منتدى المعارضة يطلق حملته المضادة لتعديلات الدستور | صحيفة السفير

منتدى المعارضة يطلق حملته المضادة لتعديلات الدستور

ثلاثاء, 28/02/2017 - 14:25

تنادت المعارضة الموريتانية بجميع اتجاهاتها لإطلاق حملة تحسيس سياسية واسعة مضادة للتعديلات الدستورية التي تمخض عنها حوار تشرين الأول/أكتوبر 2016 والتي يستعد البرلمان لإجازتها في مؤتمر يجمع النواب والشيوخ.
وأطلق المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تجمع معارض يضم عدداً كبيراً من الأحزاب والنقابات والشخصيات المرجعية، أمس نشاطات حملة سياسية وصفها المنتدى في بيان وزعه أمس بأنها «مضادة للتعديلات الدستورية التي يصر النظام على تمريرها ضد إرادة الأغلبية الساحقة من الشعب الموريتاني ومن الطبقة السياسية الوطنية.»
وبدأت الحملة، التي تجري تحت شعار «لا للعبث بالدستور، لا لتشويه العلم الوطني»، بحملة تحسيسية على مستوى مقاطعات العاصمة، وستتوسع حسبما أكده المنتدى «لتشمل تظاهرات وتجمعات شعبية ووقفات عدة على أن تختتم بمسيرة شعبية حاشدة ستنظم يوم السبت 11 آذار/مارس 2017» أي في اليوم السابق للمؤتمر البرلماني الذي سيجيز التعديلات.
وضمن الحراك السياسي المعارض لتعديل الدستور، جدد حزب تكتل القوى الديمقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب التناوب الديمقراطي في بيان مشترك وزعاه أمس وتوصلت «القدس العربي» بصورة منه، «رفضهما الحاسم للتلاعب بالدستور والعبث بالمقدسات والرموز الوطنية»، معتبرين أن «هذه الممارسات خيانة عظمى، يتحتّم أن يساءل عنها مقترفوها».
ودعا الحزبان المعارضان «الشعب الموريتاني وقواه الحية إلى رص الصفوف وإلى وثبة شجاعة، من أجل التصدي، بكل الطرق المتاحة، لما تساق إليه موريتانيا على يد هذه النظام من مغامرة ومخاطر غير محسوبة».
وعرض الحزبان المعارضان لوحة قاتمة للأوضاع العامة التي تمر بها موريتانيا حالياً، حيث أكدا «أن موريتانيا تحدق بها اليوم أكثر من أي وقت مضى مخاطر متعددة، تتهدد وجود الدولة، فرحى حرب تدور على حدودها الشرقية والجنوبية الشرقية في منطقة تعتبر امتداداً بشرياً لها، ويزداد التوتر شمالاً بين الأشقاء في فضاء تربطها به وشائج لا تحتاج للتذكير»، «وفي الداخل، يضيف الحزبان، تنهار الدولة إدارة وقضاء ومؤسسات وأخلاقاً، فتنتشر الجريمة المنظمة، وأصبحت موريتانيا أحد المعابر الأساسية للمخدرات، التي يجد أباطرة تهريبها لدى القائمين على الدولة حصناً منيعاً يحميهم من المتابعة، وتزداد سوء سمعة البلاد في الخارج إلى درجة أن وسائل إعلام دولية ذات مصداقية تصف رأس النظام بكل النعوت السيئة رابطة اسمه شخصياً بالمخدرات».
«وتشهد الحالة الاقتصادية، يضيف البيان، بحسب المؤشرات الدولية، تردِياً شديداً، فعلى سبيل المثال لا الحصر بلغت المديونية العامة أكثر من 93 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، أي ما يقارب 5 مليارات دولار، وانتشرت البطالة بين صفوف الشباب خصوصاً حملة الشهادات، وارتفع سعر المواد الاستهلاكية الأساسية والمحروقات، ولا يشفع للمطالبين بتخفيضها ما عرفته من هبوط على المستوى الدولي، وانهار النظام الصحي، وأصبحت المدرسة أثراً بعد عين، وظلت الموارد والثروة الوطنية مجرد أملاك خصوصية يتصرف فيها رأس النظام حسب هواه».
وتابع الحزبان انتقادهما للأوضاع قائلين «وبدل خلق إجماع وطني عريض يمكّن من التصدي لهذه التحديات الكبرى، يتمادى النظام في إلهاء المواطنين عن معاناتهم ومشاكلهم اليومية، وعما يقوم به من نهب للثروة الوطنية، بما يسميه عبثاً «التعديلات الدستورية»، التي يزعم أنها ثمرة حوار وطني لم تشارك فيه القوى السياسية الوازنة ولا القوى الحية من منظمات نقابية ومجتمع مدني».
وأضاف البيان «وزيادة على ما ينتاب النصوص المقترحة من غموض في النص وتناقض في الفحوى وريبة في المقاصد، تتناول التعديلات أموراً أساسية بالغة الخطورة بالنسبة للدولة الموريتانية التي يتعين على القائمين عليها أن يكون همهم الأول هو ترسيخ الوحدة الوطنية وتقوية مفهوم الدولة وإشاعته بين الموريتانيين كافة؛ وبدلًا من ذلك يستهدف التعديل المقترح مسألتين اثنتين تزيد كل منهما من تقويض مفهوم الدولة ألا وهما تقسيم البلاد إلى مناطق وجهات بحجة المزيد من اللامركزية، دون اكتراث عمداً أو جهلاً بضرورة الإبقاء على سلطة مركزية تضمن وحدة البلاد وديمومة سلطان الدولة، دون جور أو ضعف، والثانية تغيير العلم الوطني الذي اختاره الموريتانيون عن تبصُّر منذ أكثر من خمسين سنة، والذي أصبح بالنسبة لهم أحد الرموز والثوابت الوطنية».
واستغرب الحزبان «عرض التعديلات المقترحة على البرلمان لسنها، بدل عرضها على الاستفتاء الشعبي لأسباب ظلت مجهولة، حسب تعبير الحزبين، رغم تعهد رأس النظام بذلك علناً، ورغم تكرار أبواقه لذلك في أكثر من مناسبة».
كما استغرب الحزبان في بيانهما «أن يعهد لمجلس الشيوخ الذي انتهت مأموريته منذ فترة، والذي أمر المجلس الدستوري استجابة لرغبة سابقة للنظام بتجديده قبل 31 كانون الأول/ديسمبر 2016، أن يعهد لهذا المجلس اليوم باعتماد تعديلات في الدستور».
«أما الغرفة الثانية للبرلمان فهي، يضيف الحزبان، منبثقة عن انتخابات خاليةِ من أيّ مصداقية وتفتقر إلى إجماع وطني، وخلاصة القول إن التعديل المزمع، لا يعالج الأولويات الوطنية، ولا يمكن من التصدي للأزمة الخانقة التي تهدد موريتانيا بالزوال، ولا يتماشى مع شكليات الشرعية القانونية».
وعكساً لما ذهبت إليه المعارضة المتشددة، أكد حزب التحالف الوطني الديمقراطي بزعامة الدكتور يعقوب ولد امين المصطف في معارضة الوسط، في بيان أصدره أمس، «أن مخرجات الحوار الأخير بشكل عام كانت ايجابية ومهمة للبلد».
وأكد الحزب «أنه يعتبر الاستفتاء الشعبي مظهراً ديمقراطياً وحضارياً مهماً يجب التنويه به ولذا فهو يدعم هذه الفكرة بشكل كامل على اعتبار أن هناك طرفين يحاول كل منهما أن يكسب معركة الاستفتاء، وبما أن الرافضين لمخرجات الحوار قرروا مقاطعة التصويت إن حصل وهو ما يعني تمرير التعديلات الدستورية، فقد أصبح من الأنسب والأقل كلفة الذهاب الى مؤتمر برلماني».
هذا وتتزامن إجراءات إجازة تعديلات الدستور عبر المؤتمر البرلماني مع أجواء سياسية متأزمة ومشحونة، تتميز على الخصوص برفض أوساط المعارضة المتشددة المساس بالدستور خارج الإجماع. وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت مستهل نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن إجازتها لمشروع قانون دستوري يتضمن مراجعة دستور 20 تموز/ يوليو 1991 والنصوص المعدلة له في ثالث مراجعة له. وتشمل التعديلات 12 مادة تأتي في مقدمتها المواد المتعلقة بالعلم الوطني الذي ستدخل تحسينات على 30 في المئة من مساحته والاحتفاظ بـ 70 في المئة منه، إضافة لإلغاء غرفة مجلس الشيوخ، وتغيير كلمات النشيد الوطني.
وأكدت الحكومة «أن هذه المراجعة عادية جداً حيث أنها تدخل ضمن تقليد يتعلق بالمراجعة الدورية للدستور، لأن الدولة محكومة بدستور 20 تموز/ يوليو 1991 وقد تمت مراجعته مرتين في 2006 و2012».

 

«القدس العربي»