«القدس العربي»: خسارة لبنانية مزدوجة فنيّاً ونقابياً تمثّلت برحيل النقابي المناضل والممثل سليمان الباشا، أحد مؤسسي نقابة الفنانين وصندوق التعاضد للمنتسبين إليها، ابن دميت الشوف، الذي غيّبه الموت عن عمر يناهز 91 عاماً هو الذي كان من أوائل الممثلين في لبنان والذي اشتهر بلعب أدوار الأب المتشدّد أو الرجل الجبلي المثالي المتمسك بالعادات والتقاليد.
له العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي صنع من خلالها مع اوائل الممثلين مجداً تختزنه الذاكرة الحلوة للبنانيين، هو الذي عشق الفنّ لأنه يقّربه من الناس ويجعله محبوباً فبرزت موهبته على مسرح مدرسة «رأس بيروت العلْوي»، منذ أن كان في السادسة من عمره، والتحق لاحقاً بفرقة عبد الحفيظ محمصاني من دون أجر، وهناك تعرّف إلى موسى خاشو وإلى وجوه أخرى لعبت في ما بعد دوراً بارزاً على الساحة الفنية في لبنان، وبعد أشهر قليلة على انضمامه إلى الفرقة، مثّل الباشا في مسرحيّة «فيرجيني» المأخوذة عن رواية «بول وفيرجيني» للأديب الفرنسي برناردين دو سان بيار، كما كانت لديه أعمال عديدة مع رائد المسرح الجوّال جلال خوري وابرزها «جحا في القرى الأمامية» و»القبضاي» و»الرفيق سجعان» ووقف على خشبة المسرح مع نضال الأشقر، وأنطوان كرباج وليلى كرم في مسرحية أخرجها برج فازليان، وكتب موسيقاها زياد الرحباني عن نصّ التركي خلدون ثائر بعنوان «أبو علي الأسمراني».
وبعد ثلاث سنوات على تأسيس «تلفزيون لبنان» سنحت له الفرصة للمشاركة في مسلسل «تحت السنديانة» إلى جانب الفنانة نزهة يونس التي كانت زميلته في فرقة محمصاني والتي اتصلت به ليلعب دور الاب، فشارك فيه إلى جانب نزهة وشقيقتها هيام وإحسان صادق، والراحل إيلي صنيفر، وغيرهم.
وبعدها شارك في برنامج «صندوق الفرجة» مع احسان صادق لتكرّ سبحة التمثيل في «حكمت المحكمة» و»كانت أيام»الى أن ترسّخ حضوره في ذاكرة التلفزيون من خلال مشاركته اللافتة في مسلسل «أبو ملحم» للفنان أديب حداد وزوجته سلوى (أم ملحم) الذي ظلّ يعرض بنحو متقطّع بين عامي 1967 و1976.
آخر أعماله الفنية مسلسل «شيء من القوة» لـ «إيلي معلوف» بعد ان توقف عن التمثيل في العام 2007.
والى جانب العمل الفني لمع صيت الباشا في العمل النقابي هو الذي انتخب نقيباً لعمال الكوي والتنظيف وبعدها مديراً لمغاسل فنادق «كومودور» و»كابيتول» في لبنان، كما انتسب في العام عام 1951 إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي» وركّز عمله الحزبي على الاهتمامات النقابيّة، ما أهلّه ليصبح مسؤول النقابات داخل الحزب.
وقد نعى الفنان القدير الذي ووري الثرى في بلدته دميت كل من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي وجبهة التحرر العمالي ونقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون.
وبرحيله يفقد الفنّ اللبناني ركناً أساسياً من أركانه المسرحي والتلفزيوني.