يمكن دون مبالغة أو تهويل وصف ما مرّ به عالمنا العربي خلال السنوات الأخيرة بالنفق الأكثر ظلاماً في تاريخه؛ والمأزق الأكثر تعقيداً؛ حيث أُزهقت أرواح آلاف الأبرياء وهُجّر الملايين في سوريا واليمن وليبيا والعراق، حتى وصل الأمر إلى أن أصبحت مدن مثل سرت في ليبيا والرقة في سوريا والموصل في العراق؛ تُدار خارج إطار الدولة من طرف حفنة من المتطرفين، لا يعترفون بالعالم الحديث؛ وأصبحت لغة الإرهاب طاغية، وهو ما انعكس على سمعة الإسلام في العالم وأنعش الإسلاموفوبيا.
كان متاحاً تفادي دخول نفق الهرج والفتنة هذا؛ إذ كانت بداية جميع هذه الأحداث مع الثورات العربية، بانتفاضة للشارع العربي غير المؤدلج - في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن - على الفساد الذي طبع أنظمة هذه الدول.
بيْدَ أن حركات الإسلام السياسي، وفي انتهازية مكشوفة، استغلت الفرصة وحرّكت ثورات مضادة، ركبت خلالها موجة الشعوب، مدعومة في ذلك من قطر التي أقنعت بعض الدول الغربية بنظرية "استودع بضاعتك للسارق كي تسلم"، أي ادعموا الإخوان في الوصول للحكم، تسلم مصالحكم في هذه الدول وتسلم حليفتكم في المنطقة إسرائيل.
ساهمت هذه الثورات المضادة في تصاعد وتيرة الإرهاب؛ ومهّدت الطريق للتنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها، لا لتجد موطئ قدم في المنطقة، بل لتجوس خلال الديار، وتُعربد سفكا للدماء وهتكا للأعراض وتفكيكا للدول، وكان من نتائج ثورات الغاز القطري أيضاً تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، فانضمت سوريا واليمن للدول التي يخضع فيها القرار لنظام الولي الفقيه.
تلك الثورات المضادة التي لا مكان على أجندتها لطموحات الشعوب الثائرة؛ هي من عسكر ثورة الشعب الليبي؛ وأشعل الوضع في مصر، ولا تزال جراحها مفتوحة في سيناء؛ وهي من أوصل الوضع في سوريا لما هو عليه الآن؛ و سهّل للحوثيين بسط سيطرتهم على اليمن السعيد.
لقد ساهمت هذه الثورات المضادة في تصاعد وتيرة الإرهاب؛ ومهّدت الطريق للتنظيمات الإرهابية مثل داعش وغيرها، لا لتجد موطئ قدم في المنطقة، بل لتجوس خلال الديار، وتُعربد سفكاً للدماء وهتكاً للأعراض وتفكيكاً للدول، وكان من نتائج ثورات الغاز القطري أيضاً تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، فانضمت سوريا واليمن للدول التي يخضع فيها القرار لنظام الولي الفقيه.
كان لزاماً على جماعات الإسلام السياسي وخصوصاً تنظيم الإخوان؛ بعد فشل الثورات المضادة في جميع الدول أن تبحث عن مشجب تعلق عليه فشلها؛ فكان المشجب جاهزاً لدى قطر مموّل ثورات ركوب الأمواج؛ إنه دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهكذا لفّقت ضد الإمارات الاتهامات بأنها تموّل الثورة المضادة لاستعادة الأنظمة الساقطة، وروّج الإعلام القطري والإخونجي أن الإمارات وقفت دون خيار الشعوب؛ لكنهم تناسوا أن الثورة المضادة هي ما قام به تنظيم الإخوان مدعوماً من قطر، وذلك باستغلال ثورات الشعوب للوصول إلى كراسي الحكم عنوة، ودون حظٍ من قبول الشعوب بهم؛ أما دولة الإمارات فقد دعمت ثورات مضادة، لكن مضادة لماذا؟.
دعمت الإمارات ثورة مضادة للجهل، فعقدت العديد من المؤتمرات العلمية؛ وأسست مدناً علمية أصبحت مركزاً علمياً عالمياً يستقبل الطلاب من كل حدب وصوب، كما دعمت ثورة مضادة للبيروقراطية وعقدت لذلك قمماً حكومية لتجعل القطاع العام ينافس القطاع الخاص في تقديم الخدمات؛ حيث انتقلت من مرحلة الحكومة الورقية إلي الحكومة الإلكترونية، إلى الثورة الصناعية الرابعة.
ومن الإمارات سمعنا مصطلحات، لأول مرة تُنطق في عالمنا العربي، وهي الذكاء الاصطناعي، ومحركات استشراف المستقبل.. وغيرها؛ كما دعمت ثورة مضادة لفشل الحكومات، وخلقت بذلك وزارة للسعادة، وأخرى للتسامح، وأخرى للأمن الغذائي المستقبلي.
أيضا، وهو مربط الفرس في الحنق القطري الإخوانجي، دعمت الإمارات ثورة مضادة لاستغلال علماء الدين، ودعمت إنشاء مجلس لحكماء المسلمين، وشتان ما بين العلم والحكمة؛ كما دعمت استعادة الأزهر الشريف لمكانه الطبيعي كمنارة علمية وسطية، يستمد منها العالم الإسلامي قوته الدينية.
ودعمت الإمارات ثورة مضادة للتآمر على بلاد الحرمين بالوقوف مع المملكة العربية السعودية في السراء والضراء، وتتشرف بجهدها على الجبهات للحيلولة دون استهداف بلاد الحرمين.
كما دعمت الإمارات ثورة الشعب المصري العظيم المضادة لتنظيم الإخوان، الذي عاث في بلاد الكنانة فساداً، وأهلك الحرث والنسل، وذلك بوقوفها مع الشعب المصري، بكل ما أوتيت من قوة؛ كما دعمت ثورة مضادة لتدمير الآثار والثقافة العربية والإسلامية وقدّمت للعالم هدية متحف اللوفر في أبوظبي ، كما دعمت ثورة مضادة للفقر وأصبحت بذلك مركزاً مالياً و اقتصادياً عالمياً تُدار من خلاله أغلب شركات العالم.
وفي الوقت الذي كانت الإمارات تقف فيه على ساق الجد لدعم الثورات المضادة آنفة الذكر، كانت قطر تدعم ثورات مضادة، لكن من نوع آخر، فدعمت ثورة ضد خيار الشعب الليبي، وسخّرت لذلك ملايين الدولارات، صُرِفت في جلب السلاح لتغذية صراع الأشقاء الليبيين؛ كما دعمت قطر الثورة المضادة لخيار الشعب السوري، حيث دعمت جبهة النصرة وغيرها من الفصائل المتطرفة، لتقضي بذلك على مطالب الشعب السوري المشروعة.
كما دعمت قطر ثورة مضادة في اليمن أدت لسيطرة الحوثيين على هذا البلد، وأضحت أرض اليمن السعيد منصة لصواريخ نظام الولي الفقيه المتجهة لبلاد الحرمين الشريفين، كما دعمت ثورة مضادة لخيار الشعب المصري، وذلك بدعم تنظيم الإخوان الإرهابي وزعزعة الاستقرار في عموم البلاد، وهي في كل ذلك إنما تدعم ثورة مضادة لاستقرار المملكة العربية السعودية وذلك بالتآمر عليها، بل ومحاولة قلب نظام الحكم فيها، ولكن هيهات.
كفى لعباً على عقول الشعوب، البداية كانت هبّة شعوب ضد الفساد، ركب موجة هذه الهبّة تنظيم الإخوان، وانحرفت لتكون ثورات مضادة لخيار الشعوب مدعومة في ذلك بالمال القطري.