على مدى سنوات حاولت مارين لوبان ان تشرح لفرنسا وللعالم بانها لا تسير في خط أبيها، جان مري لوبان، مؤسس حزب «الجبهة الوطنية». فقد ادين لوبان الاب، ضمن امور اخرى، في محكمة في فرنسا بعد أن ادعى بأن أفران الغاز هي عنصر هامشي في التاريخ. وبعد أن انتخبت مارين زعيمة للحزب، وواصل الاب طريقه، لم تتردد في اقالته من منصب رئيس الشرف للحزب. اما الان فهذه هي مارين بعظمتها نفسها. فقد ادعت أول امس، في تصريح تتميز به دوائر اللاساميين، بأن الفرنسيين لم يبعثوا باليهود إلى معسكرات الابادة.
ان البرنامج السياسي لـ «الجبهة الوطنية» ليس لاساميا. وبمفاهيم عديدة بشرت بالتغيير الذي تمر به اوروبا.
فاستطلاعات الرأي العام تشير إلى أن الاوروبيين يحتفظون بمواقف أقرب إلى مواقف ترامب من الأمريكيين. فبينما معظم الأمريكيين لم يتحمسوا من المرسوم الرئاسي المتعلق بالهجرة، فإن 55 في المئة من الاوروبيين، حسب الاستطلاع الذي أجري في ثماني دول رائدة، أعربوا عن تأييدهم لتقييد هجرة المسلمين. في المانيا، التي فتحت بوابات بلادها لموجة هائلة من الهجرة، أيد 51 في المئة تقييد الدخول للمسلمين. وتلقى الميول المحافظة والسير يمينا العطف غير الخفي في اليمين الاسرائيلي. حتى حدود معينة هذا بالتأكيد هو عطف مطلوب. فاليمين الاوروبي يبدي مواقف معقولة أكثر، بل واحيانا عاطف، تجاه اسرائيل. خيرت فيلدر الهولندي هو أيضا يميني متطرف. وهو عاطف كبير على اسرائيل وبريء ايضا من اللاسامية. غير أن الصورة بعيدة عن ان تكون وردية. فمعظم احزاب اليمين المتطرف في اوروبا تعاني من مستوى معين من اللاسامية. اسوأها هما حزبا «الفجر المذهب» في اليونان و «يوبيك» في هنغاريا. بعدهما يأتي «حزب الحرية» النمساوي، الذي كاد يفوز برئاسة الدولة.
لقد نشأ بعض من هذه الاحزاب على خلفية نازية جديدة واضحة.
وتحاول بعضها التحرر من الارث القديم ولكن هذا لا ينجح دوما. «الجبهة الوطنية»، مثلا، بقيت قريبة من اللاسامية، رغم التغيير المزعوم من جانب مارين لوبان. وحتى اليهود بدأوا يصدقون بأن هذا التغيير حقيقي. فحسب أحد الاستطلاعات، فإن 7 ـ 8 في المئة من يهود فرنسا أيدوا لوبان في الانتخابات السابقة للرئاسة. ولكن يتبين بأن الابنة، بالضبط مثل الاب، تعاني من المرض الاوروبي العتيق ذاته. فهي ايضا من اللاساميين.
النقطة الاهم هي انه حتى عندما يتحفظ قادة احزاب اليمين المتطرف من التصريحات اللاسامية، تثبت استطلاعات مختلفة اجريت في اوروبا في السنوات الاخيرة بأن كارهي المسلمين هم ايضا بشكل عام كارهو اليهود، وقسم من اولئك الذين يعربون عن تأييدهم الحماس لاسرائيل يقصدون اساسا اسرائيل تلك التي في نظرهم تقاتل ضد المسلمين. وهم لا يقصدون اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.
اليسار الاوروبي لا يختلف. بل ربما العكس. فبينما يحاول اليمين الاوروبي التنكر للوثائق اللاسامية، وليس بنجاح دوما، فإن الاحساس هو ان الاتجاه مختلف في اليسار الاوروبي. في حزب العمال البريطاني، مثلا، فقدوا خط الفصل بين مناهضة الصهيونية واللاسامية، او على الاقل الادعاء بوجود مثل هذا الخط.
ليست القصة هي جيرمي كوربين، زعيم الحزب، الذي جعل رجال حماس وحزب الله اصدقاءه. فقد استقال اليكس تشالمرس، رئيس الخلية الطلابية لحزب العمال في جامعة اكسفورد، قبل سنة من رئاسة الخلية بسبب الرائحة اللاسامية لدى رفاقه في الخلية. ومؤخرا فقط قررت لجنة داخلية للحزب تبرئة كين لافينجستون، رئيس بلدية لندن سابقا، من الاتهامات باللاسامية. وحسب «الجارديان» اليسارية نشرت شجبا حادا للحزب. صحيح ان الدعم لحزب العمال في انخفاض، ولكن الانباء السيئة هي أنه يصبح شعبيا في أوساط الشباب.
هكذا بحيث أن ثمة قاسما مشتركا بين اليسار المتطرف واليمين المتطرف ـ الكراهية والعنصرية. وليس مهما ان تكون هذه كراهية اليهود أم المسلمين. فالعنصرية هي عنصرية. والكراهية هي كراهية، والخوف من الإسلام قريب من اللاسامية أكثر من العطف على الصهيونية.
يديعوت 12/4/2017