رغم تحديد مجلس الوزراء لتاريخ الاستفتاء حول التعديلات الدستورية ومصادقته على مشروعي قانونين دستوريين استفتائيين وعلى مشروع مرسوم يقضي بتنظيم إحصاء إداري ذي طابع انتخابي تكميلي، يشمل كافة التراب الوطني والموريتانيين في الخارج بهدف تكميل وتحيين اللائحة الانتخابية التي تمت بها الانتخابات الرئاسية الأخيرة سنة 2014، فإن الحديث عن احتمال تأجيل أو حتى إلغاء الاستفتاء ظل يرافق التحضيرات المقام بها لتنظيمه.
يجد الحديث عن التأجيل مبرراته في أن اللجنة المستقلة للانتخابات – بالرغم من أنها أنهت يوم أمس دورة تكوينية لصالح رؤساء وأعضاء فروعها الجهوية والمحلية المكلفين بتنظيم الاستفتاء الدستوري- ما تزال تتهيب توقيع عقود مع الموظفين الذين كونتهم في انتظار صدور المرسوم الخاص باستدعاء الهيئة الناخبة المتوقع صدوره بداية الشهر القادم، كما أنه من بين هذه المبررات بقاء العمل التعبوي "الرسمي" للاستفتاء في حالة توقف شبه كامل.
فبعد الاستعداد لإرسال وفد حكومي رفيع المستوى لإعطاء ما يشبه شرارة الانطلاق للحملة من المناطق الشرقية، يجري تأجيل تحرك هذا الوفد أسبوعا بعد أسبوع وسط شكوك قوية في إمكانية تحركه أصلا. كما أن اللجان رفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد من أجل الجمهورية للتعبئة، بقيت جامدة من دون حراك ولم يتم حتى الآن إكمالها بما يعرف "بأطر الدعم".
ينضاف إلى ذلك الاستياء الذي عبرت عنه بعض أحزاب الأغلبية، وأعلنته قوى المعارضة المحاورة، من إقصائهم من "عمليات التحضير للاستفتاء"، حيث كان أقل ما يتوقعه الطرفان إشراكهم في تصور وتنفيذ الاجراءات المتعلقة بتهيئة الاستفتاء إن لم يكن في السلطة من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية جرى الحديث عنها كثيرا بعد تصويت الشيوخ ضد التعديلات الدستورية.
وتحدثت مصادر متطابقة عن أن الوزير الأمين العام للرئاسة وعد مختلف هذه الأطراف ببحث الموضوع معهم بشكل جدي خلال عطلة نهاية الأسبوع الجارية، مما جعل أوساطا في المعارضة تتوقع "اتفاقا سياسيا جديدا" تكون بموجبه قادرة على مواكبة ما يجري الاعداد له من منطلق الشراكة.
ينضاف إلى كل ذلك أن المناخ العام الذي تعيشه البلاد والذي تطبعه أصناف من التوترات بعضها غير معهود وبعضها الأخر بالغ الخطورة، يجعل من بين الأولويات الوطنية التفكير في خفض منسوب هذه التوترات، بدل المضي قدما في تنظيم انتخابات مثيرة للجدل وقد تكون الهدية التي ينتظرها من يتحينون الفرص للدفع بالأوضاع الداخلية باتجاه نقطة اللاعودة !