الأخطار كثيرة ومتنوِّعة ومختلفة المستويات والدرجات والآجال وقد تكون تلك الأخطار شموليّة تتعلّق بالمجتمع او البلد او الأمّة وقد تكون متعلِّقة بالشخص نفسه او بأسرته .
لقد كثر الحديث هذه الفترة عن ارتفاع الأسعار والخدمات التي تُقدّم للمواطنين حتّى ان بعض الأفراد وخاصّة من يتمتّعون بدرجة معقولة من الثقافة او التعليم يكتبون في وسائل الإتصال المجتمعي واحيانا يناشدون صاحب الجلالة ملك البلاد لينتشل البلاد والعباد من هذه الضائقة التي نمرُّ بها وباتوا يتحسّسوا انها لن تمرّ على خير .
وتركِّز المحطات التلفزيونيّة المحليّة والعربيّة على هذا الموضوع في الأردن وفي بلاد عربيّة حيث شهدت الكثير منها إرتفاعات مختلفة لكثير من السلع وتم إلغاء الدعم الحكومي لكثير من المواد والخدمات المقدّمة لمواطنيها ممّا تسبب في بعض الإحتجاجات في بعض الدول .
ومع ان مسلسل عرض الموازنة في الأردن يكاد يكون متشابها طيلة سنين متكرِّرة إلاّ أن ميزانية عام 2018 والتي قد يطلق عليها موازنة الجوع لأنها ارتبطت برفع سعر الخبز الذي ما زالت الحكومة تعمل عليه ربّما تلبية لمطالب صندوق النقد الدولي منذ اربعون عاما وجاءت سنة الحسم على دور الحكومة الحاليّة ولتخفيف الصدمة على نفسها لجأت الحكومة الى الإشادة بما حقّقته في عام 2017 كما قالت وزارة المالية أن عجز الموازنة بعد المنح لعام 2017 قد بلغ حوالي 750 مليون دينار مقارنة مع عجز بلغ حوالي 880 مليون دينار في نهاية عام 2016، وبذلك انخفض العجز كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 6ر2% لعام 2017 مقارنة مع 2ر3% لعام 2016.
وأكدت الوزارة أن قيمة العجز انخفضت بنسبة 15% في عام 2017 مقارنة مع عام 2016، في حين بلغ متوسط حجم ارتفاع العجز خلال العشرة سنوات الماضية حوالي 30% سنويا.
وبينت أن إجمالي الدين العام بلغ 25ر27 مليار دينار يعادل 3ر95% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017 مقارنة مع 1ر26 مليار دينار بنسبة 1ر95% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016.
وأشارت الوزارة إلى أن قيمة الزيادة في رصيد الدين العام في نهاية عام 2017 بلغت حوالي 2ر1 مليار دينار عن رصيده في نهاية عام 2016، مقارنة مع زيادة بلغت بالمتوسط 2ر2 مليار دينار خلال السنوات الخمس الماضية.
وعلى صعيد الإيرادات المحلية فقد بلغت لعام 2017 ما مقداره 6717 مليون دينار، في حين بلغت 6233 مليون دينار في عام 2016 بزيادة مقدارها حوالي 484 مليون دينار، أي بنسبة زيادة بلغت 7ر7 %.
وبلغت المنح حوالي 708 مليون دينار لعام 2017 مقارنة بمبلغ 835 مليون دينار عام 2016، أي بإنخفاض بلغ حوالي 127 مليون دينار وبنسبة تراجع بلغت 15%.
أما النفقات الجارية فقد بلغت لعام 2017 ما مقداره 7097 مليون دينار في حين بلغت في عام 2016 حوالي 6919 مليون دينار بزيادة مقدارها حوالي 178 مليون دينار، أي بنسبة زيادة بلغت 5ر2%.
وفيما يتعلق بالنفقات الرأسمالية فقد بلغت لعام 2017 ما مقداره 1078 مليون دينار، في حين بلغت في عام 2016 حوالي 1029 مليون دينار، أي بزيادة مقدارها حوالي 49 مليون دينار وبنسبة زيادة 6ر4 %.
أما بخصوص نسبة الاعتماد على الذات، فبلغت قيمة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لعام 2017 ما نسبته حوالي 95% مقارنة بما نسبته 90 % لعام 2016، ويعود ذلك إلى الجهود الحكومية التي أدت إلى ارتفاع الإيرادات المحلية بنسبة 7ر7% والتي تزيد عن نمو النفقات الجارية والتي بلغت 5ر2%.
وقالت وزارة المالية إن تحقيق استقرار نسبة الدين العام وانخفاض حجم العجز يأتي نتيجة للجهود الحكومية المستمرة في ضبط وترشيد الإنفاق العام وتحسين مستوى الإيرادات المحلية انسجاما مع البرنامج الوطني للإصلاح المالي والهيكلي والذي يسعى إلى تخفيض إجمالي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات آمنة ما دون 80 % في المدى المتوسط.
وعلى صعيد آخر لجأت الحكومة الى عرض الموازنة لتصويت مجلس النواب في لحظة مثاليّة لها أدت لموافقة النواب بثماني وخمسون صوتا لتمرير مشروع الموازنة وإرساله لمجلس الأعيان بالرغم من اللغط الكثير الذي رافق تلك العمليّة وكأنه قسّم مجلس النواب الى اكثر من جماعة حيث ان بعض النواب أشادوا ببعض الخطوات الحكوميّة مثل تخصيص 171 مليون دينار لدعم المستحقين ومائة مليون دينار للإعفاءات الطبيّة ومائة مليون دينار للتدريب ومساعدات لإعالة مليون ومائتي الف وافد وان الموازنة بنيت على اساس نمو 2,5% وانه تم فتح اربعة اسواق جديدة للإستثمار وتصدير البضائع الأردنية ,ومن المتفق عليه ان سعر صرف الدينار لا خطر عليه لأن ودائع البنك المركزي جيّدة .
في الجانب الآخرفإن التضخُّم كان 3,3% في نهاية عام 2017 وقد يصل الى 10% بنهاية عام 2018حسب رأي خبير لقناة رؤيا نتيجة ارتفاع الأسعار الحالي بينما الموازنة تتوقّع 1,5% تضخم في نهاية عام 2018 كذلك فان نسبة الفقر في ازدياد وقد تصل الى 30% نهاية العام وكذلك معدّل البطالة في ازدياد كبير حتى نهاية العام
ويرى محللون ان على الحكومة ان تعمل على تشجيع الإستثمار المحلي والأجنبي داخل المملكة خاصّة انه يوجد اثنان وثلاثون مليار دينار ودائع للأردنيين في البنوك
ومن جهة اخرى فقد تحدّث خبراء إجتماعيّون عن الآثار السلبيّة المتوقّعة لميزانيّة 2018 على المجتمع الأردني وخاصّة تسبُّبها في إضمحلال الطبقة المتوسطة وإنهائها وقد بيّنت خبيرة اجتماعيّة في رؤيا ان هناك تعريفات للطبقة المتوسطة حيث كالمعنى الإقتصادي والمعنى الإجتماعي والمعنى السياسي وغير ذلك وبين خبير ان متوسط رواتب العاملين في القطاع العام هو 450 دينارا شهريا بينما في القطاع الخاص هو 390 دينارا شهريا وان معدل راتب المتقاعد 406 دنانير شهريا بينما 60% من المتقاعدين رواتبهم اقل من 300 دينار شهريا .
ومن الآثار الإجتماعيّة السلبية المتوقّعة لميزانية 2018 هي البنية الإجتماعيّة للأسرة الأردنيّة حسب ما قاله الخبير على شاشة رؤيا أنّ متوسط عمر الزواج للفتيات 27سنة وللذكور 30 سنة وستزداد نسب العونسة بين الشباب والصبايا ففي الفترة بين 2012 وحتى 2016 انخفضت عقود الزواج حوالي 2000 عقد خاصّة بعد إزدياد تكاليف المعيشة وبعد غلاء الذهب والفضّة بنسب لا تقل عن 5% كما ان نسبة المتسربين من المدارس حوالي 2,5بالألف من الطلاب وذلك لمساعدة الأهل كما ان اكثر من 64% من الجرائم موجّهة ضد المال اي للسرقة وان نسبة الإشغال في السجون ومراكز الإصلاح تتعدّى 65% لذلك فإنّ ارتفاع الأسعار سيؤدّي لزيادة مساحة الفقر والأسر المحتاجة واكثر المتأثرين هم القريبين من خط الفقر وخاصّة الطبقة الممسوحة خاصّة ان كل اسرة اردنيّة مدانة بحوالي مبلغ 993 دينار كما ان اكثر من 45% من العاطلين عن العمل ينتظرون فرصة عمل منذ اكثر من سنتين كما انه من المتوقّع ان تعم الفوضى بحيث يتم التلاعب باسعار الكثير من المواد والخدمات التي تقدم للمواطنين , لذلك كان يجب دراسة الموازانة بشكل كامل وشامل وانعكاس ذلك على النواحي الإقتصادية والإجتماعيّة على المواطنين قبل ان تقع الفاس في الراس وتندم الحومة حيث لا يُفيد الندم .
حمى الله بلدنا ارضا وشعبا وقيادة من أيِّ مكروه .
احمد محمود سعيد
البناء الأخضر للإستشارات البيئيّة
[email protected]