لا تنكر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المنافع الاقتصادية لانضمام المغرب إليها، لكن في الوقت ذاته أعلنت سلك مسطرة معمقة لبحث الآثار المترتبة عن ذلك، بل تبحث عن "الأسباب الحقيقية" لطلب المغرب.
هذا الأمر ورد في وثيقة نشرتها "سيدياو" على موقعها الإلكتروني، تقول إن "طلب المغرب يثير الأسئلة حول أسبابه الحقيقية"، مضيفةً أن المغرب بات مستثمراً رئيسياً في المنطقة ووقع اتفاقيات مع عدد من الدول الأعضاء.
وهناك إقرار واعتقاد سائد لدى دول المجموعة بأن انضمام المغرب سيسمح بمواصلة توسيع علاقاته التجارية مع الدول الأعضاء، خصوصاً أن المملكة لديها علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي، وتتوفر على قاعدة صناعية متنامية.
وعلى الرغم من عدم مشاركة المغرب أي حدود برية مع دول "سيدياو"، فإن انضمامه، حسب الوثيقة، سيسمح بجني منافع من التجارة الحرة وحركة الأشخاص مع الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية التي تعتبر من أنجح التجارب في القارة.
وبلغة الأرقام فإن الناتج المحلي الإجمالي لدول سيدياو حالياً يمثل 630 مليار دولار، ويحتل المرتبة 21 عالمياً، وفي حالة انضمام المغرب فإن التجمع الاقتصادي الذي يضم 15 دولة سيصبح الاقتصاد رقم 16 في العالم، بإضافة 115 مليار دولار، ليقترب الناتج المحلي الإجمالي إلى 745 مليار دولار.
هذا الاعتقاد لدى المجموعة الاقتصادية يدعمه الموقع الإستراتيجي والاقتصادي المهم للمغرب، إذ ترى الوثيقة أنه سيكون منصة حيوية لدول "سيدياو" من أجل تأمين الأسواق الأوروبية والأمريكية والعربية.
وتضيف الوثيقة: "في وقت يتطلع المغرب إلى تعزيز علاقاته مع دول سيدياو، فإن الاتحاد الأوروبي يظل أكبر شريك تجاري له، ويمثل 55 في المائة من إجمالي تجارته، و61 في المائة من صادراته".
وأشارت الوثيقة إلى أن المملكة نجحت في جذب اهتمام الشركاء الدوليين وكبار المصنعين، كما نالت ثقة وكالات التصنيف الائتماني، إذ رفعت وكالة موديز الدولية من توقعاتها من "مستقر" إلى "إيجابي" خلال السنة الماضية؛ وذلك بفضل الصناعات التصديرية الحيوية الجديدة التي كانت دافعاً لتحسن احتياطات العملة الصعبة.
وتقول الوثيقة أيضاً إن "المغرب سيكون شريكاً تجارياً جيداً لسيدياو، لأنه أيضاً أحد المنتجين الرئيسيين للفوسفاط في إفريقيا، لكن طلب انضمامه يثير بعض الأسئلة حول الأسباب الدقيقة وراء ذلك، لأنه في الواقع مستثمر رئيسي في المنطقة ولديه اتفاقيات ثنائية مع عدد من الدول الأعضاء".
وعلى الرغم من العلاقات القوية التي تجمع المغرب وبعض الدول الأعضاء، فإن التبادل التجاري بينهما لازال ضعيفاً، إذ يبلغ حجمها حالياً أقل من مليار دولار سنوياً، أي أقل من 4 في المائة من صادرات المغرب وأقل 2 في المائة من تجارته الإجمالية.
وتشير الوثيقة إلى أن "المراقبين يرون أن المغرب يسعى إلى الاستفادة من اقتصاد غرب إفريقيا، غير أن آخرين يعتقدون أن المملكة تبحث عن فرصة لإعادة التموقع في القارة الإفريقية بصفة عامة".
هذه التوقعات والإقرارات تكشف أن طلب المغرب يثير اهتماماً بالغاً لدى دول المجموعة الاقتصادية، فبعد مرور سنة على تقدم المملكة بطلب رسمي، لازالت المسطرة متواصلة، إذ أعلنت "سيدياو" في الأيام الأخيرة بدء تلقي مقترحات لإجراء دراسة تحليلية معمقة للآثار السوسيواقتصادية للانضمام المحتمل.
طلب إجراء الدراسة التحليلية المعمقة للآثار موُجه أساساً إلى مراكز ومكاتب الدراسات والأبحاث الموجودة في دول المجموعة، وعليها أن تقدم مقترحاتها إلى غاية الثاني من مارس المقبل، لمعالجة القضايا المتعلقة بالتجارة والاستثمار الخاصة بالمغرب في كل من نيجيريا وغانا وساحل العاج والسنغال ومالي وتوغو.
وكان المغرب طلب، في فبراير من العام الماضي، الانضمام إلى هذا التجمع الاقتصادي؛ وذلك في إطار سياسة الانفتاح على القارة الإفريقية التي نهجتها المملكة في السنوات الأخيرة، إذ تحظى بعلاقات دبلوماسية واقتصادية مع 11 بلداً من هذه المنطقة الإفريقية.
وسيكون انضمام المغرب إلى هذه المجموعة الاقتصادية مفيداً، إذ تضم 15 دولة و350 مليون نسمة، وتعدّ سوقاً اقتصادية إقليمية واعدةً؛ كما ستفتح الطريق نحو انخراط المملكة في مشروع العملة الموحدة المقررة في أفق 2020.