مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 43) | صحيفة السفير

مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 43)

جمعة, 10/02/2017 - 17:00

وصلت إلى ذلك المركز ولم تكن لدي أدنى فكرة عن الدور الذي سأقوم به داخله سوى أن " الوزير" قبل الالتحاق به أخبرني أني سأعمل مديرا للدروس .

غير أني اصطدمت بالواقع الذي وجدت أمامي فقد كان عدد رواده لا يتجاوز عشرين شخصا أعمارهم تتراوح بين الأربعين والخمسين سنة وهناك أربعة مدراء، مديران عامان يتناوبان على الحضور وهما أحمد سالك ولد بيروك والمسمى التامي ومديران للدروس أحدهما خريج من نفس المركز، وبالنسبة للدروس كانت كلها تطبيقية مما يعني أنه ليس لدي دور فعرفت أن الأمر يتعلق بسياسة تهميش متعمدة لست أول من أتبعت معه فقد سبق في ذروة الخصاص من المدرسين بعد أن زج بالجميع في المعتقلات أن تم تهميش عدد من الإطارات من بينهم صحراويون أكفاء فيهم من سبق أن تكون كمدرس مثل ما حدث مع أحد أروع من ناهضوا ما تعرض له الموريتانيون وظل على علاقته بهم رغم المضايقات التي كان يتعرض لها بشكل منتظم فتم تهميشه بطريقة مضحكة حيث أنه بدل مهنة التدريس التي تكون عليها تم تكليفه رفقة المرحوم الشيخ أسلامة بطهي الجرائد وتشكيل مجسمات منها خلال ما كان يسمى " حملات الانتاج ".

أمام وضعية الفراغ التام التي أصبحت أعيش فيها قررت أن أواظب على حضور الحصص كمتعلم وكانت تجربة رائعة تعلمت فيها مبادئ صنع أبواب الخشب وبعض ابجديات ميكانيكا السيارات وأتذكر في هذا المجال أن أول باب يصلح للاستعمال صنعته كان لصالح زوجة أحد أروع وأنبل الأصدقاء الذين تعرفت عليهم هناك .

كان من حسن حظي في تلك الفترة أن ذهب الحمار بأم عمرو فتم تغير الوزير وحل محله وزير جديد ليست له خلفية أمنية إجرامية وليس ممن سقطوا عدة مرات في الإعدادية فتنزلت عليهم من السماء بطولة لم يفرضوها بسلاحهم ولم يعطوا بها ثمنا من أجسادهم وإن كانت دعوات المظلومين ساقتهم إلى حيث تركتهم في ظلام أبدي ، وكان من حسن حظي أيضا أنه في تلك الأيام تم تنظيم مؤتمر لاتحاد النساء الصحراويات في مدرسة 27 فبراير وهي مدرسة خاصة بالنساء تقع قرب الرابوني فتم استدعائي للمشاركة في إعداد مقرراته وكانت لجنة الإعداد يرأسها محمد الأمين أحمد الذي أصبح مسؤول ما كان يعرف بأمانة المكتب السياسي التي هي المعنية بمنح التراخيص التي فتح لها باب إلى موريتانيا ، ورغم أن القلة هم من كانوا يحظون بالترخيص فقد قررت أن أغتنم فرصة وجودي في تلك اللجنة وأطلب منه بشكل مباشر أن يرخص لي خاصة أنه يعرفني جيدا خلال السنوات التي كان يرأس لجنة إعداد المناهج وكذلك حين تولى وزارة التعليم وكان يتعامل معي بمنتهى اللطف فتوجهت ذات مساء إلى مكتبه وطلبت لقاءه فاعتذر لي كاتبه المدعو (بلومي) بأنه غير موجود بالرغم من كوني كنت أسمع صوته في الداخل فعدت أدراجي وأنا مصدوم من أن يكون هو نفسه لا يريد أن يستقبلني في مكتبه ، لكن ما إن وصلت الشارع العام الذي لم يكن يبعد كثيرا عن المكاتب حتى لحق بي في سيارته وطلب مني الصعود إلى جنبه وحين أخبرته أني جئت للمكتب بحثا عنه قاطعني بأنه سمع صوتي ويعرف غرضي من الزيارة الذي لن يكون إلا من أجل الترخيص إلى موريتانيا ثم تابع الحديث كأنه يريد أن يقد م لي اعتذارا بطريقة غير مباشرة وكان حديثه يتمحور حول فكرة أن " الثورة " ارتكبت أخطاء في حق شباب التحق بها متحمسا وأنهم عاكفون لإيجاد طريقة لجبر خواطرهم ويدخل في إطارها فتح باب الترخيص لزيارة عائلاتهم ، وأكمل كلامه دون أن يعدني بشيء سوى أنه قبل نزولي قال لي بأن الصلاة لا تقام قبل الوقت وهي عبارة فهمت منها أن هناك أمل في أن يصلني الدور وكانت هي الخطوة الأولى في البحث عن طريق للعودة .

 

يتواصل .......