الأفلام لديها القدرة على إثارة مشاعرنا، فإنها يمكن أن تجعلنا نجهش بالبكاء أو نطلق الضحكات، وتشع فينا الأمل أو تبعث الاحساس باليأس، وهذا هو السبب وراء تسخير قوة هذه الوسيلة من جانب الأطباء النفسيين.
كل يوم أربعاء، يجلس مارتن بولتروم، وهو طبيب نفسي في فيينا، يستخدم السينما كوسيلة للعلاج، مع 30 إلى 50 مريضا لمشاهدة فيلم – وهذا جزء إلزامي من علاجهم من الإدمان، وبعد ذلك يناقشون ما شاهدوه.
ويقول بولتروم «السؤال ببساطة هو كيف تغوض في اعماق النفس البشرية للمريض»، مضيفا «إذا تأثروا بالصور والموسيقى المذهلة لفيلم، فإن من الأسهل بالنسبة لهم أن يتحدثوا عن الأمور الشخصية.» ويستخدم بولتروم الأفلام الكوميدية والدرامية لعلاج المدمنين منذ عام 2009 .
وفي كل عام في معهد انطون بروكوش فى فيينا، أحد أكبر العيادات للعلاج من الإدمان فى أوروبا، يخضع حوالى الفي مريض للعلاج من مشاكل، يتعلق معظمها بالمشروبات الكحولية والمخدرات وألعاب الفيديو.
ويقول إن استخدام الأفلام في العلاج وسيلة مناسبة للجميع، وإنه يستخدم تشكيلة كبيرة من الأفلام من «يوم فأر الأرض» إلى «الجمال الأمريكي». ويقول إنه فضل، لبعض الوقت، قصص الحب، لأنه موضوع يهم الجميع، كما أن العديد من المدمنين يعانون من مشاكل في العلاقات مع الآخرين، بل أنهم انفصلوا عن شركائهم بسبب إدمانهم.
ويضيف: «إن تذكيرهم بكيف يمكن أن يكون الحب جميلا، يمكن أن يكون أمراً مفيدًا لهم». ولكن بعض المرضى يكونوا متشككين جدا تجاه النهايات السعيدة على غرار أفلام هوليوود».
ويستطرد «لا يحب الجميع الممثل الكندي تايلور كيتش»، لكن هناك آخرين لا يريدون رؤية الجوانب المظلمة في فيلم، بل يريدون رسالة ايجابية».
وأفلام مثل الفيلم الرومانسي «كل وصلي وحب» (عام 2010 ) يشبع هذا النوع من الحاجة. وتدور قصة الفيلم حول قيام ليز جيلبرت، التي تجسد شخصيتها جوليا روبرتس، برحلة لاكتشاف الذات.
ويقول بولتروم، الذي يجد مرضاه بسهولة أن هناك تشابها بينهم وبين شخصية جيلبرت، وان يربطوا حياتهم الخاصة بالفيلم، «يظهر الفيلم كيف يمكن ان يضل شخص ما طريقه في الحياة، ثم مايلبث أن يعود إلى طريق الصواب مرة أخرى. بالنسبة للمدمنين يعد هذا موضوعا رئيسيا». ويرغب بولتروم في أن يسأل مرضاه كيف يعتقدون أن جيلبرت يمكنهاأن تغير نمط حياتها. واضاف «انهم يواجهون الواقع، ويطرحون نفس السؤال عن حياتهم».
والطبيب النفسي مقتنع بفاعلية علاجه – ويرصد ردود فعل مرضاه.
ومع ذلك، فإنه من الصعب إثبات ذلك علميا، لأن كل شخص يتفاعل بشكل مختلف مع الأفلام. ووفقا لـ «بولتروم»، فإن هذا هو السبب وراء عدم انتشار العلاج في جميع أنحاء العالم.
وباستثناء هذا الطبيب النفسي، ففي المناطق الناطقة بالألمانية، هناك طبيب نفسي نمساوي آخر يستخدم الأفلام كوسيلة للعلاج، وأن أيا منهما غير معروف في ألمانيا.
ومع ذلك، فإن هذه الطريقة في العلاج أكثر شيوعا في الولايات المتحدة، حيث بدأ طبيب نفسي في مدينة بوسطن في وقت مبكر في عام 1912، في عرض أفلام صامتة على مرضاه.
ولكن العلاج قد تكون له أيضا آثار جانبية غير مرغوب فيها. ويقول بولتروم: «كل شيء له آثار جانبية»، موضحا أن هذا هو السبب وراء قيامه بصفة خاصة بحذف المشاهد الوحشية من الأفلام التي يعرضها على المرضى.
وقد اثارت أفلام الحب أحيانا مشاعر مثيرة لدى مرضاه. ويوضح: «إنها (الأفلام) توجههم نحو المرضى الآخرين، ولكن هذه الأنواع من العلاقات نادرا ما تستمر».
ويمكن أن تكون الأفلام مهمة في ادخال السعادة والسرور في نفوس المتفرجين، حيث أن المدمنين غالبا ما يواجهون مشاكل أخرى، بخلاف الانزواء، للتعامل معها، مثل الديون أو البطالة. ويرغب «بولتروم» في أن يعرض عليهم أفلاما تحمل رسائل أمل. ويوضح بولتروم «الناس يرون بطلا يمر بوقت عصيب مثلهم، ولكنه يتعامل مع الأزمة، ويواصل مسيرة حياته بقوة».
(دب أ)