من المؤكد أن استدعاء رئيس مجلس الشيوخ على جناح السرعة، ولقاءه برئيس الجمهورية ساعات فقط بعد وصوله الى نواكشوط، سيكون له ما بعده؛ خاصة وأن تسارع أحداث ما بعد زلزال الشيوخ يُنذر بصيف سياسي ساخن ليس من طرف أقطاب المعارضة فحسب، بل حتى من داخل رموز النظام نفسه.
لن يكون من السهل على رئيس الجمهورية استرضاء الشيوخ؛ وهو من اتخذ قراره بالذهاب إلى الشعب، ولن يفوًت الشيوخ كذلك أية فرصة للتنكيل بحكومة وحزب حاكم، عرضوا بهم بل والصقوا بهم صفات "التخوين"، ونقض العهود..!
ولد الحاج وإن تذرع بإجراء فحوصات طبية بإسبانيا، ليمكث أكثر من شهر هناك يدرك أكثر من غيره أن زملاءه ضربوا عصافير حكومة ولد حدمين وحزب ولد محم بأكثر من حجر، قبل أن يختاروا "الصمت" في انتظار أن يفيق الرئيس من هول الصدمة ويدرك أن تجاوزهم لن يكون في صالح النظام، إن لم يخدم خصومه بالدرجة الأولى.
ما يدركه الجميع أن هنالك ما يطبخ على نار هادئة، وتلاحق الأحداث أكبر دليل على ذلك، فالرئيس استدعي فجأة إلى "الإيليزى" واعتراض موكبه في قلب باريس من طرف محتجين لم تعرف خلفياتهم، والعاصمة نواكشوط تعيش ـ هذه الأيام ـ على وقع احتجاجات واعتقالات وجرائم متنوعة، ومبادرات دعم تعديل الدستور اتسعت بل وأخذت طابعاً جهوياً وقبلياً مقيتاً قد لا يعكر صفوه إلا تلك الأصوات القادمة من أقصى الشرق والتي عبًرت صراحة عن ما تعانيه من فقر وغبن وتهميش.
لن يقبل "الشيوخ" على لسان رئيسهم بأقل من رأسي ولد حدمين وولد محم، إذا ما أراد رئيس الجمهورية استقطابهم، بحسب مراقبين، ولن يحاول الرئيس مرة أخرى أن يلعب بالنار مع رجال خبروا لعب الكبار، ولقنوا للنظام درساً في السياسة أنسته أزمته الأزلية مع المعارضة وجعلته "يترنح" ما بين الإصرار على قرار الاستفتاء، والخوف من ما تخبؤه الأيام القادمة.