أعلنت شركة الصناعات القطرية "قطر استيل" يوم أمس (الأحد) عن حصولها على حصة قدرها تسعة وأربعون وتسعة من عشرة بالمائة (49,9 %) من أسهم مشروع قلب العوج لخام الحديد في شمال موريتانيا، وذلك مقابل 375 مليون دولار أمريكي.
يأتي إعلان "استيل" القطرية بعد يوم واحد من إعلان الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) في بيان صادر عنها تخليها عن مواصلة مساهمتها في المشروع، البالغة 262 مليون دولار (أي ما نسبته 35%) وبررت الشركة السعودية -التي تعتبر أكبر منتج للصلب في الخليج- قرارها المفاجئ هذا بالقول: "إن العائد على الاستثمار لا يحقق ما تطمح إليه (سابك) في استثماراتها" غير أن الظروف الحالية التي تعيشها الشركة الوطنية للمناجم ..الشريك الوطني في المشروع وما يثار حول إمكانية بيع بعض أسهمها من لغط جعلت المراقبين يضعون أكثر من علامة استفهام أمام الانسحاب السعودي من المشروع في هذا الوقت بالذات؛ فأيهما كان السبب في الانسحاب السعودي: الخوف من القادم المجهول أم الجدوائية غير المغرية؟
الخوف أم الجدوائية؟
لم يستبعد عدد من المراقبين الاقتصاديين المحليين أن يكون لقرار الشركة السعودية القاضي بالانسحاب من المشاركة في مشروع العوج علاقة بالزوبعة المثارة حول مستقبل "اسنيم" مستندين إلى مبدأ اقتصادي يقول: "إن رأس المال جبان" وإن السعوديين الذين يساهمون بأموال كبيرة في هذا المشروع يمكن أن يكون قد سرى إليهم جزء من التخوف الذي بات يلف طبقات واسعة من الموريتانيين على مصير الشركة الوطنية للصناعة والمناجم، وما خلفه الحديث عن إمكانية جزء من رأس مالها لمستثمرين أجانب من تجاذبات في الساحة الموريتانية.
ولا يغفل المحللون هنا أن يوردوا ما جاء على لسان الإداري المدير السابق للشركة الوطنية للصناعة والمناجم في الندوة الأخيرة التي نظمها مركز الأرقم للدراسات الاستراتيجية في معرض حديثه عن هذا المشروع: "إن أي خطوة من شأنها إثارة الشك، أو عرقلة هذا المشروع يجب أن نتجنبها مهما كان.. هذه مسألة أساسية" وقوله: "إن دخول أي شريك جديد -دون حصول اندماج- قد يؤدي إلى تضارب في المصالح؛ لأنهما سيشتركان في استغلال السكة الحديدية، والميناء المنجمي، ومحطة الشحن، والكهرباء والكثير من الأمور..".
أما القول بعدم الجدوائية الاقتصادية فلا يبدو مقنعا للكثيرين بالنظر إلى أن دراسة الجدوائية أخذت من الوقت ما يكفي حتى قبل توقيع الاتفاق الإطار، ثم إنه لا يمكن للقطريين والاستراليين أن يندفعوا -وبأرقام مالية كبيرة- نحو مشروع لا تبدو لهم فيه جدوائية.
مشروع مصنع العوج يجب أن يحافظ عليه، وأن تتجنب الدولة أية خطوة قد تعرقله ولو لدقيقة واحدة.. فهذا المشروع بلغ اليوم مرحلة لا يمكن أن يبلغها مشروع يبدأ اليوم قبل سبع سنوات على الأقل.
مشروع العوج.. بطاقة تعريف
يعتبر مشروع العوج الذي تم التوقيع على اتفاقه الإطار بانواكشوط في 07/ 03/ 07 بين لشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) من جهة وكل من "سابك" السعودية للحديد والصلب، ومؤسسة قطر للصلب، وشركة "اسفير" الاسترالية، أحد المشاريع العملاقة.. حيث يصل حجم الاستثمار فيه إلى ما يقارب المليوني دولار أمريكي.
وتوقع المشاركون فيه عند التوقيع أن يوفر ألفي فرصة عمل مباشرة وثلاثة آلاف فرصة غير مباشرة، وهو يتضمن تطوير منجم لفلز الحديد بطاقة 18 مليون طن سنوياً في مكامن گلب العوج، ومعمل تركيز ومعمل تكوير بطاقة 7 مليون طن سنوياً مصمم لإنتاج مكورات الاختزال المباشر لسوق التصدير.
ويضم المشروع ثلاث مناطق متجاورة للحديد الخام (في الوسط والشرق والغرب) تمثل –معاً- مصدراً تقدر طاقته الإنتاجية بحوالي مليار طن قابل للزيادة، ومن المنتظر أن تبدأ الاستفادة منه في عام 2010.
أما ملكية المشروع حالياً -بعد انسحاب الشريك السعودي- فتتقاسمها كل من شركة "اسفير" الأسترالية للاستثمارات المحدودة، والشركة الوطنية للصناعة والمناجم (اسنيم) و"قطر استيل".
السفير: العدد 585، الصادر بتاريخ: 05 نوفمبر 2007