في عام 1990 تم إنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي وفي 15 ابريل 1991 أعلن رئيس الجمهورية في خطاب بمناسبة عيد الفطر المبارك عن عزم القيادة الوطنية على وضع دستور للبلاد وانتهاج التعددية الحزبية.
وفي 20 يوليو صدر الأمر القانوني المتضمن لمشروع الدستور وعرض على الشعب في استفتاء عام نظم في 12 يوليو من سنة 1991م، وصادق الشعب الموريتاني بأغلبية 97,94% على وثيقة الدستور.
وفي 20 يوليو أعلنت اللجنة العسكرية للخلاص الوطني موافقتها على الأمرين القانونيين المتعلقين بحرية تكوين الأحزاب وحرية الصحافة وفي 6 أكتوبر 1991 صدرت القوانين النظامية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية ونواب الجمعية الوطنية وأعضاء مجلس الشيوخ، وفي 5 نوفمبر من نفس السنة ظهرت القوانين المحددة لسير الحملات لانتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء الغرفتين البرلمانيتين.
في 12 من ذات الشهر صدرت المراسيم المتضمنة لدعوة هيئة الناخبين وتم تحديد موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية وفي 24 منه أصدرت المحكمة العليا شكلية التصريح بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
لقد قررت القيادة الوطنية بهذه الإجراءات المتتالية فتح باب الحريات الديمقراطية، وكان قرارا نابعا من وعي عميق بما تقتضيه المرحلة.
أصبحت البلاد تنعم بالأمن والاستقرار وتشرئب إلى مزيد من التحرر وتعالت أصوات الجماهير معلنة رفضها العودة إلى نفق التخلف.
لقد استقبل هؤلاء الانفتاح الديمقراطي بنوع من الاندهاش والحيرة بين مؤمن بحتمية نجاح التجربة وبين مشكك قلق على المستقبل وعلى كل حال فالعالم يبدو مظلما دائما لمن يغمض عينيه.
ظن البعض أن الحكمة تقتضي الانتظار حتى يصبح بإمكان الشعب ممارسة الديمقراطية وقبل ذلك يجب أن يتمرن على تعاطي أشكال محدودة من الممارسة الديمقراطية غير المباشرة تجنبا للفوضى التي وقع فيها آخرون.
لقد كان سيادة الرئيس معاوية بن سيد أحمد الطايع متفهما لطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد ومدركا لأبعاد الممارسة الديمقراطية حين أوضح "إن الدستور حدد ضوابط وأسس الديمقراطية التي نعيشها حيث أصبح الشعب أفرادا وجماعات ينعم بالحرية دونما حدود غير تلك التي يضعها القانون ويقتضيها الصالح العام وتشكلت الأحزاب السياسية وظهرت عشرات الصحف والمجلات كما اكتمل تنصيب المؤسسات الدستورية التي تزاول مهامها في إطار من الانسجام والمسؤولية".
وأبرز في هذا الخصوص أن واجب الشعب ليس فقط خوض غمار هذه التجربة بكل حرية وسكينة وإنما صيانتها والحفاظ عليها لأنها "مكاسب شعب بأكمله –يقول سيادته- بكل فئاته وقواه الحية.. وبقدر مما استدعى تحقيق هذه المكاسب بالأمس مشاركة الجميع بقدر ما استلزم الحفاظ عليها اليوم تعبئة كل أبناء الوطن الغيورين عليه وعلى مصالحه العليا".