كانت الحلقة الماضية من صالون الولي ولد محمودن حلقة "لافتة" لأنها من ناحية جمعت مجموعة من سفراء الدول الكبرى في موريتانيا، ولأنها من ناحية أحيطت بستار من الصمت لم يعهده الصالون في جل جلساته الأخيرة حيث غابت وسائل الإعلام التي اعتادت حضور الصالون وتغطية مناقشاته.
وحسب تسريبات حصلنا عليها من بعض المشاركين في الصالون فإن عدم نشر مداولاته يعود إلى طلب من السفراء الذين ربما يكونون قد خافوا من التعرض لأسئلة أو تعليقات محرجة، كما تفيد هذه التسريبات بأن استضافة السفراء جاءت بطلب من بعضهم، ممن يبدو أنهم أصبحوا ينظرون باهتمام إلى الصالون بصفته مركز استقطاب للنخبة المثقفة بل والسياسية في البلد.
وتفيد التسريبات بأن رئاسة الصالون قد أسندت إلى الوزير السابق الأستاذ الجامعي البكاي ولد عبد المالك لكن السفير الأمريكي زاحمه على الرئاسة خاصة فيما يتعلق بمنح الكلمة لبقية السفراء، وكان هو أي السفير الآمريكي المتحدث الأخير منهم باعتبار الترتيب الأبجدي الإنجليزي الذي اقترحه بدلا من الترتيب الدبلوماسي.
وقد سبقه بالحديث كل من السفير الياباني والسفير الإسباني والسفير التركي. ولوحظ أن السفراء ركزوا جميعا على جوانب من سياسات بلدانهم الخارجية كان أقربها إلى الشأن الموريتاني ما تطرق إليه السفير الأسباني بشأن الهجرة، وما تطرق إليه السفير التركي حين ذكر بمطالبة الدولة التركية بتولي إدارة المدارس التي تقول إنها تابعة للمفكر التركي المعروف محمد فتح اللـه غولن على خلفية اتهامها لجماعة هذا المفكر بالضلوع في محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا.
وحسب التسريبات دائما، فإنه كان مقررا أن يشارك في الصالون كل من السفير الفرنسي الذي اعتذر أخيرا بالانشغال مع وفد فرنسي، والسفير الروسي الذي طرأ عليه سفر خارج البلد والسفير الصيني الذي صادف موعد الاجتماع انتهاء مهماته في موريتانيا.
السفراء تجنبوا فيما يبدو طرح أي قضايا سياسية محلية إلا في سياق الرد على تعليقات وأسئلة المشاركين، ربما رغبة منهم في عدم إحراج مضيفهم، فلم يتعرضوا لا لقضية حقوق الإنسان وما يتصل بها من قضايا الرق ولا لقضية الإساءة إلى الجناب النبوي ولا لقضية المأمورية الثالثة، وهي أمور قيل إنهم كانوا ينوون طرحها.
الولي محمذن ولد محمودا رغم ما تقتضيه أعراف الضيافة، حرص فيما يبدو على أن يسمع السفراء أصواتا غير أصواتهم، وبدا ذلك واضحا من كلمة الصالون التي تضمنت إشارة إلى أن الصالون "هايد بارك" على الطريقة الموريتانية وأن حرية الحديث مكفولة فيه من هذا الباب وأنه كما أن المشاركين سيستمعون باهتمام إلى السفراء فإنه على السفراء أن يستمعوا أيضا إلى المشاركين.
كما تضمنت كلمة الصالون تأصيلا لنظرة الإسلام لبني البشر وما منحهم اللـه من الكرامة ونقدا للسياسات العامة لبعض الدول الكبرى وربطا بينها وبين ما تشهده بعض المناطق من التوترات الناتجة عن استعلاء بعض الناس على بعض وظلمهم وعدم الاستماع إلى أنين الجرحى والثكالى والمهمشين والمظلومين.
وجاء في الكلمة حسب التسريبات إشارة إلى أن الأمن والرخاء لا يمكن أن يستأثر بهما طرف على الأرض ما دام جيرانه على الأرض يعانون من الخوف والفقر والإقصاء والظلم.
المشادة التي جرت بين السفير التركي والوزير السابق عبد اللـه بن حميده انتهت بالمصالحة والاعتذار المتبادل.
وفيما عدا ذلك، قوبلت الانتقادات التي أبداها بعض المشاركين تجاه بعض السياسات الغربية بهدوء من السفراء، وبصمت أحيانا حيث صرًح السفير الأمريكي بأنه لن يرد على الأسئلة المحرجة وحين سئل عن انطباعاته الشخصية في بعض المسائل قال إنه سيقولها بعد إحالته إلى التقاعد، وليس الآن.