في قاعة رقص منزوية في مركز صدى الساحل للفنون غرب العاصمة الموريتانية نواكشوط، تواصل مجموعة من الشباب تدريبات الرقص المعاصر.
ورشة تكوين حول التعبير الجسدي يقدمها فنانان (فلانتين شميل، وإلينا رينولدز) قدِما من شمال البحر الأبيض المتوسط يحملان معهما «فنا جديدا» على الأقل بالنسبة لهؤلاء الشباب الذين يبلغ عددهم اثني عشر، متوزعين بين فتية وفتيات من فرق مسرحية موريتانية وأندية شبابية.
يقول منظم الورشة في موريتانيا، محمد ولد إدوم لـ «القدس العربي» إنها تأتي في إطار «مشروع بين الفاعلين الثقافيين في العالم العربي، وأوروبا، وأمثله أنا من موريتانيا، وفلانتين من ألمانيا، تحت رعاية مؤسستين ثقافيتين من العالم العربي وأوروبـا، وهـما دار السـينمائيين (موريتانيا)، وOMA أوثر ميـوزيك أكـاديـمي (ألمانيا)».
ويتابع: «الفكرة في المشروع هي الرؤية الفنية، وتستهدف الشباب بشكل أساسي. انطلقنا من سؤال: هل الثقافة والفن يمكنهما تغيير العالم؟ وإلى أي حد يمكن أن يغيراه؟ في عالم محكوم بثلاثية رجال الأعمال والسياسة والجيش؟».
إدوم، وهو شاعر وسينمائي موريتاني، يشير إلى أن هنالك «ثلاثة مكونات، عبارة عن سلسلة من الأنشطة الثقافية والفنية، تمت في ألمانيا، وبالمقابل هناك أنشطة يقوم بها فلانتين في موريتانيا منها الفيلم الوثائقي بالموازاة مع الورشة التدريبية حول التعبير الجسدي».
يواصل: «نقابل في الفيلم كلا من الفنانين والمثقفين والعامة من جميع أنحاء العالم يتحدثون فيه عن رؤيتهم الشخصية والعامة للعالم، حيث تم تصوير جزء منه في ألمانيا، ونصور الآن بقيته في موريتانيا».
ويرى فلانتين شميل، أن من الضرورة خلق جسر لتلاقي الشباب والفنانين والمثقفين من الشمال (أوروبا) مع فنانين ومثقفين من الجنوب (العالم العربي)، للتبادل والاستفادة من الخبرات، كما تقوم بذلك ورشة مشروع تاندم شمل، وتهتم بتكوين شباب منتسبين للجمعيات الشبابية والفنية في المجتمع المدني الموريتاني حول التعبير الجسدي.
ويضيف أن تجربتهم القصيرة غيرت رؤيتهم بشكل تام عما كانت عليه، وهي الرؤية التي عند الألمان والأوروبيين بشكل عام عن العرب والأفارقة، مؤكداً أنها رؤية مشوهة لما عليه الواقع.
وعبّرت إلينا رينولدز، عن سعادتها بالحضور إلى موريتانيا، وأنها «أحست بروح التواصل الإنساني وهي تتدفق بينها والمشاركين في الورشة، وهو ما يجعل التواصل بين شباب من الشمال وآخرين من الجنوب أمرا هاما».
وحسب رينولدز «رغم إجادة بعض المشاركين للغة الإنكليزية والفرنسية، إلا أن التواصل كان قائما بدون كلمات، وخصوصا أن الورشة للتعبير الجسدي».
عالي ديدة، وهو فنان مسرحي شاب موريتاني يشارك في الورشة: «الدورة تميزت بكون المشاركين لهم تجربة في التعبير الجسدي لكن المسرح الذي يتخذ من الجسد أداة للتعبير، وهذا ما سهل على المكونين طريقة التعليم «.
وأكد أنهم قاموا بتمارين «التحمية وتنمية الإحساس بالجسد وتحديد موقع الجسد في الفضاء والأجساد القريبة منه ثم معرفة ثقل الجسد على الأقدام وطريقة استخدامه ايجابيا».
وأضاف في تصريح لـ»القدس العربي» أن التمارين «تهدف إلى الوصول لمرحلة التعبير بالجسد بداية من حركة اليدين التي من خلالها يتم رسم الكلمات بالحركات وصولا إلى إنتاج عرض «سولو» منفرد يحمل بداية واضحة ووسط ذا حبكة ونهاية متوقعة» .
فتحية أحمدي، هي إحدى الفتيات المشاركات في الورشة قالت أن الأخيرة «تفتح أفقا جديدا أمام المهتمين بالفنون التعبيرية وخاصة المسرح والتعبير الجسدي»، موضحة أنها «استفادت من خبرات الفنانين الألمانيين اللذين كانا رائعين» على حد تعبيرها.
و»تاندم شمل»، مشروع تبادل ثقافي تستمر دورته لمدة عام يهدف إلى إقامة شراكات طويلة الأمد بين فاعلين ثقافيين ومؤسساتهم من المنطقة العربية وأوروبا.
البرنامج هو مبادرة قامت بتطويرها، في عام 2012، المؤسسة الثقافية الأوروبية (أمستردام)، ومؤسسة MitOst (برلين)، بالشراكة مع مؤسسة المورد الثقافي (المنطقة العربية)، وبدعم من مؤسسة دون (أمستردام)، ومؤسسة ميميتا (النرويج)، ومؤسسة روبرت بوش (ألمانيا)، والمجلس الثقافي البريطاني (الشرق الوسط وشمال أفريقيا).
»القدس العربي»