قطر.. صناعة الكذب | صحيفة السفير

قطر.. صناعة الكذب

أربعاء, 23/08/2017 - 17:01
الشيخ بن سالك

ذات مساء في شهر رمضان المبارك دخلت مجموعة من السياسيين العراقيين على أحد القادة العرب وخلال النقاش معهم في أمور العراق وما يعانيه البسطاء جراء كارثة الطائفية والجرائم التي ترتكبها إيران في هذا البلد العربي الأصيل، فجأة حول الأمير موضوع النقاش متحدثا عن صعوبة صيام شهر رمضان وخصوصا الساعات الأخيرة من اليوم، انبهر الوسيط من حديث الأمير حيث يعلم أن الأمير من المفطرين.. بعد خروج المجموعة أسر إليه الأمير أني كذبت عليهم لغاية في نفس يعقوب..

على منوال الكذب في الشهر الفضيل ينسج الإعلام القطري مجمل تلفيقاته بخصوص الأزمة مع دول الخليج؛ مراوحا في استراتيجيته بين الهجوم بالكذب والدفاع به ولكن أنى للدفاع بالكذب عن الافتراء أن يجدي نفعا؛ في مواجهة الخطوات التي اتخذتها الدول المقاطعة لقطر والمعتمدة على أدلة ملموسة؛ وحجج تدحض كل ادعاء؛ ظهر بعضها قبل الأزمة؛ وتكشّف البعض خلالها وما خفي -تأكيدا- كان أعظم.

سمع العالم أجمع صوت أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة ووزير خارجيته يكشفان للقذافي عما في قلب القيادة القطرية من حقد على المملكة العربية السعودية؛ ويتحدثان بالتفصيل عن الجهود التي تبذل القيادة القطرية لقلب الحكم في المملكة؛ كما رأينا جميعا الشاب القطري الذي جندته مخابرات بلده لزعزعة الأمن والاستقرار في الإمارات العربية المتحدة، وبعدها ظهرت أدلة موثقة على المحاولات القطرية لقلب نظام الحكم في البحرين، وكان آخر تلك الأدلة حديث رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية سابقا الشيخ حمد بن جاسم مع الأمين العام لجمعية الوفاق المنحلة علي سلمان؛ كما ظهر أعضاء في التنظيم السري في الإمارات يتحدثون عن تفاصيل الجهود القطرية لتأليبهم على نظام الحكم في البلاد.

هذه الحقائق وغيرها من دهاليز أكاديمية "التغيير" قطعت الشك باليقين حول موضوع محاولة قطر زعزعة أمن أشقائها؛ أما نيات النظام القطري اتجاه مصر فلم يحاول سترها يوما واحدا؛ حيث دعم تنظيم الإخوان من أول يوم، ووقف ضد خيار غالبية الشعب المصري حين صدح بأعلى صوته لا للتطرف ولا للإرهاب ولا لأخونة الدولة؛ يومها خصصت جميع وسائل إعلامها للوقوف مع نظام مرسي وسمت السلطات الشرعية في مصر سلطات الانقلاب حتى بعد انتخابها من غالبية الشعب المصري.

جميع هذه الأدلة قابلها النظام القطري بأسلوب المافيا، حيث اعتمد السرقة والكذب في الدفاع عن نفسه، فتجسس على البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة ليسرق ما يدافع به عن نفسه، ولما لم يجد ما يسعفه اخترع قصة السجون السرية في عدن، مدعيا أنها تحت إشراف إماراتي، فانبرى وزير حقوق الإنسان اليمني ليفند تلك الادعاءات، ثم حاولوا تحريف تصريحات العتيبة حول أنظمة الحكم في السعودية والإمارات، محاولين اللعب على الوتر الديني للشعوب ومحرفين مفهوم العلمانية، بعدها أعلنوا امتلاك وثيقة أممية تدين الإمارات تم اتضح أن لا وجود لوثيقة كهذه أصلا.

مطبخ الدوحة الإعلامي ركز على هذه القضايا محاولا دغدغة مشاعر الجمهور العربي بأكذوبة أن قطر حامي حمى الإسلام وثوابت الأمة، ولذلك واجهت قرار المقاطعة؛ وتلك هي المحطة الأولى على الدوام لاستراتيجية صناعة الكذب في ماكينة الإعلام القطري لتقنع بها الشعوب وتأخذ ردود المسؤولين القطريين وحاشيتهم على ذلك وتروج لها كحقائق.. لعبة إعلامية بامتياز يكذبون ثم يأتون بشهود غير عدول بالمرة عسى كذبتهم تصدق.

المفارقة هنا أن هذه الادعاءات تمارسها حكومة قطر يوميا وعلى رؤوس الأشهاد، حيث تواصلت مع الكيان الصهيوني وفتحت له مكتبا في الدوحة، وأدخلت صوت الصهاينة كل بيت عربي؛ أما موضوع السجون السرية فليبيا وسوريا شاهدتان على آلاف السجون السرية التابعة للجماعات الإرهابية الممولة من قطر، والتي يمارس فيها أبشع أنواع التعذيب.

 وإذا عدنا لقضية العلمانية فالأكيد أن النظام القطري ليس إسلاميا إطلاقا؛ صحيح يتعامل مع الجماعات الإسلامية المتشددة لخدمة أجندته، ولكن بالمقابل ففنادق الدوحة تعج بالخمور وبائعات الهوى وبنوكها ربوية ونظامها يمارس الكذب والتدليس، كما يدفع ملايين الدولارات لتحسين صورته في الغرب والترويج لكونه نظاما علمانيا، فلا أعتقد أن تعيير الآخر باتهامه بالعلمانية وفق تعريفها المعياري كمناهضة للدين وارد هنا.

الثابت هنا أن المملكة العربية السعودية وبحلم الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وسلمان الحزم من بعده سترت النظام القطري بعد أن فضحه القذافي، وتغاضت عن فعلته المشينة كما غضت البحرين بصرها عن تواصل النظام القطري مع جمعية الوفاق لقلب نظام الحكم أيضا، وتركت الإمارات اعترافات أبنائها من التنظيم السري قيد السرية التامة.. كل ذلك من أجل إصلاح ذات البين، وترك المجال مفتوحا لتبقى أصابع اليد الخليجية خمسة.

لكن صناعة الكذب والترويج له عبر المنابر الإعلامية وتأليف قصص من الخيال مثل الوصاية وإمارات الخوف وغيرها تجعل البعض يقتنع بأن نظام قطر مصر على بتر الأصبع التي يمثلها وربما كي مكانها.. وللقصة بقية.