مرة أخرى يتبرع "الثلاثي المرح" بدليل إضافي –لمن لا يزالون بحاجة لدليل- على أن أوساطا متنفذة في النظام، أصبحت تعمل ضده بشكل مكشوف مركزة كل اهتماماتها على خلق المتاعب لرئيس الجمهورية وإظهاره بمظهر "الرئيس المهزوز صاحب المواقف المتناقضة" العاجز عن الوفاء بأي تعهد يقطعه أمام شعبه.
فبعد أن اكتشف الرئيس الفخ الذي نصب له لدفعه إلى خوض استفتاء شعبي في ظروف غير مواتية وقرر التوجه نحو مؤتمر برلماني لتخفيف الأضرار، ظهر "الثلاثي المرح" في حركة التفافية وإن كانت مكشوفة هذه المرة، لضرب عصفورين بحجر واحد: أي تفكيك الأغلبية البرلمانية الداعمة للرئيس وإغضاب المعارضة المشاركة في الحوار.
وبدرجة كبيرة من المهارة، حبك الثلاثي خطته ونفذها بنجاح من خلال دعوة الوزير الأول لأعضاء غرفتي البرلمان بحضور كل من وزير الاقتصاد والمالية ورئيس الحزب الحاكم، حيث تم انتقاء طريقة التنظيم المناسبة والخطاب والتوقيت الضروريين لاستفزاز وإثارة غضب البرلمانيين ولتوجيه رسالة استخفاف إلى المعارضة المشاركة في الحوار قبل ساعات من موعد اجتماعها بممثلي الأغلبية.
بلغ الاستفزاز أوجه حين أرغم رئيس ائتلاف الأغلبية على مغادرة الدعوة رافضا تجرع الإهانة، وتواصل مع "التوجيهات الفوقية" الصادرة من السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية ولم ينته بالإقحام المشبوه لوزير الاقتصاد والمالية في المسرحية ولا بعدم إتاحة الفرصة ولو لبعض البرلمانيين لطرح استفساراتهم حول الدروس التي قدمت لهم كأبسط حق يتمتع به التلاميذ تجاه مدرسيهم.
هنيئا للثلاثي المرح على براعته وعلى روح التحدي التي بات ينعم بها وإن بقيت ملتحفة بغطاء شفاف من التملق لم تعد لعباراته أي معنى حتى لدى من يتلفظون بها لكيلا تتجاوز حناجرهم.
هنيئا لهم على تجاسرهم واقترابهم أكثر فأكثر من جحر الأفاعي ليواجهوا مصيرا طال انتظاره وأصبح مرئيا لدى الجميع.
قد يتعجب القارئ حول الأسباب التي تدفع هذا الثلاثي إلى معاداة رئيس منحهم ثقته وقلدهم أسمى المناصب في نظامه، غير أن العجب يزول حين نعلم أن مصير الثلاثي مرتبط بتنظيم الانتخابات البلدية والنيابية التي يصر الرئيس على تنظيمها منذ سنوات ويصر الثلاثي على وضع العقبات أمامه حتى لا ينجح في ذلك، أي حتى لا يجد المبرر للتخلص منهم.
السفير