"كروان الفن وبلبله"، "معانا ريال"، "بحلق لي"، "اتمخطري ياخيل" ..أغنيات ترسخت في وجدان أجيال مختلفة بصوت فيروز الطفولي الرنان، سواء ممن عاصروا ميلادها الفني، أو من لا يزالوا يستمتعوا بمشاهدة أعمالها الفنية التي تجمع فيها بين مواهب التمثيل والغناء والرقص.
وتحل اليوم الذكرى الأولى لرحيل "الطفلة المعجزة" عن عمر يناهز 72 عاما، والتي لم تعرفها الشاشة إلا طفلة حيث اعتزلت العمل الفني بعد قصة نجاح مبهرة بدأتها في السابعة من عمرها، ولم تستمر أكثر من 9 سنوات.
*نشأتها
ولدت فيروز في 15 مارس عام 1943 لأسرة مصرية من أصل أرمني، واسمها الحقيقي "بيروز آرتين كالفايان"، وهي الشقيقة الكبرى للفنانة نيللي وابنة عمة الفنانة لبلبة.
اكتشفها صديق والدها الفنان السوري إلياس مؤدب حيث كان يعزف في إحدى الزيارات لهم على الكمان بالمنزل وكانت ترقص على الموسيقى التي يعزفها ولفتت انتباهه.
وألف ولحن إلياس مؤدب مونولوج لفيروز لتغنيه وحدها، واصطحبها في إحدى الحفلات المنزلية التي كان يغني بها لتؤدي المونولوج وأبهرت الحضور، مما دفعه لإشراكها في مسابقة مواهب في ملهى الأوبيرج الليلي وأدهشت الحضور للمرة الثانية.
وكانت هذه هي نقطة انطلاقها في عالم الفن حيث انهالت عليها العروض من المنتجين ولكن فاز بها الفنان أنور وجدي الذي وقع مع والدها عقد احتكار كانت تتقاضى بموجبه ألف جنيه عن كل فيلم.
اقترح أنور وجدي تغيير حرف الباء في اسمها إلى فاء، ليصبح "فيروز"، واستعان بمدرب الرقص "إيزاك ديكسون" الذي عمل في عدة أفلام في السينما المصرية لتدريبها لعدة أسابيع لتحضيرها لأول بطولة سينمائية.
*موهبة لم تكرر
موهبة لم تتكرر لطفلة.. هكذا وصفت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، الفنانة فيروز، معيدة الفضل الأكبر في نجاحها للفنان أنور وجدي، وأضافت في تصريح لأصوات مصرية "أنور وجدي قدر يحرك موهبتها ويوجهها وكان السبب الأكبر في نجاحها في إبهار المشاهدين والدليل على كده أن بعد انفصالها عنه لم تظهر لها أي أفلام ناجحة".
وكان "ياسمين "هو أول فيلم تشارك فيه في عام 1950، وقدمت خلال مسيرتها الفنية القصيرة 10 أفلام من أبرزها "فيروز هانم"، و"صورة الزفاف" و"دهب" ويعد الأخير أحد أهم كلاسيكيات السينما المصرية.
وانفصلت بعده فيروز عن الفنان أنور وجدي عام 1953 وهما في قمة نجاحهما، حيث رفض والدها تجديد العقد معه على أن يقوم هو بإنتاج أفلامها بعد الشهرة الواسعة والنجاح الكبير الذي حققته.
وأنتج والدها لها فيلم "الحرمان" وظهرت فيه مع شقيقتها الفنانة "نيلي" وتوقفت بعدها عن العمل لمدة ثلاث سنوات.
*الاعتزال المبكر
وتقول الناقدة الفنية ماجدة خير الله إنه بوصول فيروز إلى سن المراهقة كان من الصعب أن تستمر في السينما، موضحة "المراهقة سن صعب في السينما فلا هي طفلة ولا هي شابة، وقلما تكتب لهذا العمر أدوار".
عادت فيروز بعد فترة التوقف، لتقديم عدد من الأدوار الدرامية تتناسب مع عمرها ومن بينها عصافير الجنة وإسماعيل ياسين للبيع، أيامى السعيدة، إسماعيل ياسين طرزان.
وكان أخر أفلامها قبل اعتزالها الفن عام 1959 هو "بفكر في اللي ناسيني".
وقالت ماجدة خير الله إنه بعد انفصال فيروز عن أنور وجدي لم يستطع أحد أن يوظف موهبتها ولم تحقق أدوارها كفتاة شابة النجاح الذي حققته كطفلة.
وأشارت إلى أن تجربة فيروز تكررت عشرات المرات، قائلة "نادرا ما يستمر نجاح الطفل في مجال السينما بعدما يكبر بنفس القدر وهناك كثير من التجارب لأطفال أبهروا المشاهدين سواء في الشرق أو الغرب وتوقفوا عن التمثيل بانتهاء مرحلة الطفولة".
وربما لهذه الأسباب فضلت فيروز اعتزال التمثيل وهي ابنة 16 عاما، واختفت بعدها عن الأنظار وكان آخر ظهور لها خلال تكريمها في "مهرجان القاهرة السينمائي" عام 2001.
وتعرفت فيروز أثناء عملها مع "فرقة إسماعيل ياسين" على الفنان بدر الدين جمجوم الذي تزوجها بعد فترة قصيرة من اعتزالها وأنجبا "أيمن" و"إيمان"، واستمر زواجهما لأكثر من ثلاثين عامًا حتى وفاته عام 1992 .
ولحقت به فيروز في 30 يناير عام 2016 بعد معاناة طويلة مع مشاكل في الكلى والكبد.