الشاعر الموريتاني سيدي ولد الأمجاد، أمين العلاقات الخارجية بالمكتب التنفيذي لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين قال إن غياب أسماء بارزة عن مثل هذه الفعاليات، كما كنا نرى سابقاً، مثل الجواهري وعمر أبو ريشة أسئلة مقلقة تطرح نفسها في سياق الأدب العربي عموماً، وإن كانت مسألة الشهرة تبقى نسبية، وعن علاقة الثقافة والسلطة قال إنها علاقة إشكالية لكن للثقافة سلطة معنوية وفكرية، بمعنى أنها مقوم أساسي من مقومات الشخصية الحضارية للأمة وبناء الفرد المستنير القادر على المساهمة في مشروع النهوض الثقافي عموماً.
فمسألة العلاقة بين سلطة المثقف والسلطة بشكل عام هي قضايا تطرح، لكن لا أعتقد أن دون المثقف العربي هو دور صدامي، فدوره أن يصوغ لهذه السلطة المعنــــوية والفكرية، آلية لبناء جسور التواصل والسلام والتنمية بمفهومها الشامل للقيم والأفكار والمبادئ.
وأكد أن المثقف هو سلطة قائمة بذاته ومتمايزة عن السلطات الأخرى أياً كانت، اجتماعية أو تقليدية أو غيرها، ولكن وظيفته إن ارتاد العوالم المختلفة أن يكون الرائد الذي لا يكذب أهله، وأن يقدم رؤية اجتماعية وسياسية مستنيرة تستطيع أن تنهض بقيم الفرد والمجتمع بصفة عامة.
رؤية المثقف
وأضاف أن الرؤية التي يجب أن يقدمها المنتج الثقافي والمثقف العربي ينبغي أن تلامس مختلف مجالات الحياة والمجتمع وهذه النخبوية التي يتهم بها المثقف العربي هي تهمة واردة لكن على المثقف العربي أن يخرج من ربقة هذه الدائرة الضيقة وأن تكون له رؤى ومبادرات لتنمية المنتج الثقافي، خاصة فيما يتعلق بالموروث الاجتماعي والشعبي للمجتمع وملامسة مختلف هموم وتطلعات المجتمع التي يراد لها أن تبقى على هامش المبادرة الثقافية.
فالمثقف يجب أن يكون على هامش ومبنياً عن إيقاع الحياة العامة، ففي كل لمسة من لمسات إيقاع الحياة اليومية ما يمكن أن يشكل هاجسا فنياً إبداعياً بالنسبة للمثقف ما يمكن أن يشكل رؤية إنسانية جميلة، ما يمكن أن يشكل حلولاً لمشكلات قائمة، وفي هذا السياق أنا أعتبر أن المنتج الثقافي هو الذي سيسهم بسمات المجتمع وبعاداته وتقاليده، وهي جزء لا يتجزأ من هذا المشروع الثقافي الذي يجب أن نؤسس عليه ملامح نهضة ثقافية جديدة.
وعي حضاري
وأعتبر أن الإرهاب بشكل عام يولد في العقول والأذهان، كتصورات وأفكار قبل أن يتجسد كممارسة معرفية وعلمية على صعيد الواقع، فإذا كان هذا الإرهاب ينشأ أولاً من العقول والتصورات فيجب أن يواجه عن قرب بمشاريع ثقافية تحاول أن تغسل درن هذا الإرهاب من العقول.
فإشكالية الإرهاب أصحابه يعتمدون على فتاوى وأفكار وتعاليم دينية تنبع من مشروعهم الفكري المتشدد والمغلق والذي لا يحاولون من خلاله تفسير العالم، بل تدمير العالم.
وأكد ولد الأمجاد أنه لا يجب فصل الثقافة عن التنمية، ويجب أن نتساءل في وعينا الحضاري على أية أرضية نقف، فنحن نقف على أرضية حضارية موغلة في التاريخ، حضارة قائمة على العلم والمعرفة والإيمان والعمل، ففي القرآن الكريم آية الإيمان وصفة المؤمنين مربوطة دائماً بالعمل.
فالإيمان ليس فقط شعوراً فردياً وإنما هو عمل وسلوك وممارسة، وبالتالي فإن تاريخ الحضارة الإسلامية عندما نتابع محطاته المختلفة نجد الابتكارات العلمية ونجد الآداب والفنون والشعر، وهذه هي الفترات الزاهية للثقافة.
وكذلك العلوم والعمران والزراعة، فالحضارة العربية في الأندلس استمرت 800 عام، وهذا يدل على أن هناك جهداً إنسانياً حقيقياً في تطور البشرية وفي التواصل معها، لذلك يجب أن ننمي قيم العلم والمعرفة، لأن العقل السليم في الجسم السليم، وعقل الأمة هو الثقافة وجسمها المترهل اليوم والمريض هو سبب عدم وضع الثقافة في مكانها المناسب من عملية التنمية البشرية والحضارية الشاملة.