«القدس العربي»: أثار مشروع بحثي مشترك بين جامعة كامبريدج ومركز الجزيرة للدراسات
حول الإعلام في مراحل الانتقال السياسي، واتخذ من تركيا والمغرب وتونس نموذجاً، سجالاً حاداً بين باحثين تناولوا الظاهرة ونشطاء بعضهم محسوب على حزب العدالة والتنمية المغربي.
وجمع المؤتمر بحوثاً أصلية أجراها فريقان بحثيَّان منفصلان، أحدهما مقرُّه في المغرب، والآخر في تركيا، شاركا في مشروع توأم بين مركز الجزيرة للدراسات وجامعة كامبريدج، ليلتئم شمل الفريقين للمرة الأولى من خلال المؤتمر.
البرنامج البحثي الأول للمشروع انطلق في عام 2013، بعنوان «الإعلام في مرحلة التحول السياسي في جنوب البحر الأبيض المتوسط». وقد ركَّز العام الأول من البحث على وسائل الإعلام في تونس بعد الثورة، وفي عام 2014 تم توسيع المشروع بشكل كبير، بفضل دعم مؤسسة شبكة الجزيرة الإعلامية، مما أتاح للفريقيْن البحثيَّيْن إجراء أبحاث مماثِلة حول الإعلام في مرحلة الانتقال السياسي في كلٍّ من المغرب وتركيا. وهدف المشروع انطلاقاً من الحالات الثلاث إلى دراسة مقارِنة لأنظمة الإعلام في البلدان المطلَّة على البحر الأبيض المتوسط، على أساس نفس المداخل البحثية (البنية والوظيفة والوكالة)، وعلى هدي نفس الموضوعات: حرية الإنترنت والمراقبة، والخطاب السياسي، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي، وقضايا النوع على شاشة التلفزيون وفي الحياة العامة، والكفاءة المهنية والحزبية للقطاع، وظهور وسائل الإعلام الإسلامية، والمنافسة الداخلية بين النخب السياسية للاستفادة من وسائل الإعلام لأغراض تخصصية.
وبالنظر إلى الحساسية من التعاطي مع الملف في دول مثل تركيا والمغرب، التي وصلت إلى سدة الحكم فيها أحزاب ذات مرجعية إسلامية اعترض بحث المتدخلين على ما اعتبروه تجنياً على مكتسبات تحققت في ظل هذه الحكومات ذات الطابع الإسلامي.
ولم تمر مداخلة الباحثين المغاربة مرور الكرام حيث واجههم نشطاء ينتمون لحزب العدالة والتنمية وادعوا عليهم أن حكومة عبد الإله بن كيران السابقة لم تقم بأية ممارسات قمعية في حق الإعلام ولم تصادره.وتحدث المدون المغربي عما وصفه تجاوز الحقائق بخصوص تجربة حزبه تعليقا على بعض الأوراق البحثية. واستعرض الدكتور زايد بوزيان من جامعة الأخوين في مداخلته بنية الإعلام في التحول السياسي في المغرب مشدداً على ظهور فجوة رقمية، وبروز مجتمع الرقابة، وتحوُّل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قوى التغيير إلى أدوات القمع في يد الدولة. أما الباحثة سامية الرزوقي فتحدثت عن عيون المراقبة والرقابة على الإنترنت وصحافة المواطن في المغرب، وتغيَّر ردُّ فعل الدولة على ظهور هذه الأشكال الجديدة للإعلام من خلال ابتكار أشكال جديدة للرقابة، والمراقبة، ومعايير قانون الصحافة.
وكان لمشاركة باحثين معقِّبين، وحضور أكاديميين من المهتمين بالموضوع، إسهام جلي على مستوى المؤتمر الذي أسهم في تقديم أوراق علمية دقيقة حول إشكالية الإعلام في الدول التي تشهد انتقالاً سياسياً.
وتزامن انعقاد المؤتمر مع احتفال مركز الجزيرة للدراسات بذكرى تأسيسه العاشرة والتي نظمها في ختام أعماله بحضور مدير عام الشبكة الدكتور مصطفى سواق ومسؤولين وباحثين من عدة مناطق.
وقال المدير العام لشبكة الجزيرة بالإنابة في كلمته إن مركز الجزيرة للدراسات كان في بؤرة اهتمامه الشخصي عندما تولى إدارة قناة الجزيرة الإخبارية، ثم إدارة شبكة الجزيرة الإعلامية بالوكالة، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ويظلّ المركز محل اهتمام الإدارة العليا ورعايتها وعنايتها، كما كان لحظة التأسيس.
وأضاف: «إن مركز الـجزيرة للدراسـات أُنشِئ في الأصل ليكون أحد أدوات دعم شبكة الـجزيرة الإعلامية وخدمتها عبر المساعدة البحثية لتقـديم تغطية إخبارية وبرامجية أكثر عمقاً، أو ما نـطلق علـيه في الشبكة «صحافة العمق» أو «التغطـية العميـقة»، مع التـركيز على «السيـاقات»، التــي تؤطر هذه التغطية، وتعطي للأخبار دلالاتـها ومعـانيها، وأرجـو أن تسـتفيد منـصاتنا الرقــمية أيـضا من خـدمة المـركز بالـشكل الذي يناسـبها».
وأكد الدكتور صلاح الدين زين، مدير مركز الجزيرة للدراسات، إن المركز تبنى خلال هذه الفترة مقاربة تحليلية موضوعية لقضايا المنطقة، وأسهم بشكل كبير في أن تتخذ المنطقة زمام المبادرة، للتفكير في قضاياها، بدلاً عن مراكز البحثية الغربية. وقال إن المركز كان سباقاً في طرح القضايا الهامة على بساط البحث والتفكير، كما أسهم في تعزيز الحوار والتفاهم، عبر مؤتمراته ومنتدياته وندواته، وطور تجربة فريدة للدعم البحثي والتكامل مع قنوات الشبكة، كما نجح المركز في بناء شبكات بحثية مميزة مع العديد من المراكز، وخطا خطوات واسعة في مجال النشر والوصول للمعلومات».
وشهد الحفل تقديم فيلم وثائقي، يحاكي قصة تأسيس مركز الجزيرة للدراسات، تضمن شهادات لمدرائه السابقين، وأكاديميين وخبراء، حول رسالة المركز، والدور الذي قدمه خلال 10 أعوام، ما جعله يقفز إلى المرتبة الخامسة بين أفضل مراكز البحوث الاستراتيجية دولياً، خلال فترة وجيزة. كما تم تكريم عدد من الجهات والمؤسسات التي ساهمت في دعم المركز، بينها مراسل «القدس العربي» وغيرها من المؤسسات التي دعمت رسالته.