بيرام يصفُ ولد عبد العزيز بـ"الرئيس المُنهك" | صحيفة السفير

بيرام يصفُ ولد عبد العزيز بـ"الرئيس المُنهك"

أربعاء, 06/12/2017 - 13:34

في يوم 2 دجمبر، وأمام الصحافة، في مدينة تيشيت، على مشارف الصحراء، هاجم الرئيس الموريتاني نشطاء مكافحة العبودية ومخلفاتها مع تحديد شخصي المتواضع. وحسب ما قال، فإننا لسنا إلا آفاكين في حاجة ملحة للفلوس، وبالتالي فلا محفز لنا غير بطوننا. وبدلا من الغوص في جدل قديم مع الأنظمة الموريتانية وميلها الدائم إلى الإنكار، أفضّل أن أتناول، من تصريحات محمد ولد عبد العزيز، جملة معبرة عن إخلاص الرجل للمصالح التاريخية لمجموعته: عالم الأسياد: "نحن نتعامل مع العبودية مثلما نتعامل مع السرقة والإرهاب. لدينا نصوص لمحاربة هذه الجنح والجرائم، لكنها ما تزال تـُرتكب، وعلى ذلك الأساس سنحسّن قوانينا كلما سنحت الفرصة". هل من الوارد أن نذكّر صاحب المقولة بأن العبودية تندرج ضمن نمط لا يتجزأ من "الجرائم ضد الإنسانية"؟. وهل محاولة القيام بمقارنة حول نسبية الظاهرة تعبر عن جنوح لتتفيه إرث قرون من الظلم الذي يمارسه عرق معين تحت غطاء الدين؟. بيد أن ولد عبد العزيز يلجأ، بخصوص بيع الأشخاص مؤخرا في بلد من المغرب الكبير لا ناهٍ فيه ولا منتهٍ، إلى الإلتفاف المألوف على الذنب، قائلا: "لم تعد توجد في ليبيا دولة، وذلك خطأ الغرب الذي قصف البلد وساهم في اغتيال رئيسه". طيّبْ، لكن حتى ولو منحنا، للحظة، شيئا من المصداقية لهذه الاختصارات المريحة، فعلى أي كبش فداء سنضع ديمومة العبودية عندنا؟ هل نضعها على المؤامرة الصهيونية؟ أم على الاستعمار الفرنسي؟ أم على الماسونيين؟ أم على المتنوّرين؟ أم على الإمبريالية السرمدية؟..

لا، فالسود الموريتانيون، للأسف، منذ الأزمنة السحيقة، يولدون ويموتون دون يعرفوا أي شيء عن الحياة غير ظروف الخادم المطيع القابل للبيع والمستغـَل على جميع الأصعدة. على الأقل لا يطرد الرئيس من ذاكرتنا هذا البعد الذي لا جدال فيه.

في مقولة أخرى للرئيس الموريتاني، نجده يشبّه مصير أبناء العبيد بمصير الأمريكيين من أصول إفريقية دون أن ينسى وصفهم بـ"الأقلية". اختيار المصطلح يبرر بقية التصريح. هنا أيضا يوجه محمد ولد عبد العزيز رسالة إلى ذويه من المجتمع العربي البربري الذي تكبر فيه مواقف التضامن الرائع مع ضحايا الميز السلالي والإقصاء. إنه يوجه إليهم إنذارا حاثا إياهم على التلاحم حوله. خفة التوكيدات تجد في مجريات الحياة ما يفندها تماما. فالمراقب، ولو كان شارد الذهن، يعرف كم تكرس الديمغرافيا أغلبية غير محددة للسود الذين لا تصل نسبة مشاركتهم في السلطة، في الاقتصاد الشامل، في المصارف، في الوظيفة العمومية، في قيادات الجيش والأمن، في السلطة الدينية 5%.

ليس ذا أهمية أبدا أن يرفض القضاة معالجة عشرات حالات الرق المعروضة في المحاكم أو أن يجعلوا الشكاوي في خانة ما لا مبرر لمتابعته، فأبناء وأحفاد العبيد يقاسون من التمييز واللامساواة ما لا يفسره غير مولدهم.  هذا الاختلاف في المصائر يبرر اندفاعنا في الكفاح.

فبدلا من الانزواء في التراجع الدفاعي، أمام قضية قــُدّر لها في الأزل أن تنتصر، كان على محمد ولد عبد العزيز أن يمد لنا اليد لنبني، معًا، وعلى أسس سليمة، موريتانيا التي لم تزل تشكل همزة وصل بين الإفريقيتين. إن التطرف الديني، الذي يدعمه تسويف ولد عبد العزيز وتراخيه، يهدد بتحويل البلاد إلى قاعدة خلفية للجهاد في الساحل والصحراء. إن رئيسنا المنهك، وهو على عتبة مأموريتين اتسمتا بالتهور والمخاطرة، يحتاج إلى مصالحة إجماعية، إلا إذا أراد تمطيط لائحة أعداء كانت قبلُ تغص بالأسماء.

باريز 05/12/2017

بيرام الداه عبيد

رئيس مبادرة انبعاث الحركة الإنعتاقية