مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 55) | صحيفة السفير

مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 55)

أربعاء, 22/02/2017 - 18:05

الشيخ أسلامة (دفعت ثمن جريمة غيري) أعتقد بل أجزم أن من أفظع وأغرب القصص  هي قصة المرحوم الشيخ ولد الشيخ أسلامة التي أرادت القيادة منها أن تكون حجرا لقتل عصفورين فهي من ناحية للتغطية على المجرم الحقيقي الذي ليس سوى مدير الأمن في تلك الفترة سيد أحمد البطل.

ومن ناحية تهدف إلى إذلال بعض العائلات التي كان لها وزن روحي في النسيج الاجتماعي للصحراويين وخاصة أسرة آل الشيخ ماء العينين التي ينتمي إليها الضحية ،وقد قال لي ذات مرة حول معاناته أنه لو خير بين الموت وبين ما تعرض له من تعذيب نفسي وجسدي لاختار الموت .

ينتمي الشيخ ولد الشيخ أسلامة إلى أسرة العالم الجليل والولي الصالح والمجاهد الكبير الشيخ ماء العينين ولد الشيخ محمد فاضل المولود سنة 1246 في أقصى الشرق الموريتاني والذي أسس مدينة السمارة بالصحراء الغربية وحولها إلى قلعة من قلاع العلم والجهاد ضد الاستعمار الفرنسي والاسباني فأصبحت له مكانة رفيعة ذاع صيتها في أرجاء المعمورة بفضل علمه وجهاده وصلاحه .

وهذه المكانة التي ورثها لأبنائه وأحفاده تحولت إلى نقمة بالنسبة للشيخ أسلامة حيث أنه كان كبش الفداء الذي تم من خلاله استهداف تلك العائلات التي تحظى بمكانة روحية تستمدها من التصوف الذي تعتبره قيادة البوليساريو من الأمراض الاجتماعية التي يجب القضاء عليها خاصة أنه مرتبط بمجموعة من الأقليات المستهدفة بسياسة الإقصاء والتهميش . وقد بدأت قصة هذا الرجل مع بدايات ارسال الأطفال للدراسة في بعض الدول مثل الجزائر وليبيا وكوبا حيث كان الأمهات يرفضن إيفاد البنات ما لم يكن معهن مرافق مؤتمن فوقع الاختيار عليه ليكون مشرفا على المراكز الخاصة بالبنات داخل الجزائر وهو ما وافقت عليه الأمهات ، وظلت الأمور تسير بشكل طبيعي إلى أن انتشرت شائعة في المخيمات تفيد بأن الشيخ أسلامة اغتصب احدى الطالبات مما تسبب في حملها وانتشرت الشائعة المخيمات انتشار النار في الهشيم وساد جو من الاستنكار تكشف فيما بعد أنه تم التخطيط له بشكل محكم بحيث أسندت تلك المهمة للجناح المدني للبوليس السياسي التابع لقيادة البوليساريو المعروف بالعراف والعارفات وهم رؤساء الخلايا السياسية للتنظيم ، وذلك من أجل خلق رأي عام ساخط من حادثة الاغتصاب المفبركة لإسقاط الرجل من أعين من كانوا يكنون له الاحترام ولوسطه الاجتماعي ولتبرير اتهامه بجريمة نكراء يعرف المخططون قبل غيرهم أنه لم يرتكبها  .

تم تلقين ضحية الاغتصاب المسرحية التي ستدلي بها والقاضية بأن  الشيخ أسلامة هو من اعتدى عليها ومن ثم تم جلبه من الجزائر  ليتعرض لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي حتى اعترف بارتكابه للجريمة ولا أظن أن من كانوا في مدرسة 12 أكتوبر يمكن أن ينسوا ذلك المنظر الذي تتفتت له الأكباد حيث الرجل المسكين مربوط في وتد حديدي والجلاد عالي لهديب يهوي على جسده العاري بالسوط وهو يدور في مكانه ويصرخ من شدة الألم .

ومنذ ذلك اليوم أصبح يلقب بالمندس وزوجته أم الفضل تلقب بزوجة المندس وابنته الصغيرة يعيرها الأطفال بأنها ابنة مندس ، وقد حرص من اتهموه على خلق الجو المناسب ليضطلع الصغير قبل الكبير على قصته التي اختلقوها فنظموا مهرجانات في جميع المخيمات يحضرها الكل ثم يؤتى به مغطى الرأس وقد علقت له قلائد من القمامة ويأمرونه بسرد القصة التي أجبر على حفظها تحت التعذيب وبعد الانتهاء منها يدور الحاضرون عليه ويبصقون على وجهه وهم يهتفون بالموت له ، وبعد أن تم الطواف به في كل المخيمات وأجبر على عرض تلك المسرحية المقززة تم إيداعه في المعتقل وانقطعت أخباره لأكثر من ست سنوات كان الكثير خلالها يعتقد أنه تمت تصفيته ، ولكنه خرج ليروي القصة الحقيقية لأبشع جريمة تعد من أبسط ما ارتكبه عضو اللجنة التنفيذية للبوليساريو ثم تخرج عائلة ضحية الاغتصاب عن صمتها وتؤكد أن من قام بتلك الجريمة ليس سوى سيد أحمد البطل .

تعرفت عن قرب على الشيخ أسلامة عليه رحمة الله في مدرسة 12 أكتوبر بعد خروجه من المعتقل وقد عرفت فيه رجلا  كريما ،مسالما ، خدوما ، وبريئا براءة الأطفال ويتحلى بروح مرحة ، وقد سألته ذات مرة بعد أن روى لي قصته المؤلمة إن كان سيسمح لمن اتهمه بتلك التهمة البشعة فقال أرجو الله له العمى وطول العمر ، ومن الغريب أنه بعد ذلك اليوم بفترة ليست بالطويلة أصيب سيد أحمد البطل بقذيفة اقتلعت عينين كلتيهما دون أن تخدش باقي جسمه .

 

  يتواصل ......