“مونا ماوند”، واحدة من أوائل الإناث العاملات في المخابرات البريطانية، وقد بقيت هويتها مجهولة حتى تم إلقاء الضوء عليها في كتاب جديد صدر مؤخراً.
تنحدر الجاسوسة البريطانية “ماوند” البالغة من الطبقة العليا المحافظة، وعملت في الطباعة أثناء تمريرها لأسرار هامة طوال الوقت تحت الاسم الرمزي m/”M/2″، وقامت بتقديم أول تقاريرها التجسسية إلى المخابرات في عام 1932.
في ثلاثينيات القرن الماضي قامت “ماوند” باختراق الحزب الشيوعي السوفييتي، وحددت الجاسوس البريطاني الذي كان الأطول خدمة في الاتحاد السوفييتي، لكن تم تجاهل هذه التحذيرات من قبل الرئيس الذكر الذي لا يؤمن كثيراً بقدرة النساء في التجسس.
وكانت التعليمات الصادرة لـ “ماوند” بحضور اجتماعات الحزب الذي كان حريصا على توظيف المتطوعين ذوي المهارات العملية مثل الطباعة، لكن قيل إن “ماوند” فشلت في الحصول على أسرار هامة جدا من الحزب.
وتقاعدت “ماوند” في عام 1940 للعناية بوالدها المحتضر، وتوفيت في عام 1966، دون أن يعلم أحد بالخدمة التي قدمتها إلى بلدها.
توفيت والدة “ماوند” عندما كانت في الرابعة، وقضت بقية حياتها في رعاية والدها الرجل العسكري عندما التقى بها “ماكسويل نايت” رجل المخابرات الذي عمل على تجنيدها.
كان “ماكسويل نايت” من كبار أساتذة الجاسوسية ومخترع العديد من تقنياتها في بريطانيا العظمى، وكان رائدا في استخدام الموظفات مخالفاً بذلك تعليمات رؤسائه، قائلا إنه “يمكن أن يكن فاعلات للغاية، فالسكرتيرة يمكن أن ترى كل شيء يجري حولها في حين أنها تبدو مثل قطعة من الأثاث”.
وقال نايت “غالباً ما يعتقد بأن النساء أقل تكتما من الرجال، لأن عواطفهن هي التي تتحكم بهن، وليس أدمغتهن ويعتمدن على الحدس بدلا من العقل، وإن الجنس سيلعب دورا مقلقا وخطيرا في عملهن”، مشيرا إلى أنه “في تاريخ التجسس ومكافحه التجسس ، فإن نسبة عالية جدا من أكبر الانقلابات قادتها النساء”.
تمكنت “ماوند” من كتابة تقرير حول فضح “نايت” لعصابة التجسس السوفيتي في بريطانيا، وهي عملية أخرى اعتمدت بشكل رئيسي على جاسوسة للسوفييت تدعى “ميلينا نوروود” تعمل سكرتيرة.
وحول “نوروود، كتبت “ماوند” إنها “شخصية نشطة في النقابة التجارية، لكن يحيط نشاطاتها الفعلية مع الحزب الشيوعي قدرا معينا من الغموض، ولديها زوج لا يعرف عنه أي شيء إلا أنه يبدو شبيهاً بتشارلي شابلن”.
وقد ظهر اسم “نوروود” بالفعل في مذكرات الجاسوس السوفييتي الذي ألقي القبض عليه، في حين ذكرت “ماوند” أنها كانت “نوعا مناسبا للقيام بالنشاطات تحت الأرض بالتأكيد”.
وقد كان هذا الأمر صحيحا، فقد تم تجنيد “نوروود” كجاسوسة سوفيتية في بريطانيا، ومنحت الاسم الرمزي “هولا”.
وقام “نايت” بتحذير رئيسه “جاسبر هاركر” حول “نوروود”، لكن تم تجاهل التحذير تماماً، لأن هاركر لا يعتقد أن النساء يمكن أن يكن جاسوسات جيدات.
وبالنسبة لهاركر، فإن “نوروود” لم تكن تستحق التحقيق، ولسوء حظ وكالة المخابرات العسكرية، فقد كانت هذه السكرتيرة تعمل في الرابطة البريطانية لأبحاث المعادن غير الحديدية، التي كانت تعمل خلال الحرب العالمية الثانية على مشروع القنبلة الذرية في المملكة المتحدة، وكانت قادرة على نقل الوثائق الهامة والحساسة التي تمر عبر مكتبها.
وكانت “نوروود” قد بقيت على عملها السري لعقود، وفي العام 1958، تم منحها وسام الراية الحمراء من قبل المخابرات السوفياتية. وفي عام 1960 تم صرف معاش تقاعدي لها حوالي 20 جنيها (56 دولارا) في الشهر.
عندما انشق عميل المخابرات السوفيتية في العام 1992، كشف عن مخبأ كبير من الملفات، وظهر من خلال تلك الملفات اسم “نوروود”، لكنها تركت في سلام، إلى أن كشفت عنها الصحافة في عام 1999.
وقالت “نوروود” بعد أن تم افتضاح أمرها “أخشى أنني كنت فتاة شقية جداً”، وقد وتوفيت في عام 2005 بعد أن بلغت من العمر 93 عاماً.
المصدر: ارم نيوز