حزب الصواب: البلاد تعيش أجواء مشحونة ووضع سياسي مضطرب | صحيفة السفير

حزب الصواب: البلاد تعيش أجواء مشحونة ووضع سياسي مضطرب

اثنين, 13/03/2017 - 12:58

هو افضل آليات للبحث عن الاستقرار والتنمية وسد المساحات التي يمكن أن تسلل من خلالها المشاكل الكبرى المؤدية  لتشظي المجتمعات وتعميم الفوضى داخلها كما شوهد عيانا في بلدان عربية وإفريقية كثيرة فتحت  فيها الخيارات الأحادية  فرص التغييرات غير الديمقراطية في أحسن الأحوال، أو أوصلتها للفشل المؤدي إلى التدخلات الإقليمية الخارجية بجميع نماذجها المأساوية التي حصد ثمارها المرة الطالب والمطلوب.

من واجب كل  القوى الموريتانية الحريصة على حاضر ومستقبل البلاد، خصوصا من هم في موقع  السلطة أن تقبل بالجنوح لمنطق التوافق السياسي حول مختلف الأمور العامة، الجوهرية، أحرى إن كانت مرتبطة بتغيير النظام السياسي للبلاد وبرموز سيادية  قامت عليها الدولة وأصبحت جزءا من وجدانها الوطني، والمعبر الأوضح عن انسجامها في الشعور والتضحيات والقيم المشتركة  لما ترمز إليه من سيادة وانصهار المجتمع بمختلف مكوناته، في وقت ما زال يحتاج إلى جهد كبير في تحقيق انتقال نوعي من مجتمع تقليدي نحو آخر ينشد الحداثة على الاقل،  ودولة القانون والمؤسسات واستقرار النظام السياسي و الانتقال السلمي للسلطة، عبر التداول الديمقراطي الذي ضَمِنَه الدستور،  والفصل بين السلطات وقطع الصلة مع النظام الأحادي وسلطة الفرد.

فما حدث يوم الخميس من موافقة الغرفة السفلى على تغييرات دستورية بحجم ونوع تلك المقدمة لها من طرف الحكومة، تصرف حَكَمَ أصحابه منطق الشطب وفرض الأمر الواقع، الذي لم تنجب تجاربه الكثيرة إلا صيرورة المغالبة على السلطة بدل التراضي والتوافق حول آليات الحكم الديمقراطي الذي تستشير فيه السلطة معارضتها وتنصت فيه الأكثرية جيدا للأقلية وتتيح لها إمكانية أن تصبح  أكثرية غدا، عكس منطق المغالبة الذي يقوم على الشطب ونسف ثقافة التعايش التي هي جوهر النظام السياسي الديمقراطي ومضمونه الفعلي،  ومن خلاله يتجرع غالبا الممسك بالسلطة غدا، ما ابتهج بإرغام الآخرين على تجرعه اليوم ، منطق صراعي لا تتسع فيه الحلبة إلا للاعب واحد، لا يحسن غير حوار القبضات، ولا يصادف هوى في نفسه إلا ثقافة الاستئثار بالسلطة.

ما صاحب المصادقة على التغييرات المقترحة من قمع وتنكيل بالمحتجين ، أمر مدان بكل تأكيد ويزيد دون شك من صعوبة تقبلها كخطوة جرت في إطار نظام ديمقراطي يفترض أن أولى مبادئه هي حماية وصيانة حق الاحتجاج والتعبير السلمي عن الرفض، بدل أن  يفرض بوسائل الترغيب والإكراه المختلفة على نواب الشعب أن يقرروا نيابة عن شعبهم،  وهم في ما يشبه الثكنات، تحميهم الحراب من غضبه ومن احتجاجه السلمي..يصوتون وأنوفهم تزكمها الغازات وروائح الدماء المنبعثة من ساحات القمع التي سورت مبنى الجمعية العامة من كل اتجاه.

من المؤكد أم مجلس الشيوخ الذي ينتظر أن يناقش في الايام القبلة مشروع التعديلات يدرك أن البلاد في أجواء مشحونة ووضع سياسي مضطرب لا تبدو الحاجة فيه إلا إلى تخفيف التوتر والبحث عن صيغة تعيد الجسور بين مختلف أطراف الساحة، بدل إقصاء بعضهم لبعض،  وهو ما يجعلنا نوجه النداء من جديد إلى هذه الغرفة المحترمة كي تعمل بدلا من زيادة التشرذم على تهيئة الظروف لمناخ نقي، قادر على تأمين الوصول إلى الاستقرار السياسي  ووضع أسس وقواعد وآليات ثابتة ومقبولة من طرف مختلف القوى العاملة في ساحة العمل السياسي اليوم ، تحافظ من خلالها على بلدها وتطور نظامه السياسي في ظل مؤسسات الدولة واحترام الدستور، وليس من ذلك قطعا القمع والتنكيل بالمتظاهرين السلميين وفرض الأمر الواقع على شركاء الوطن والعمل السياسي.

 

القيادة السياسية

انواكشوط 12/03/2017