انطلقت أمس على مدى أسبوعين الحملة السياسية الخاصة بالاستفتاء حول الدستور المقرر يوم الخامس من آب/أغسطس المقبل.
وبينما تجوب المعارضة الموريتانية مدن الداخل لإقناع السكان بمقاطعة الاستفتاء، هدد الرئيس محمد ولد عبد العزيز في كلمة ألقاها أمس في تجمع سياسي كبير، معارضيه مؤكداً «أن الحضور الشعبي المكثف للتجمع، رسالة واضحة ستمكن من كشف المستور والرد على المرجفين ومروّجي الدعايات الكاذبة».
وقال «إن هذه الحملة ممهدة لمصادقة الشعب على التعديلات الدستورية التي تم التوصل اليها بعد حوار بين الأغلبية الرئاسية وعدد من أحزاب المعارضة المحاورة والمهتمة بقضايا الوطن ومصالحه».
وأضاف: «أن هذه التعديلات ستمكن من القضاء على مجلس الشيوخ الذي كلف الموريتانيين الكثير وعانوا من ممارساته، وكذا من تعديل المادة 8 المتعلقة بالعلم الوطني وعدد من المواد الأخرى، كما تشمل دمج بعض المؤسسات الدستورية في مؤسسة واحدة، ترشيداً للنفقات وتوجيهاً لموارد الشعب الوجهة الصحيحة».
وقال: «سأطلع جماهير نواكشوط في مهرجان الخميس الثالث من أغسطس المقبل على عدد من المواضيع التي تهم الشأن العام وتنير الرأي العام، كما ستمكن المهرجانات التي سأرأسها داخل البلاد من اطلاع المواطنين على تفاصيل التعديلات الدستورية والعديد من القضايا الوطنية الهاـمة».
وافتتحت اللجنة المستقلة للانتخابات في موريتانيا أمس حملة التمهيد للاستفتاء على مدى أسبوعين، مؤكدة في بيان وزعته أمس «أنه يمكن للقوى السياسية الموجودة في الساحة، أن تمارس كامل حريتها في الاستخدام القانوني لوسائل الإعلام والاتصال، من أجل الترويج لأفكارها، وتوضيح مواقفها، بهدف التأثير على اختيارات الناخب، في هذا الاتجاه أو ذاك».
وتضيف اللجنة: «وبهذا المعنى تأتي الحملة الانتخابية لتضمن للفاعلين السياسيين المتنافسين حظوظاً متساوية، في وقت محدد، وساحة إعلامية منظمة، مع العلم بأن الحملة خاضعة لمدونة سلوك تستبعد خطب الشتائم والتجريح الشخصي، وكل أسلوب من شأنه أن يثير التوترات، أو يسيء إلى كرامة المنافسين».
وأكدت اللجنة المستقلة «أنها واكبت عن كثب، وبكل استقلالية وحيادية، مجريات الحملة الاستفتائية، وستعبئ لهذا الغرض كافة فروعها في الولايات والمقاطعات والمراكز الإدارية»، مبرزة «أنها تحث القوى السياسية المتنافسة، بهذه المناسبة، على احترام قواعد حسن السلوك المعمول بها في هذا المجال، وعلى الالتزام بأعلى درجات المسؤولية في سلوكهم وخطبهم الانتخابية».
وأوضحت اللجنة «أنها تنتظر من الإدارة الالتزام بموقف الحياد التام تجاه مختلف الفرقاء المعنيين، وجهداً مضاعفاً لتوفير مناخ ضروري من الأمن والطمأنينة لحسن سير هذا النشاط الهام».
وتأتي هذه الحملة الممهدة لاستفتاء الخامس من أغسطس وسط تجاذب سياسي كبير بين النظام الموريتاني ومعارضيه الذين يعتقدون بعدم شرعية تنظيم الاستفتاء، بعد أن رفض مجلس الشيوخ الموريتاني (الغرفة العليا في البرلمان) يوم 17 آذار/مارس 2017، المشروعَ الذي تقدم به الرئيس لمراجعة الدستور الموريتاني.
وشكل رفض مجلس الشيوخ الذي يتمتع الرئيس فيه بأغلبية مريحة (46 من أصل 56)، سابقة في الحياة السياسية الموريتانية.
وتشمل هذه التعديلات إلغاء مجلس الشيوخ والاكتفاء بغرفة النواب، وإنشاء مجالس جهوية لتحقيق اللامركزية وتعويض جانب من تمثيل الشيوخ للمقاطعات، وتغيير العلم الوطني بإضافة خطين أحمرين في أعلاه وأسفله يرمزان للمقاومة الوطنية، وإلغاء المحكمة السامية التي تحاكم الرئيس في حالة الخيانة العظمى وإسناد مهمتها للمحكمة العليا.
ويعارض هذه التعديلات أعضاء مجلس الشيوخ، والمعارضة غير المشاركة في الحوار التي رفضت مبدأ تعديل النظام للدستور في الوقت الحالي، بحجة أن الدستور لا ينبغي تغييره في أجواء غير توافقية، كما تعارضه أطياف سياسية ومجتمعية رافضة لتغيير العلم لأسباب تاريخية ورمزية.
ووضعت هذه التطورات المشهد السياسي الموريتاني بشقيه الموالي والمعارض في حالة من الإرباك الشديد، وهي الحالة التي يتوقع أن تطبع المشهد خلال الفترة التي تفصل عن الانتخابات الرئاسية لعام 2019، بل إنها ستتحكم في الانتخابات المقبلة، حيث أن الصراع المشتعل حاليا إنما هو صراع حول خلافة الرئيس محمد ولد عبد العزيز.