اشتهر بملامحه الحادة وأدائه المتقن والمختلف، خاصة في أدوار ابن العائلة الارستقراطية، التي أتقنها جيداً ليس لكونه ممثلاً موهوباً فقط ولكن لأنه ابن هذه الطبقة بالفعل، وهو صاحب أشهر جملة في السينما المصرية “وما الدنيا إلا مسرح كبير”، المأخوذة عن الكاتب وليام شيكسبير، إنه عملاق المسرح العربي يوسف بك وهبي.
في مثل هذا اليوم منذ 35 عاماً رحل فنان من طراز خاص، فهو ممثل ومخرج مسرحي وسينمائي، وأحد الرواد الأوائل في مجال السينما والمسرح العربي، احترف الانتقال من دور إلى آخر ليثبت أنه نجم الأدوار الصعبة والمركبة، في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، ليصبح أهم رموز العصر الذهبي للسينما المصرية.
سُمي وهبي تيمناً ببحر يوسف في مدينة الفيوم التي ولد بها، وعمل والده عبدالله باشا وهبي مفتشاً للري بالمدينة، الذي ترك تراثاً باسمه لا يزال حتى الآن معلما من معالمها، حيث حفر ترعة باسمه، وأنشأ مسجدا كان يعد أكبر مسجد بالفيوم حتى وقت قريب.
تلقى يوسف تعليمه بالمدرسة السعيدية، ثم بالمدرسة الزراعية، إلا أن بدأ شغفه بالتمثيل لأول مرة عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني “سليم القرداحي”، حيث بدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي والمدرسة.
عمل وهبي مصارعاً في “سيرك الحاج سليمان”، وكأنه كان يجهز نفسه لارتداء قفاز الإبداع الفني لاحقاً.
سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى ليتلمذ على يد الممثل الإيطالي “كيانتوني”، ثم عاد إلى مصر عام 1921 بعد وفاة والده، ليحصل على ميراثه “10 آلاف جنيه ذهبية”، مثله مثل إخوانه الأربعة.
قدم يوسف وهبي أكثر من 300 رواية مؤلفة ومترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن، في الفن المسرحي برفقة فرقة رمسيس التي كونها فور عودته من إيطاليا، حتى أصبح مسرحه معهداً ممتازاً للفن، وصار ألمع أساتذة المسرح العربي.
وأنشأ يوسف وهبي شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم عام 1930، بالتعاون مع محمد كريم، وكان أول إنتاجاتها فيلم “زينب” 1930، إذ كانت تلك نقطة بداية يوسف وهبي الممثل السينمائي والكاتب والمخرج، إذ أخرج 30 فيلماً، وألف ما لا يقل عن 40 فيلماً، واشترك في تمثيل 60 فيلماً.
ومن أبرز أفلامه أولاد الذوات، ملاك الرحمة، البحث عن فضيحة، إشاعة حب، اعترافات زوج، حكايتي مع الزمان، السلخانة، الفيلم الإيطالي المصري “كيف سرقنا القنبلة الذرية”، والفيلم المصري الفرنسي “قناع توت عنخ أمون”.
وكان دور اليهودي العجوز الذي يعشق مصر بعد أن عاش كل حياته بها في فيلم “اسكندرية ليه” عام 1979 من أبرز أدوار يوسف وهبي، حيث تُعد المرة الأولى التي يؤدي فيها ممثل شخصية يهودي بعد ثورة 1952، وقد أظهر في هذه الشخصية إحساسا مرهفا مدعما بخبرة سنين طويلة من الإبداع والفن.
توفي وهبي 17 أكتوبر 1982 إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، وكان إلى جواره عند وفاته زوجته وابنها، وتكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية لتخليد ذكراه تحمل اسم “جمعية أصدقاء يوسف وهبي”، وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية بحي الجامعة بالفيوم على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.
– راي اليوم