تمر علينا هذه الأيام ذكرى ثورة شباط 1979 في ايران، ثورة أدهشت العالم في حينها. وكانت تنوي غرس بذور الديمقراطية والحرية في ايران وتجعلها تزدهر ولكنه تم تحريفها بشكل غير مسبوق وتم سرقة الثورة الشعبية بكل جبروتها.
كيف ومن كان السارق؟ كان السارق الكبير لهذه الثورة ملا رجعي يسمى خميني حيث كان قد اتجه من العراق الى باريس بعد سنوات من العيش في رغادة والانعزال من مسار النضال ليركب موجة ثورة الشعب الايراني ويستغل الموقف وليدلي بكلمات في نوفل لوشاتو ضرب كلها فيما بعد عرض الحائط وهكذا قد خان كل طموحات الشعب الايراني العادلة. انه قد كسر الأقلام وكمم الآفواه وأطلق البلطجيين وفرق الاغتيالات. وأجبر النساء على القبوع في البيت وبنى معتقلات وسجون عشرات المرات أكثر من النظام السابق رسميا وغير رسمي وجعلها مكتظة بالنزلاء والمعتقلين. وأعدم 120 ألف سجين سياسي وفي صيف 1988 ارتكب أكبر جريمة في العصر الحاضر باعدام 30 ألف سجين سياسي كانوا قد حكوموا من قبل كما أدخل المنطقة برمتها في حرب ودمار.
وخلال مدة قصيرة دخل كل شيء في الظلام وجعل شعبا كان قد خرج الى الشوارع لينادي بالحرية والديمقراطية محبطين. وكان عمر الربيع الحديث الحلول قصيرا جدا وتحول بسرعة الى خريف ثم تلاه التجمد والبرد الشتوي للخنق والكبت الذي كان يلسع حتى العظم ليسود كل مكان. ودخلت الرجعية بكل قواها لتكبل كل ما يحمل معه علامة من الحرية والديمقراطية والتحديث والرقي والتطور. تم نهب ثروات الشعب والثروات الوطنية وتحولت تحت مسميات مختلفة الى ضيعات للخليفة الحديث العهد أي خميني وعصابته القذرة. فظهرت مثل الفطر مؤسسات رجعية في كل مكان وتشكلت. وأخذ انتهازيون كانوا بعيدين كل البعد عن النضال مقدرات الناس بيدهم وبدأوا قمع القوى الثورية الصادقة والمخلصة أي مجاهدي خلق وفدائيي خلق حيث كانوا قابعين حتى يوم 20 يناير 1979 في سجون ومعتقلات الشاه وأخذ النظام يلفق ملفات ويوجه اتهامات ضدهم ويهددهم ويعتقلهم. الملالي الرجعيون قد سطوا على مقاليد السلطة بعد ما اصطنعوا لأنفسهم سجلات نضالية مزيفة وهكذا جعلوا ايران والمجتمع الايراني منعزلا عن الأسرة الدولية ومرروا من خلال القمع الداخلي وتصدير الأزمات تحت عنوان «الثورة الاسلامية» تدخلاتهم في دول المنطقة لاسيما في العراق ولبنان واليمن وسوريا.
وفي الداخل أسسوا مؤسسات قمعية مثل قوات الحرس والبسيج وجعلوا كل المؤسسات العسكرية مرتبطة بها. بحيث كانت قوات الحرس الحديثة العهد تلعب الدور الأول في الحرب الضروس طيلة 8 سنوات مع العراق. وبعد الحرب وضعت يدها على كل مفاصل الدولة ماليا واقتصاديا والى حد ما بعض المفاصل السياسية و تولت تمرير المشروع النووي للنظام . وفي المؤسسات السياسية احيلت آركانها الى الحرس حيثما كان ممكنا. كما أن على رأس العديد من المؤسسات السيادية يوجد أعضاء لقوات الحرس. رئيس السلطة التشريعية الحالية هو علي لاريجاني هو حرسي. محسن رضايي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام برئاسة رفسنجاني كان أول قائد لقوات الحرس. رئيس بلدية طهران هو محمد باقر قاليباف من القادة السابقين لقوات الحرس. العديد من الوزراء في الحكومات السابقة والحالية كانوا أعضاء في قوات الحرس. محمود احمدي نجاد رئيس جمهورية الملالي لولايتين كان من قادة أفواج الحرس. العديد من منتسبي وزارة الخارجية الحالية هم أعضاء لقوات الحرس. السفير المعين للنظام في العراق ايرج مسجدي هو من القادة القدامى لقوات الحرس لخارج الحدود وعينه النظام لحفظ توازن تدخلاته في العراق. العديد من مستشاري خامنئي بينهم يحيى رحيم صفوي من قادة أو أعضاء قيادة قوات الحرس. خامنئي ولحفظ نظامه قد كرس كل رهانه على هذه المؤسسة القمعية والاجرامية. ولهذا السبب يساوره الخوف من انهيار هذه المؤسسة الذي يؤدي لا محالة الى سقوطه. وهذا ما يظهر في تصريحات عناصر خامنئي الذين يظهرون في الساحة ويبدون خوفهم و ذعرهم وقلقهم. ومنهم الملا موحدي كرماني الذي كان ممثل خامنئي في قوات الحرس لسنوات عديدة قال في صلاة الجمعة 27 يناير 2017 حيث التمس الرئيس الأمريكي الجديد بلغة النصيحة وقال: «السيد ترامب انك قد جئت الى البيت الأبيض بشعار الخدمه للشعب الأمريكي واحياء بلدك واصلاح الدمار الذي خلفته الادارات السابقة وانقاذ الشعب الأمريكي من الفقر والجوع والعوز وعدم التدخل في شؤون سائر الدول ومكافحة الارهاب. حاول أن تفي بوعودك. حذار أن يغير الخناسون عزمك. واعلم أن العمل بهذه الوعود هو في جوهر الدين المقدس للاسلام».
الواقع الدامغ هو أن قوات الحرس تلعب الدور الفريد في قمع الشعب الايراني. وأينما يعجز خامنئي عن تمرير سياساته في توازن القوى الداخلي للحكم فهو يوظف قوات الحرس وبيدقه البهلوان الحرسي حسين سلامي لكي يقمع أي صوت معارض ومناوئ. انه يلعب دور من يتشدق ويتبجح من خلال اطلاق عنتريات للولي الفقيه. بحيث يدفعه الى الميدان حتى لاختبارات صاروخية ومناورات فاقدة الأهمية عسكريا لكي يطلق عربدات ويتشدق ويطلق عنتريات بهدف رفع معنويات القوات المنهارة للولي الفقيه.
ولكن خارج نظام الملالي من الواضح أنه أي مصدر سياسي وعسكري لا يأخذ هذه الاراجيف المثيرة للضحك التي يطلقه هو أو سائر عناصر خامنئي بمحمل الجد.
كما أن العديد من المؤسسات المالية المهمة منها معامل ومؤسسات انتاجية تملكها قوات الحرس وأن وعوائدها الضخمة تصب في الخزانة الخاصة لهذه المنظومة وتصرف للقمع الداخلي وتصدير الارهاب والتدخل في دول المنطقة بلاهوادة.
الحاصل أن قوات الحرس هي تعتبر العمود الذي قائم عليه نظام ولاية الفقيه وهي الحافظة لهذا النظام القمعي والفاشستي. وهي الذراع الرئيسي للتدخل في الدول وأي ضربة تتلقاها قوات الحرس فمعناها توجيه الضربه للنظام برمته. ولكن في الظرف الحالي الضربة الرئيسية يجب أن توجه ضد البنية المالية والعسكرية لهذه المؤسسة. ولهذا الغرض يجب فرض العقوبات بالكامل على قوات الحرس وأن يفرض عليها حظر لأي صفقة تسليحيا وتجاريا واقتصاديا في كل العالم. يجب وضع حد لنشاطات هذه المؤسسة الارهابية كافة. طبعا هذا الأمر يتطلب اجماعا اقليميا ودوليا. لذلك يجب الاجماع على طردها من الدول العربية الاقليمية من سوريا ولبنان والعراق واليمن. ومن الضروري أن يتم ادراجها بشكل طارئ واستثنائي في القائمة السوداء والعقوبات الدولية.
المحامي عبد المجيد محمد