بموجب مبادرة أطلقها شباب موريتانيون منتصف 2015، تأسست مكتبة مجانية بهدف توفير بيئة مناسبة تشجع على القراءة ونشر ثقافة المطالعة.
“اقرأ معي” مبادرة يقف خلفها عدد من خريجي الجامعات الموريتانية الذين اتخذوا من ساحة عمومية وسط العاصمة نواكشوط، فضاء للتنوع الثقافي والبيئي، ومقرا لمبادرتهم التطوعية.
استطاعت المبادرة خلال الأشهر الأولى من انطلاقها، لفت أنظار عشرات الشباب والمتطوعين واستقطابهم، واستمرت عبر المكتبة المجانية لتسهم في سد النقص الحاصل بمكتبات العاصمة التي تعاني شحا وغلاء في أسعار الكتب.
** بداية الفكرة
العضو المؤسس في المبادرة الحسن سيدي، يقول إن الفكرة بدأت منتصف 2015 من خلال مجموعة عبر موقع “فيسبوك”.
ويضيف للأناضول: “بدأت المجموعة تبادل الكتب الورقية والإلكترونية، وبعد قراءة كل كتاب يتم نقاشه بشكل موسع بين أعضاء المجموعة”.
وبعد 7 أشهر من انطلاقها، وتحديدا مطلع 2016، قرر الشباب المبادر نقل فكرتهم لتتحول من العالم الافتراضي إلى الواقع، فكانت مكتبة أطلقوا عليها أيضا اسم “اقرأ معي”، كما يقول “سيدي”.
ويشير الشاب الموريتاني إلى أن القائمين على المكتبة يعملون بدوام يومي لتنظيم عملية تسلم الكتب التي تمت إعارتها للقراء، وتسليمهم أخرى جديدة.
** تستهدف الشباب
عضو المبادرة مولاي محمد ولد مولاي، يوضح أن فكرة المكتبة قائمة على توفير عدد كبير من الكتب للراغبين في القراءة.
ويضيف للأناضول أن المكتبة تستهدف في الأساس الشباب الذين ليست لديهم القدرة على شراء الكتب.
فهناك أشخاص، وفق “مولاي”، لديهم الرغبة في القراءة، لكن لا يمكنهم الحصول على الكتب بسبب دخلهم الضعيف، خاصة طلبة الجامعات والمدارس.
ويسعى القائمون على المكتبة، على نحو خاص، إلى توفير الكتب التي لا توجد بقدر كافٍ في المكتبات.
ويبين الشاب المبادر أن المكتبة توفر الكتب مجانا، وتمنح الراغبين في القراءة بطاقة تجدد سنويا تخول له استعارة الكتب لمدة معينة.
وبموجب هذه البطاقة، يحق لكل قارئ استعارة كتاب لمدة 15 يوميا على الأكثر، ثم يرده ويأخذ كتابا آخر.
** المجانية والتطوع
ويشير “مولاي” إلى أن فكرة “مكتبة اقرأ معي” قائمة على المجانية والتطوع، لافتا إلى أن إمكاناتها شخصية من القائمين على المبادرة.
ويلفت إلى أن القائمين على المبادرة افتتحوا المجال في البداية للتبرع بالكتب، حتى حصلوا على كمية كبيرة انطلقوا بعدها رسميا.
كثيرون من المهتمين خارج المبادرة تبرعوا بالكتب، من بينهم سيدة موريتانية قدمت مكتبتها الشخصية كاملة لمصلحة المشروع، بحسب “مولاي”.
ويعرب عن حلمه والقائمين بأن تتحول المبادرة إلى مكتبة كبيرة، بل من أبرز مكتبات نواكشوط.
ويطمح هؤلاء إلى تطوير الفكرة لتصبح إنشاء دار للثقافة، تضم مكانا لعرض الأفلام، وقاعات مطالعة، ومكتبة كبيرة من أجل تشكيل بيئة خصبة للثقافة والراغبين في القراءة.
ومن أجل تحريك الساحة الثقافية في البلاد، استحدث القائمون على المبادرة فكرة جديدة تتمثل في إقامة ندوة نهاية كل شهر، يتم فيها نقاش موضوع معين بشكل موسع.
وعن ذلك يقول “مولاي”: “نهاية كل شهر نستضيف مفكرا أو مؤلفا أو كاتبا مشهورا في حوار يستمر 100 دقيقة، يبدأها بعرض سريع للموضوع محل النقاش، ثم ينطلق النقاش مع الحاضرين”.
وتشتهر موريتانيا بمكتباتها التاريخية التي تحتوي الكثير من المخطوطات النادرة، وتنتشر هذه المكتبات في مدن البلاد، ومن بينها “شنقيط” و”وادان” و”تيشيت” و”ولاته”.
لكن في مدن البلاد الرئيسية، ومن بينها العاصمة نواكشوط، لا تكاد المكتبات تغطي حاجة القارئ، نظرا لقلتها وعدم قدرتها على توفير المراجع والكتب التي يعتمد عليها الباحثون وطلاب الجامعات في بحوثهم ودراساتهم.
وتمتلك الحكومة مكتبة واحدة تأسست في ستينيات القرن الماضي، وتعنى بجمع وحفظ ونشر التراث الوطني المطبوع، وتحوي قاعات للمطالعة العمومية وأخرى للبحث.
وفي أحياء البلاد الرئيسية تنتشر مكتبات خاصة، غير أن ضيق قاعات المطالعة فيها، وارتفاع أسعار الكتب مقارنة بدخل الفرد في موريتانيا، جعل الكثيرين يعزفون عن التوجه إليها.
وتراوح أسعار الكتب في البلاد بين 15 و50 دولارا أمريكيا، وهي ليست في متناول الجميع، خاصة طلاب المدارس ومحدودي الدخل.
الاناضول