لقد أخذ خيار التصحيح طريقه على أكثر من مستوى، وكان من رجال التصحيح الذين أبلوا بلاء حسنا واستطاعوا الوقوف بحزم في وجه العواصف التي كانت تستهدف المساس بأمن الدولة وتحريف مسيرتها في وقت تألبت عليها القوى الخارجية مع خونة الداخل العقيد "اعل ولد محمد فال" الذي تمكن بفضل خبرته وتجربته من معالجة حكيمة لبؤر التوتر وهذا ما جنب البلاد التورط في صراعات هي في غنى عنها. ففي مثل هذه الظروف تعرف قيمة الرجال أما عندما يكون البحر هادئا فقبطان كل باخرة جيد.
ما كان تلك ليتحقق لولا الفضائل الشخصية التي يتحلى بها كالحنكة والمزاج الهادئ والخلق النبيل والولاء الدائم للوطن، كل هذا جعله موضع ثقة رئيس الجمهورية السيد معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع.
كذلك كان العقيد "أحمد بن منيه" -تغمده الله برحمته- أحد فرسان هذه الحركة، حيث اطلع بدور كبير إلى جانب زملائه في إنقاذ سفينة البلاد الجانحة، وقد أهلته مكانته الاجتماعية وتجربته العسكرية وعلاقاته الواسعة وخبرته الطويلة والمتنوعة لأن يكون أحد أقطاب نهج الإصلاح وواضعي أسس دولة القانون.
لقد جمعت أواصر الصداقة بينه وبين الرئيس معاوية بن سيد أحمد الطايع واتفقا على أن يخوضا غمار معركة الديمقراطية لترسيخ مكاسب حركة التصحيح وبناء مؤسسات دستورية في جو من الانسجام والتفاهم، كان في كل ذلك وفيا لمبادئ وأفكار رفيق دربه سواء كقائد عسكري أو وزير فهو في كل ذلك رجل قوي رزين وفي، ذلك ديدنه إلى أن لقي ربه سنة 1998م، وقد صدق عليه قول الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان
فأرفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان
لقد غادر الحياة على نهج الاستقامة والورع وشهد له بذلك كل من عاشرهم أو لقيهم (ومن شهد له اثنان بالخير وجبت له الجنة) كما في الحديث، سيما من شهد له خلق كثير.
كان يال عبد الله رحمه الله أيضا أحد المخططين للحركة التصحيحية تعرفت على ذلك الضابط سنة 1970 وكان خلوقا متدينا، متزنا شديد الوطنية. تقلد مناصب سامية في قيادة أركان الجيش والدرك وفي الحكومة، ظل حتى آخر أيامه وفيا لرئيس الجمهورية وللنهج التصحيحي والحمد لله أن من بين أفراد أسرته من هم قادرون على مواصلة هذا النهج