"عودة المبعدين".. سبيل حل أم بداية تحد؟ (الحلقة الرابعة) | صحيفة السفير

"عودة المبعدين".. سبيل حل أم بداية تحد؟ (الحلقة الرابعة)

أربعاء, 15/02/2017 - 16:50

احتضن فندق "الخاطر" بالعاصمة ندوة فكرية وسياسية تحت شعار "عودة المبعدين.. سبيل حل أم بداية تحد" شارك فيها ممثلون عن مختلف الفعاليات الفكرية والسياسية، وهيئات المجتمع المدني، في موريتانيا..

وتناول المحور الثاني موضوع "دمج العائدين ورهانات المستقبل" من خلال عرض للدكتور محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم الذي عقب على محاضرته كل من المدير ولد بونا، الأمين العام المساعد للحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، والدكتور الصوفي ولد الشيباني، أستاذ جامعي.

4. العودة مصالحة مع الذات أم تجذير للأزمة

عبد الله ممادو با

من الصعب التحدث بعد الأستاذ محمدن ولد إشدو ولكنني سأحاول قدر الإمكان أن أستعرض هذا المحور عبر نقاط ثلاث:

مسألة المصالحة مع الذات: أعتقد أننا هنا في موريتانيا عشنا عبر الزمن شعبا واحدا وإن فرقتنا اللغات وفرقتنا الألوان.. لكننا ظللنا شعبا واحدا يتعايش في محيط واحد ينتجع في نفس المراعي ويرد نفس الآبار، نتقاسم السراء وندافع معا في حالة الضراء.. من المؤسف حقا أن نكون وصلنا إلى مرحلة 1989 يومها كانت مأساة لموريتانيا.. كانت مأساة بالمعنى الحقيقي للكلمة، كان الجلاد والضحية فيها سواء؛ أي أننا كنا سواء فيها.. وأعتقد أننا جميعا شاركنا فيها حيث كنا أذلاء عندما اقترفنا الذنب أو سكتنا عندما رأينا سفهاءنا يقترفونه؛ حينها غاب المثقف عن الإيمان، غاب الأخ، غابت الإنسانية.. والآن يجب علينا أن نعود لوعينا، أن نعود إلى بداية جديدة لتأسيس تعايش سلمي كما عهده آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض؛ وذلك ليس علينا بصعب. فيجب أن نتصالح.

هي أحداث أليمة، هي أحداث آثمة حدثت.. يجب علينا أن نسعى إلى إصلاحها، أو إلى إصلاح ما استطعنا منها بالحق والتسامح والحوار دون تشنج. بالأمس نظمت ندوة من طرف يومية "السراج" أعتقد أننا خرجنا منها جميعا بانطباع جيد، وهو أننا تحدثنا؛ أي أننا عرفنا أن هناك مشكلة واتفقنا على ذلك. هناك تخوفات لدى البعض رغم قبوله المبدئي بضرورة عودة اللاجئين وتسوية وضعهم القانوني؛ ولكن هناك تخوفات.. أنا أقول إن المبعدين الموريتانيين في السنغال هم أناس أمثالي ومثلكم، الكثير منهم لا يميز بين ذاته الخاصة وهذه الذات الموريتانية التي تجمعنا جميعا؛ أي أن من البسيط أن تميزهم ولو من حيث الشكل إذا كان ذلك لا يطمئننا فهناك قبائل ومجموعات وعشائر كان بعضها يجاور بعضا، وإن كان ذلك لا يطمئننا فهنالك إدارة موريتانية مكتوبة لديها أرشيف، هنالك أرشيف الحالة المدنية، هناك أرشيفات سلسلة من الإحصاءات التي نظمت في البلد من سنة 77 إلى 88 أعتقد أن كل هذه الإحصاءات كفيلة بأن تثبت من هو موريتاني ومن هو غير موريتاني؛ ولأنني أنا شخصيا أومن -وهذه قناعتي- بأنه لن يتسلل أي أجنبي في صفوف المبعدين الموريتانيين وهذه مسلمة عندي؛ ليس الكل مرغما على أن يكون لديه نفس القناعة، ولكني أنا مرتاح الضمير من تلك الناحية؛ أي أني مؤمن -والله على ما أقول شهيد- بأن المبعدين الموريتانيين في السنغال إذا تم تنظيم عودتهم بصورة موضوعية ومنصفة فأنا أعتقد أن ذلك ألطف بالسلم الوطني لهذا الوطن لكي نعيد بناء لحمتنا الوطنية. ثم إن من المؤسف أن أقول إننا منذ ثلاثين سنة تقريبا ونحن عاكفون على تسيير الأزمات، على تسيير الاحتقان، على تسيير الخوف.. وأنا لست أدري لمصلحة من! لماذا نحن مرغمون على تسيير هذا الخوف الأبدي.. إلى متى نحن عاكفون على أن نرتب هذه التوازنات؟ هذه توازنات عرقية، وهذه توازنات جهوية، وهذه توازنات قبلية.. أعتقد أن الفرصة الآن سانحة لنا جميعا لكي يتحدث بعضنا مع البعض، ولنجد الأساليب الناجعة من أجل التوصل إلى حلول توافقية ترضي الجميع وتصون المصالح العليا لهذا البلد؛ لأن حل هذه المسألة قد يكون فاتحة لكي نتوصل إلى تصورات عامة وشاملة لجميع المشكلات التي كنا نعاني منها. ليس المهم أن نقول إن هذا الطرف هو الضحية وهذا الطرف هو المسؤول.. لا؛ هي مشكلات مطروحة علنيا جميعا كموريتانيين، ويجب علينا أن ننظر إليها جميعا كمسائل موريتانية؛ أي أنها تعنينا جميعا. لا يمكن أن ننظر إلى هؤلاء على أنهم ضحايا وهو على أنهم جلادون؛ لا.. أبدا! يجب علينا أن ننظر إليهم بنظرة وطنية أي أنها هي المصلحة العليا للبلد؛ أين هي المصلحة العليا لهذا الشعب؟ أين هي رهانات المستقبل التي يجب علنيا أن نؤسس عليها من أجل بناء دولة ديمقراطية ينعم فيها الجميع بنفس الفرص، وأن نكون متساوين أمام المرفق العمومي وأمام القضاء دون أن نكون بحاجة إلى الالتفات إلى أبناء جلدتنا أو إلى جيراننا من النواحي الجهوية أو القبلية؛ هذا هو الرهان الحقيقي.. أن ننجح في تجاوز هذه الأزمة بكل سلاسة وبكل هدوء دون تشنج، ودون فتح صفحة الماضي؛ يجب علينا أن ننظر إلى الحل.. الحل اليوم هو المهم؛ وهذا الحل يجب علينا أن نسعى إليه، وأن نضع جانبا التخوفات التي قد تكون مبالغا فيها، وأن ننظر إلى الأمور نظرة وطنية صادقة، وأن نؤازر كل أولئك الذين يسعون إلى أن نتوصل إلى حلول شفافة ومقنعة للجميع.

وشكرا..

 

 

تاريخ الندوة: السبت 07 يونيو 2007

ونشرت على حلقات في اعداد يومية السفير: 552-556