هي أزمة غير مسبوقة بين السعودية وقطر، لكن الشد والجذب بين البلدين الجارين يمتد لعقود. وتعتبر السياسة الخارجية للإمارة الواقعة شرق السعودية ومحاولاتها المستمرة للخروج من "وصاية" الأخت الكبرى النقطة الخلافية الكبرى بين البلدين.
أزمات متكررة
تعيش قطر منذ استقلالها عن الانتداب البريطاني أزمات دبلوماسية متكررة مع السعودية. ويظل أبرز الصراعات التاريخية بين البلدين أزمة ترسيم الحدود سنة 1992. وهي الأزمة التي أظهرت خلافات بينهما ترتب عليها مقاطعة قطر لمجلس التعاون الخليجي.
ومنذ استيلاء الأمير السابق حمد بن خليفة على الحكم، إثر انقلابه على والده، تعززت رغبة قطر في البروز دوليا. لكن الرياض تساند قبيلة آل مرة المعارضة للحكم في قطر، والتي اتهمتها الدوحة بمحاولة الانقلاب في 1996.
وفي 2014، أظهرت الأزمة الدبلوماسية بين قطر وجيرانها الخلاف إلى العلن. وسحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الإمارة احتجاجا على رغبتها في "التدخل بالشأن الداخلي لدول مجلس التعاون"، بحسب تعبير مسؤولي هذه البلدان.
السياسة الخارجية: معركة القيادة
وخلال بداية "الربيع العربي" سنة 2010 اختلفت السياسة القطرية عن دول الجوار. فالإمارة لم تنضو تحت لواء المحور السعودي. وعلى الرغم من أنها دعمت العديد من القرارات الخليجية والدولية مثل الحرب في ليبيا، إلا أنها خالفت بلدان الجوار والولايات المتحدة في ملفات أخرى كالتعامل مع "حماس" و"حزب الله".
وعلى الميدان في سوريا تنسق قطر مع تركيا وتدعم التنظيمات المقربة من تنظيم الإخوان المسلمين إيديولوجيا، على عكس العربية السعودية التي تدعم التنظيمات السلفية.
وفي اليمن، وعلى الرغم من أن قطر منخرطة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، إلا أن وسائل إعلام سعودية تتهم القطريين بدعم الحوثيين ومدهم بالأسلحة والعتاد.
مصر: بين "الإخوان" والعسكر
ويعتبر تنظيم "الإخوان المسلمون" في مصر أحد أهم نقاط الخلاف بين البلدين الخليجيين، علما أن العديد من قيادات الجماعة يستقرون في الدوحة.
وبعد موجة الاحتجاجات التي أسقطت نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك دعمت قطر الرئيس المنتمي إلى "الإخوان" محمد مرسي، كما دعمت قبلها الحراك الاحتجاجي. وخلال الأزمة السياسية التي استعاد خلالها الجيش، ممثلا في شخصية المشير عبد الفتاح السيسي، الحكم انتقدت قطر ما أسمته "الانقلاب".
وخلافا لقطر فإن السعودية تدعم الجيش وقدمت معونات اقتصادية للبلاد بعد وصول السيسي إلى السلطة. وهو الأمر الذي دفع بالنظام المصري للانضمام إلى جبهة المقاطعين لقطر.
حروب إعلامية من خلال "الجزيرة" و"العربية"
ويمتد الصراع بين البلدين الجارين إلى المجال الإعلامي. وكانت قطر السباقة إلى تأسيس وسيلة إعلام دولية هي "الجزيرة"، قبل أن تتبعها السعودية بقناة "العربية" التي تبث من دبي.
وقد أثارت "الجزيرة" غضب السعودية أكثر من مرة، بتطرقها لمواضيع تخص الشأن السعودي الداخلي. وسحبت السعودية سفيرها من الدوحة سنة 2002 احتجاجا على أحد برامجها.
ويتبادل البلدان الاتهامات من خلال القنوات التلفزيونية. وبثت قناة "العربية" العديد من الأخبار "المزعجة" عن قطر، فيما يركز الإعلام السعودي على انتقاد العلاقات القطرية-الإسرائيلية.
موقف الدوحة من طهران
وتنتقد السلطات السعودية الموقف الحيادي الذي تتعامل به قطر مع إيران. وبعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة إلى السعودية ازدادت انتقادات دول الخليج لموقف قطر من طهران.
وتحاول الرياض وحلفاؤها إجبار الدوحة على قطع علاقاتها مع إيران، لكن الإمارة التي تتقاسم حدودها البحرية مع طهران، تفضل الحفاظ على علاقات "ودية" مع جارتها. وهو ما أكده وزير خارجيتها بعد الأزمة الأخيرة