لا يجوز في نظري لأي طرف يتحلى بالمسئولية ’إن في السياسة أو الإعلام ’والكل مسئول في النهاية هنا ’ و مهما كانت الدواعي والدوافع’ و من أي موقع كان من على ضفتي النهر’ العبث بالعلاقات الأخوية المتينة والتاريخية بين الشقيقين موريتانيا والسنغال ’ تلك العلاقات التي عمرها من عمر دعوة التوحيد المباركة’بله من عمر المجري المائي نفسه’ شريان الحياة والحبل السري للتوءمين ’نهر صنهاجة أو السنغال’ والذي اسمه الخالد عنوان يحمله وبفخر احد الصنوين.
وأعتقد أنه من المستهجن وربما كان من الخفة كذلك ’تهافت البعض من بيننا’ سعيا للإثارة في المقام الأول و في تعد صارخ لأصول المهنة ’إلى الوقوع في شخص السيد ما كي صال الرئيس السنغالي’ وأحيانا التهجم على السنغال من دون حدود ا وضرورة وبضراوة ’البلد المسلم و الجار والشريك في أكثر من مجال...’ وخصوصا ما تلوكه بعض الجهات المحلية التي تمتهن الإعلام أوتد عي ذلك وتجتره اجترارا.
وان بدا بعض التوتر في العلاقات بين الشقيقين من حين لآخر وهو ما قد يثير بعض القلق ’ فالأمر لا يبرر الحملة ا لمحمومة الحالية تلك ’ أو الوقوع في شخص الرئيس ذي المقام المحترم ’وبتلك الطريقة الفجة وغير اللائقة ’ لأن طبيعة العلاقات بين الجيرة والدول يعتريها الصعود والهبوط’ والقوة والضعف..’ وهكذا دواليك سنن الحياة ’ وحتى بين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة’فما بالك بالدول.
وان كان لابد من الإ قرار انه وفي أمر العلاقات الموريتانية السنغالية المتسمة في بعض أوجهها ببعض البرود والتشنج ومنذ مدة ’ وهو تقصير تسأ ل عنه وتحاسب عليه الحكومتان و بنفس القدر’
بادرت بعض الجهات الإعلامية شمال الضفة ’ وكذلك بعض الجهات الحقوقية ولتعضد ذلك و دون تفسير مقنع الوكالة الرسمية بداكار’ باستهداف الحكومة الموريتانية بالحق وبالباطل هذه المرة ’ ومن خلالها الدولة الموريتانية ’ متبعة في ذلك نهجا غريبا لا علاقة له بالواقع في اغلب الأحيان’ وهو ما أثار الاستغراب عند البعض وحتى الغضب لدى البعض الآخر’مما أستدعى في ما يبدو تلك الردود العنترية الشاذة التي طغت على بعض واجهات المواقع الإخبارية بانوا كشوط.
وان كان في ما ذهبت إليه زعما الجهات السنغالية فيه ما فيه ’مما لا يخلو من الأغراض والمبالغة المقصودة ’ وأكثره باطل يشبه الحق تنقصه الدقة والدليل’ خصوصا عندما يثار من حين لآخر’ و ركوبا للموجة ’ إرث العبودية وقضايا حقوق الإنسان في موريتانيا دون غيرها لحاجة في "نفس يعقوب ".
إرث وقضية لا يخصان موريتانيا بالضرورة وحدها... والشواهد أكثر من أن تحصي في هذا المجال’ وهي البلاد التي وفي ظل مختلف الأنظمة’ وهو أمر من ثوابت توجه الدولة الوطنية ومما لاخلاف عليه ’ تحاول ومنذ الاستقلال’ وبجهود صادقة تجاوز تلك المخلفات والآثار و بعزم وتصميم’ في سبيل بناء مجتمع متماسك و حديث’ يقوم على المواطنة والمساواة والانتماء الوطني المانع و الجامع’ وبما يتلاءم مع لوائح القانون الدولي والمحلي ’وقبل ذلك وبعده مع جوهر الدين ومقاصده العليا’ والذي قرر قبل أربعة عشر قرنا ونيف!! و في حكم غير قابل للرد ولا للاستئناف "إن أكرمكم عند الله اتقاكم" ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود..إلا با لتقوي".
وان كان في ما أثاره الإعلام المتحامل وبعض الجهات الرسمية السنغالية يستدعي في ما يستدعيه ردودا صادقة ورصينة’ لكن بعيدا عن الشتائم وعزف أناشيد البغضاء وضرب طبول الحرب العوان’ وتأليب الرأي العام .
فالشتائم والغلواء والشطط ليست أسلوبا مناسبا للكتابة المسئولة’ والزعرنة والنزق ليسا بأفضل الصفات للكاتب المحترف أيا يكن.
ومع أن الإعلام السنغالي في عمومه لايخلو من مهنية واحتراف ’ فالغالب على تناوله للشأن الداخلي الموريتاني المبالغة’ إن لم نقل التحريض المحض’ والعزف المكشوف على وتر الكراهية البغيض’ في تجاوز بين لكل محرم ومحظور’ وتاريخ علاقات البلدين لطالما عاني من ذلك مع الأسف ودفع شعباهما الثمن في نهاية المطاف . وهو الغلط بل الخطيئة التي على الإعلام الموريتاني وبشقيه الرسمي والخاص عدم السقوط فيه ’ صونا للروابط المشتركة والعلاقة الأخوية و القوية بين الضفتين’ وهي التي لا يمكن ولا يجوز رهنها بتقارب حاكم من آخر هنا أو هناك
أو العكس..
’ فالطلاق في حالتي موريتانيا و السنغال و في اعتقادي من مجال ا لممنوع أو المستحيل
وان غاب "الحب المتبادل" بين هذا النظام أو بين هذا الرئيس أو ذاك ’و لك ا ن تقول نفس الشيء عن العلاقة الا فريقية مع بقية الدول المطلة على النهر والجارة’ فالدول تحكمها مصالح دائمة في روابطها وعلاقاتها وليس أي شيء آخر.
وفي أمر ذي علاقة
وبسبب غياب عامل " الغرام المتبادل "أو الود’ بين السيد ما كي صال والرئيس الأسبق عبد الله واد ’ والسجن الطويل والمهين للوزير و ابن هذا الأخير كريم واد في عهد خلفه بتهم الفساد ’كريم واد الذي أطلق عليه السنغاليون في حينه "وزير الأرض والسماء" !! لأنه شغل في عهد والده منصب وزير للنقل والطيران والتجهيز والبيئة والبني التحتية... ولم يتخلص كريم من سجن ما كي صال إلا بشق الأ نفس’ وبشفاعة ومال قطر!!
وللعلاقة القديمة و" الخاصة " بين الرئيس محمد ولد عبد العزيز و الأسد الجريح "كوركي" عبد الله واد ’ المنافس و غريم ما كي صال’ فتش فيما يحدث عن قطر...’ وما أدريك ما قطر !!
علما انه عندما" تعطس" العلاقة بين حكام موريتانيا والحكام بالمغرب تصاب العلاقات الموريتانية السنغالية بالزكام" لخصوصية العلاقة بين السنغال والمملكة المغربية ولتبادل الأدوار أحيانا !!
ناهيك عن "حرب "أبناء العمومة التي يتصدرها في العواصم العالمية رجل الأعمال المعا رض والمقيم حاليا بالمغرب محمد ولد بوعماتو’ وتتسع ساحاتها الخارجية وميادينها وتتعدد فصولها... ولعل من ابرز العواصم التي تشهد رحى تلك الحرب العائلية الضروس’ الرباط ودكار وباريس..’ بالإضافة إلى نواكشوط بالطبع ’ هذا إذا استبعدنا الدوحة !!
عواصم أجنبية ستنظر بعين الرضي والقبول إلى كل ما من شانه خدمة مصالحها وأجنداتها الخاصة ’ و لن تفرط تحت أي ظرف في ما تعتبره أوراق ضغط غير مكلفة و متاحة و ممكنة الاستخدام .
حرب لم تغب عن حملة العلم والنشيد و"القلم "..’وهي التي جراح جولاتها لم تندمل محليا بعد’ في "تصفيات" مجلس الشيوخ " الأخير" وحراكه المجهض’ وفي توقيف بعض شيوخه في خروج على ا لمأ لوف وعرفه الموصوف ..’ وقصف التسجيلات والتسجيلات المضادة و ضحاياه.. ’ وسلاح لوائح الاتهام" الفتاك"’ بالمبالغ والأسماء والتواريخ والأرقام !! وكأن الرئيس بشان المجلس وأيامه ينشد متمثلا قول الشاعر: اسلم بن عمرو قد تعاطيت غاية تقصر عنها بعد طول عنائكا فاقسم لولا ابن الربيع ورفده ما ابتلت الدلو التي في رشا ئكا
أيام مجلس ستقود ملابساتها و تطوراتها إلى استصدار أمر الا عتقال الدولي في حق رجل الأعمال المغضوب عليه وابن العشيرة اللدود’ الذي والحالة هذه لن يضيع في ما يعتقد أصحاب الشأن الأ قحاح أية فرصة تأتي أو سانحة لإزعاج النظام تتاح ’ في الرباط أو في داكار أو بباريس.. مرددا قول احدهم :
ألا ربما ضاق الفضاء بأهله وأمكن من بين الأسنة مخرج
وقد يركب الخطب الذي هو قاتل إذا لم يكن إلا إليه معرج
الإخبارية حقا وباطلا ’ ومن ابلغ الإزعاج ما تلوكه الصحف وتتداو له المواقع
وحكاية منع الرئيس الموريتاني من التحدث بالأمم المتحدة’ وهو ما دحضته المنظمة’ وهي حكاية ملفقة أصلا’وأوردتها "جون أفريك" الصحيفة الباريسية قبل أيام لا تخرج عن هذا الإطار المحموم.