لقد أحدث تولي السيد أحمد ولد سيد أحمد رئاسة لجنة العلاقات الخارجية في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة موجة من ردود الفعل من أوساط مختلفة وبدوافع مختلفة.
• فهناك شباب تحركهم عاطفة صادقة، متحمسون بفطرتهم للقضية الفلسطينية - وككل من تحركهم العواطف - قد لا يكلفون أنفسهم عناء الإحاطة بكل العوامل والظروف والمعطيات الموضوعية التي يجب أن تحدد الأحكام التي يطلقونها على الأشخاص والمواقف. هؤلاء يشفع لهم صفاء نواياهم وصدق مشاعرهم وغياب الحسابات السياسية من دوافعهم.
• وعلى العكس من هؤلاء، هناك سياسيون يستغلون القضية الفلسطينية لحساباتهم الشخصية ويوظفونها لمآربهم السياسية، وينسون أن للرأي العام ذاكرة تسجل مواقفهم وبصيرة لا تضللها ألاعيبهم. ولهؤلاء أتوجه بالسؤال: لماذا أحمد ولد سيد أحمد من بين الجميع؟
- لماذا لم تثر ثائرتهم عندما تولى أحد من خلفوا أحمد ولد سيد أحمد في وزارة الخارجية، ليس رئاسة لجنة، بل موقعا قياديا أرفع، وكان لفترة طويلة يتبادل الزيارات مع حكومة إسرائيل ويستقبل سفيرها ويلتقي بمسؤوليها في المحافل الدولية؟
- لماذا شارك "تواصل" في حكومة يرفرف في ظلها علم إسرائيل في سماء البلد ولا زال وزراؤه فيها قادته اليوم؟ ألم يكن من استقال اليوم بسبب دخول حمد ولد سيد أحمد قيادة المنتدى أكبر الدافعين آنذاك لدخول هذه الحكومة والشواهد على ذلك لا تزال موجودة.
أليس هو أكبر "تلامذة ومريدي" أردوغان المطبع مع إسرائيل؟
- لما ذا شارك "حاتم" في حكومة ولد عبد العزيز الأولى التي لم يكن في برنامجها المكتوب ولم يرد في أي من تصريحاتها قطع العلاقات مع إسرائيل، علما أن هذه العلاقات لم تقطع إلا بعد قمة الدوحة وبطلب من الراجح أن يكون معوضا من القذافي؟ ألم يكن "المجمدون" اليوم قادة في الحزب آنذاك؟
- هل كان أحمد ولد سيد أحمد هو "المطبع" الوحيد من بين عشرات الوزراء والسفراء والمدراء وغيرهم ممن عملوا في ظل حكومة ولد الطايع واعل ولد محمد فال وولد الشيخ عبد الله وخلال الأشهر العشرة الأولى من حكم ولد عبد العزيز، وتعاملوا بفعل الواقع وبفعل مواقعهم مع حكومة اسرائيل؟ لماذا يستتاب ولد سيد أحمد وحده أو يطالب وحده بالاستقالة؟ والله أعلم، وكل من يعرفون الرجل يشهدون على ذلك، أنه أكثر وطنية استقامة وأنظف كفا وأكثر تمسكا بالقيم الإسلامية والقضايا العربية وبالأخلاق النبيلة وأكثر كفاءة ممن يهرجون اليوم ضده. ولا شك أن وجوده في المنتدى يضفي عليه من المصداقية في الداخل وفي الخارج أضعاف ما يضفيه عليه العشرات من أمثال "المستقيلين" و "المجمدين".
لقد تم اختيار أحمد ولد سيد أحمد بالإجماع من طرف قطب الشخصيات المستقلة الذي ينتمي اليه، وتم تعيينه، كباقي أعضاء اللجنة التنفيذية، بالإجماع كذلك من طرف مجلس المتابعة والتشاور، بحضور كافة رؤساء الأحزاب ومنسقي الأقطاب المكونة للمنتدى.
إن من يتابع ردود الفعل حول هذه القضية يتأكد أن لبعض ساستنا أكثر من مكيال، ولا يمكنه إلا أن يشمئز من ازدواجية مواقفهم ولعبهم المكشوف على عقول الناس (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ). فما أشبههم بمن يطبق شفتيه واسنانه بارزة للعيان.
الحقيقة هي أن هؤلاء كانوا يعرفون جيدا أن أحمد ولد سيد أحمد كان ضمن تشكيلة المنتدى خلال المأمورية السابقة حيث كان نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية وكان هو من يتولى رئاستها الفعلية في بعض الأحيان نظرا لانشغالات رئيسها في الداخل والخارج. إلا انه يبدو أنهم كانوا يبحثون، كل حسب حاجته، عن مطية يركبونها للتذكير بأنفسهم أو تلميع صورتهم أو تصفية حساباتهم مع خصومهم أو إطلاق حملاتهم الانتخابية داخل أحزابهم.
في الختام، لم أر من مبرر لتجاسر هؤلاء على أحمد ولد سيد أحمد دون غيره إلا كونهم يراهنون على أنه لن يرد عليهم ولن يعبأ بما يقولون وبما يفعلون، لا لأنه ليس لديه ما يقوله، بل فقط لأنه ليس ممن يسوقون مواقفهم أو يتوبون لغير الله، انطلاقا مما تمليه عليه تربيته المتمثلة في "تلباك لمور".
من صفحة المدونة: عيشة بنت اباه