن توتر علاقات باريس ونواكشوط وصل مرحلة اللاعودة؛ ما يمكن أن يمهد لمحاولات غير ودية لا يمكن التكهن بسقفها.

السفير