حديث الساعة اليوم هو التعديلات الدستورية المرتقبة ، لا حديث للشناقطة إلا التعديلات والرئيس والمعارضة. الناس اليوم اتباع كل رويبضة من المتعالمين والسياسيين والمفكرين والليبراليين والفرنسيين، وكل من لا خلاق له من العلم بالدين أو الفهم فيه أو حتى السؤال عنه ! ترك المسلمون المتمسكون بدينهم – لأن التمسك بالدين في هذا الزمن أصبح شبهة لكثرة الشبه وسيطرة أعداء الدين -، تركوا المجال لشرذمة تسمى "النخبة" هي أحق بوصف "اللعنة" لإسهامها في ابعاد الناس عن طريق ربهم المرسوم. نخبة من المتخنزبين المتغاضين عن كل ما ينفع أمتهم حقا، ضرب لنا أكثرهم المثل في التمسك بزخرف الدنيا – زخرف النصارى -، والسكوت عن كل ما يضر بدينه وأهله بل والترحيب به ونشره !.. نخبة ممن تكلموا باسم الدين وهم متشبثون بأباطيل الدنيا وأموالها، ولا أحد يجرؤ على الإعتراض عليهم بكلمة لأنهم أصبحوا مشاهيرا، أصبحوا نجوما يقدسهم الناس إلى درجة العبادة (ولا كمال لغير الأنبياء في مجالها)، حتى تحقق في الواحد منهم الوصف الإبليسي الشهير: "معبود الجماهير". أصبحت الشهرة الفارغة تحصن الناس اليوم من المحاسبة أو حتى الإعتراض على أخطائهم ! ومثال ذلك ما دار بيني وبين أحد غربان هؤلاء النجوم المعجبين بهم، ممن غره بريقهم ولمعانهم في الفضائيات ، قلت له إن صاحبه قد أخطأ في مسألة وأتيته بأدلة مرئية ! فبدل أن يركز على ردها بالحق إن كان لديه أو لدى صاحبه حقا، انصب على شخصي معترضا، لا يصدق أن مثلي يعترض على ذلك النجم ! أصبح مجرد الإعتراض على أخطاء هؤلاء خطأ في حد ذاته ! عجبا لواقع المسلمين اليوم، حتى الحوار أصبح مستحيلا بينهم، وضع الشيطان بينهم وبينه سورا من الجهل والأدب الزائف والأخوة الكاذبة والنفاق بحيث لم يعد الواحد منهم قادرا على الأمر بالمعروف أو النهى عن المنكر في مجال العقيدة خصوصا، وهو أساس الإسلام !وهنا سؤال يطرح نفسه: هل الإعتراض على المتعالمين والمخطئين من أهل البدع وغيرهم من المبتعدين عن الصراط المستقيم، يعتبر من التشدد وضيق الأفق ؟لا، بل هو مما اتفقت عليه الأمة، بل التطرف هو التعصب لشخص في مسألة يعرف المتعصب له أنه مخطئ فيها ! وما أكثر ذلك !أصبح مجرد الكلام عن اهل البدع او المخالفات العقدية أو حتى عن هذه الديمقراطية اللعينة، مدعاة إلى الشك في قائله والتنقيص من شأنه ووصفه بالغباء والتشدد رغم أن ما يأتي به من أدلة لم تخرج من فراغ !تم ترك هؤلاء الغربان (النخبة) ينظّرون ويفتون وينعقون في المحافل كما يشاؤون، ويبنون الهيئات والمنظمات، ويقيمون بين السماء والأرض في الطائرات طلبا للدعم والمال، والمشاركة في المحافل الماسونية التي لا هدف لها إلا إنهاك المجتمعات الإسلامية قبل دكها، لا يبتغون بذلك غير وجه الشيطان وإن أظهروا للناس فهما وثقافة ولحى طويلة !هم كنجوم Rap لا فرق بينهم ، وإذا كان ذلك الكلب المغني النابح يعلق سلسة في عنقه، فإن هذا يعلق لحية طويلة أو ربطة عنق نصرانية ملفوفة بعناية، وهو على الصفحات الاجتماعية أشهر من الراقصات والممثلات ! أضاعونا بفهمهم الناقص الذي أسموه وسطية كما لو كان الإسلام تطرفا ! تلك الوسطية الفاجرة التي عانقت الديمقراطية الملحدة وكل أنواع البدع، وتجرد أصحابها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ما تعلق بالعقيدة منه) كأن الدنيا وُجدت ليعيش الناس فيها دون اعتراض على أباطيلهم التي لا نهاية لها إلا بزوالها، وتأمل في تساهلهم مع دين النصارى الديمقراطي والبدع التي اتفقت الأمة على ردها، فهم لا يردونها بل يحتضنونها وينامون معها !الوسطية عندهم هي قبول الديمقراطية الفاجرة ! هي التساهل مع الإنحرافات البدعية الظلماء، يتذرعون بالمقولة الإخوانية الإبليسية: "نجتمع فيما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" أي نعذر الكافر الديمقراطي في رفضه للدين في نظامه الماجن الفاسق، ونعذر الشيعي القاتل القذر البذيء الفعل واللسان، ونعذر الصوفي المخرف القائل بوحدة الوجود الذي جعل رب العالمين في كل مكان حتى جثة الكلب (والعياذ بالله)، وجعل من الناس من يجر الشمس مع الملائكة (إن كانوا أصلا يجرونها)، ووضع للأمة عبادات وأدعية مبتدعة دخيلة أملاها الشيطان على شيوخه، لم يعرفها أبو بكر وعمر، ولا الشافعي وأحمد ولا الطبري والسيوطي.. ولا عزيز وولد داداه !الوسطية أن لا يكون همك إلا العيش بين الناس كعنصر محايد على فمه قفل، يجمع المال والفروج، ويجامل في دينه، ولا يغضب إلا عندما يتم المساس بأوقياته المشؤومة عليه ! من غرائب هذا الزمن التي تستحق من عقلاء المسلمين – إن وجدوا - وقفة جادة: كثرة التهافت على "الدنيا"، خصوصا في صورتها السياسية الفكرية الفنية الفاجرة، فقد اتجهت النخبة المنحوسة إلى تلك الوجهات الشيطانية بعد أن تشبعت بالتعليم الغربي العفن الذي تفوح منه رائحة الخمور والعهر والفجور من بين المعادلات الرياضية والغازات الكيميائية، والذي يبدو أنه أنسى الأكثرية إسلامها !غلف الشيب الغافلين ، ولوت التجاعيد أجسادهم ، وأحنى الدهر ظهورهم، وأضعف أبصارهم، وهم متمسكون بعود الغريق الذي لن ينفعه ! متمسكون بالدنيا التي قد تقيم الحجة عليهم يوم القيامة لجهلهم وضلالهم. فقبحت السياسة المتعالمين والشيوخ، ودفعتهم إلى الغش والكذب والخسة، وطبعت فرس "الإتحاد من أجل الجمهورية" على جباههم بدل علامة السجود !تصاعد دخان التعديلات الدستورية اليوم ، وللرئيس – بالمناسبة - الحق في فعل ما يريد لأنه رئيس حتى يأتي اليوم الذي يصبح فيه "غير رئيس" . له إقرار ما شاء دون استشارة أي غراب من السياسيين المناكيد، ولمن سيخلفه – رئيس الأغنياء القادم لأن الفقراء المحظوظين قد حصلوا على فرصتهم الذهبية العزيزية – أن يمحو كل إنجازاته ، الأمر كله لا يعدو كونه لعبة دنيوية مضحكة يتورع عن تكبيرها عن قدرها أصغر طفل عاقل، اللهم إلا إذا كان باحثا عما يضعه في جيبه مثل هؤلاء الجوعة.للرئيس أن يفعل ما شاء، له أن يدخل السخفاء في سخافة – كهذه - تزيدهم سخفا على سخفهم، بدل التركيز على الإنجازات الملموسة التي أحل محلها هذه الإنجازات الوهمية التي مللنا التشدق بها. الإنجازات التي تنعكس إيجابا على المواطنين في كل المجالات وأولها مجال الدين – ولو كره الكافرون والوسطيون - فنحن مسلمون يا مسلمين ! أم أننا أصبحنا فرنسيون (ها لا لا لويا) ؟!والتركيز على البنى التحتية غير المرقعة في مجال التحضر والصحة والتعليم وغيره، وكلها أمور الإنجاز فيها شبه معدوم على أرض الواقع ، وبدل أن يختم الرئيس فترته – كما وعد عندما هل هلاله القصير – بتحقيق شيء فيها، يبدو أنه سيختمها بهذه التعديلات التي ستمحو أحجار التوحيد المثبتة للنشيد ، وتضع خطين أحمرين (ليتهما على الأقل كانا أبيضين ليتماشيا مع الألوان الأخرى) على قطعة قماش أفقنا عليها، وصنع مجالس جهوية كئيبة يرتع فيها رعاة الإبل والدنيا، كأن ما عندنا من جهوية وقبلية وأنانية لا يكفي ؟ كل هذه الإنجازات الكرتونية تجري في الوقت الذي لا يجرؤ فيه أحد - حتى معاليه - على الإقتراب من التعليم أو الصحة أو أرصفة المدينة التي أعجزتهم ! أو توفير الرواتب المجزية والبضائع الرخيصة للمواطنين، أو حتى مراقبة ما يأكلون، وبالمناسبة لا أشتري ساندويشا من أحد المطاعم الشهيرة عندكم إلا أعطيته للكلب لأنه غير صالح للأكل ! أعتقد أن أكثرهم يبيع المواد المثلجة، ويضع فيها مواد مزيلة للطعم (حوامض أو غيرها)، فمثلا ترى الوجبة لها طعم واحد رغم أنها متنوعة المكونات (فعلى سبيل المثال لا تجد طعم الطماطم ولا اللحوم، لأن المواد التي يضعون فيها تفسد كل شيء وتوحد الطعم مع طعم العفونة، حسب ما أعتقد، فاحذروا منهم). أين الرقابة على هؤلاء الذين يبيعون الوجبة بأضعاف أضعاف ثمنها في بلدانهم التي جاؤوا منها، وهم رغم كل ذلك ناكرون للجميل لا يراعون فينا إلا ولا ذمة، ولا يبيعون لنا إلا الفاسد من الطعام رغم أننا ندفع جيدا لهم !! 1000 أوقية (أكثر من 15 درهما) ثمنا للساندويش المتعفن الذي يمنون به علينا ! فمتى تكون لنا دولة تهتم بمنافعنا بدل الجباية المتزايدة ، والويل للسائقين منها بالمناسبة. ما أقبح السياسة بلا دين، والتجارة بلا دين، والحياة كلها بلا دين.. ما أقبح قصور تفرغ زين بلا دين ومنها القصر الرئاسي إذا خلا من هدف تذكير الناس برب العالمين، وانحصرت أهدافه في تحقيق مآرب المجتمع الدولي النصراني الخسيس اللئيم المتعاون مع للشياطين.ما أقبح فعل الشيخ عندما يتحدث في كل الأمور الدينية ما عدى العقيدة التي يعتبر التقصير فيها أساس الشرك وتفرق المسلمين !ما أقبح تعاليم الكهل السياسي المؤمن بنبية الشيطان العاهرة "الديمقراطية"، وما أسخف كلامه المبني على الشكوك والظنون عندما يثرثر حول السياسة والتعديلات والتبديلات بانيا كلامه على الرجم بالظنون والنفاق الدبلوماسي القبيح !ما أقبح الحوارات السياسية، وما اسخفها. كل غراب ينعق في واد، والتعديلات التي هي موضوع التناقر في واد ! والمواطن الغافل الذي لم يجد من تجار الدين من يعلمه أسس العقيدة ويرده عن البدعة، متكئ في واد أمام التلفزيون 24/24 ساعة يستمع إلى التحليلات العقيمة التي ليس فيها من ذكر الله إلا ما في الطرب الحساني من التقوى !وعندما تذكره بذلك الضياع الذي هو غارق فيه، وتحذره من قناة الخنزيرة ورويبضة النخب، يصيح فيك ابتعد أيها المتشدد فأنا ديمقراطي وسطي فنان محب للنساء والجمال و"الإتحاد من أجل الشيطان"، أقصد "من أجل الجمهورية" !لا نريد تعديلات دستورية ولا غير دستورية، نريد عودة بالمسلمين إلى طريق الدين الصحيح – لا طريق فولتير ومجلس الأمن الماسوني -، نريد تحصينهم ضد التجهيل الفتاك المستمر الذي لم يشهد أي عصر من عصورهم مثله ! نريد اعتراضا على قوانين الغرب ومناهجه وطرقه، نريد دمجا للعلوم الشرعية في المناهج النصرانية المفروضة علينا، على الأقل ما دامت المطالبة بإحلالها مكانها ثامنة المستحيلات !نريد من الدولة أن تجعل هذا الدين العظيم أساسا لإنجازاتها، وأن تطبق تعاليمه وتعطيه الأولوية، وأن تحصن شعبها ضد هذه التحديات الإبليسية التي تهدده وتهدد كل دول المسلمين، وما اكثرها وأكثر الغارقين فيها وأولهم هذه النخبة الشيطانية الضالة، وهذه المناهج التعليمية المتجردة من معرفة الله عز وجل ورسوله الكريم والصحابة العظام ! بل بدلا من ذلك يخرج الطالب من تلك المزبلة التي لا تهدف إلا إلى وتحصيل الأوقية، وهو خبير بالكلب ديكارت والخسيس أوغست كونت والقاتل نابليون بونابارت !نريد من الدولة أن تمنع المواقع الإباحية من مصدرها وهو الشركة..نريد منها أن تجمع هؤلاء المتعالمين المتنافرين باطنا المتآخين ظاهرا، على طاولة الحوار ليخرجوا بتوافق حول الدين الذي أنهكه التشتت والتشرذم والخلاف حتى أصبح مجرد الحديث عن الحوار فيه مدعاة إلى وصف الداعين إليه بالدعوة إلى الفرقة والخروج على الجماعة المتفقة على الضلال !هذه هي التعديلات التي نريد والتي لن نرى لها وجودا في ظل هذه السياسة الإبليسية العفنة، على أصحابها من الله ما يستحقون، أما تغيير العلم والشيد وغيرهما فلن يزيد البلد إلا ضنكا وشقاء ككل التغييرات والإنجازات البعيدة من خدمة المواطنين، ثم يا أخي، ألست مخاطبا بقوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" ؟لنسأل أنفسنا جميعا: هل نسكنا ومحيانا ومماتنا لله رب العالمين أم للسياسة والتجارة والفن ؟!جعلني الله وإياك وجميع المسلمين ممن تتحقق فيهم هذه الآية العظيمة التي تدلنا على أن الدنيا لم توجد إلا لمعرفة الله تعالى ورجاء جنته الغالية..
سيد محمد ولد أخليل