17 فبراير، مناسبة للتأمل والتفكير حول حلم جميل في وجدان المغاربيين جميعا، ملامحه تبشر بمشروع تنموي كبير يعيد زهو مشروع سجله الفاتحون الأوائل على شريط ممتد على الشمال الإفريقي من القيروان حتى جزيرة تيدرة مرورا بالأوراس وجبال الأطلس الكبير والمتوسط،.
مشرروع ملامحه قديمة ومتجددة في وعي المغاربيين ومنظورهم الثقافي ومشروعهم التنموي الحضاري المعاصر إن ارادوا أن يمتلكوا آليات بقائهم الفاعل في منطقتهم الجغرافية وفي جانبهم من خريطة وطنهم الكبير.
تمر هذه الذكرى اليوم وحلم قيام الاندماج المغاربي ما زال بعيد المنال وخطواته الأولى تكبو وتتعثر في أحشاء مجدبة من عوامل الخصوبة والنمو بعد مضي ما يقارب ثلاثة عقود من توقيع اتفاقية مراكش 1989، وتؤكد أن مساره متوقف وكلما تقدمنا في الزمن ذبلت الجهود حوله و غابت مداخل الوحدة والتكامل الطبيعية وهي التعاون وفتح الحدود وتواصل المجتمع المغاربي ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، وتشبيك العلاقات بين مؤسساته وهيئاته الشعبية والرسمية.. وطفت بدلا من ذلك على السطح علامات تنافر وتوتر على الحدود وبرزت أجيال حديثة من صناعة عوامل التباعد بين دول الاتحاد وأنظمة حكمه، وإغلاق مزيد من الحدود ووضع مزيد من عراقيل التنقل بين بلدانه، ويضاعف من المأساة ضمور الاحساس بترنح هذا المطلب الوجداني والشعبي والتنموي والتاريخي والاستراتيجي الكبير في أدبيات النخب والقوى السياسية المغاربية الفاعلة، بل تماهي خطابات بعضها أحيانا مع أدبيات وثقافة الفتن والتوتير وزيادة التباعد وتلويث الوجدان الجماعي والانهماك في طبخة كانت وما تزال توابلها ومشهياتها بيد الخصوم التاريخيين للكيان المغاربي وواضعي خرائط سايس بيكو الأولى.
ومع كل هذا فليس امام القوى التاريخية في بلدان الاتحاد إلا رفض تراكم الخيبات وانسداد الآفاق ومغريات الانطواء على الهموم الصغيرة لكل بلد و العمل النضالي على إبقاء جذوة الأمل متقدة تحت رماد عدم الاكتراث الرسمي وشبه الرسمي بمطلب الاتحاد والتخلي المتعمد عن تفعيل الحد الأدنى من هيئاته، وتأكيد هذه النخبة والقوى الشعبية من خلال جهد منسق لحقيقة أنه ليس أمام دول الاتحاد إلا السعي للوحدة والتكامل إن هي أرادت لعب دور في عالم يشهد خطوات متسارعة نحو مزيد من التكتلات لا يجمع بين أصحابها في الغالب إلا حاجات التبادل الاقتصادي وقواعد صراع دولية شرسة، لا ترحم الضعيف ولا الهامشي. ونحن في الاتحاد تجمعنا الحاجة إلى التكامل في السوق والحاجة إلى التأهيل في المنافسة ويجمعنا قبل ذلك كله الرحم والدين واللغة وما واجهنا من تحديات افضت على الدوام إلى حقيقة ثابتة وهي أنه مهما تبدلت الأنظمة والتحالفات والأقطاب والأحلاف الدولية وأغرت هذا الطرف أو ذاك النظام ستبقى الثوابت المتصلة بديناميات الجغرافيا والتاريخ على حالها.
حزب الصواب