ورد أنه حل بالعاصمة النيجيرية أبوجا الحمدان، الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر السابق، ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جبر في زيارة رسمية التقيا خلالها الرئيس النيجيري محمد بخاري.
زيارة لم تكن متوقعة في هذا الظرف وتطرح أهدافها الحقيقية أكثر من استفهام؛ لكن معلومات استقيتها من مصادر سياسية موثوقة في نيجيريا؛ تفيد أن الزيارة التي يبدو ظاهرها اقتصاديا؛ باطنها خدمة تحت الحساب من تنظيم الحمدين لنظام الولي الفقيه في طهران؛ فالحمدان معا قدما للرئيس النيجيري طلبا واحدا ليس سوى إطلاق سراح رئيس الطائفة الشيعية الملقب بآية الله النيجيري إبراهيم الزكزكي الذي اعتقلته السلطات النيجيرية عام ٢٠١٥ بعد معركة دامية بين الجيش وأنصاره.
بذلت قطر بإيعاز من إيران جهودا حثيثة للضغط من أجل الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني؛ وها هي تخوض بالوكالة معركة الولي الفقيه النيجيري الزكزكي، التي كشفت كيف أراد "تنظيم الحمدين" استغلال سوابقه في دعم وتمويل الإرهاب ليقطف ثمرة دعمه لحركة "بوكو حرام" ويقدمها عربون صداقة للحليف الإيراني.
قد يبدو الأمر مستغربا ولكنه واقع؛ فأولوية إيران في نيجيريا هي الإفراج عن أهم حليف محلي لها؛ وبالتالي فلا مناص للحمدين وتنظيمهما من السعي لخدمة الحليف الذي بات يحركهما كبيادق.
وهكذا لم يتردد حمد بن خليفة في استغلال علاقته بالرئيس النيجيري محمد بخاري التي تفيد بعض المصادر أنها توطدت خلال إقامة الأخير الطويلة للعلاج في المستشفيات البريطانية.
وفي الوقت نفسه فإن المعلومات الواردة من نيجيريا تؤكد أن الحمدين عرضا على الرئيس النيجيري المساعدة في تهدئة ملف بوكوحرام إن هو لبى مطلب الإفراج عن الزكزكي.
وهذا العرض منطقي جداً، فسلطات نيجيريا ـ كغيرها ـ تدرك جيداً علاقة تنظيم الحمدين مع المنظمات الإرهابية في العالم؛ وامتلاكهما لمفاتيح تحريك معظم هذه الجماعات خصوصاً بوكو حرام، حيث وجهت لهما حكومة تشاد رسميا في وقت سابق أصابع الاتهام بتحريكها وتمويلها؛ وهي التي تهدد أمن واستقرار عدة بلدان في شرق ووسط القارة الأفريقية.
وإذا كانت مهمة الحمدين بعرضها المخزي تمثل اعترافاً صريحاً برعاية تنظيمهما للإرهاب؛ فهي تنطوي على الإضرار بمصالح مسلمي نيجيريا السنّة، حيث تحاول إيران غرس مكون شيعي في خاصرتهم؛ بينما لا يمثل أتباع الزكزكي في الواقع سوى بضعة آلاف يسمّون أنفسهم الحركة الإسلامية النيجيرية، ويتمركزون في ولايات "كانو وسكوتو وكادونا"، في بلد يزيد سكانه على مئة مليون؛ ولكن اعتناقهم للمذهب الشيعي جعل طهران تصرُّ على أن تسميهم الطائفة الشيعية المُضطهدة؛ خصوصا أن غالبية مسلمي نيجيريا الساحقة هم سنّة متصوفة.
إن معظم النيجريين لم يكونوا على اطلاع بمساوئ تنظيم الحمدين ودعمه للحركات الإرهابية في العالم؛ إلا أن مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لدولة قطر أثارت فضول الكثيرين هناك للبحث عن تورط قطر في دعم الإرهاب؛ وهو تورط مكشوف لا يكلف البحث عنه كثير عناء؛ ولذلك فمهمة الحمدين في نيجيريا ستفضح قطر لتظهر هناك على حقيقتها؛ فهذه المهمة ـ على أدنى تقدير ـ لا تخدم السلام والأمن والاستقرار في البلد؛ لأنها وساطة خارج القانون لإطلاق سراح شخصية متهمة من قبل السلطات النيجيرية بزعزعة استقرار البلد مقابل تهدئة مع تنظيم بوكو حرام الإرهابي، (بما يعني ذلك من اعتراف بالصلة بالتنظيم والتأثير فيه)؛ خدمة للنظام الإيراني المكروه شعبياً في نيجيريا لدعمه الحركة الشيعية في البلاد .
ولم يعد خافياً أن النظام الإيراني في علاقته مع نظام الحمدين لا يقبل مد يد العون دون مقابل؛ وهكذا قطر تدفع الثمن غالياً فبعد المكافأة المادية باستيراد البضائع الإيرانية للسوق القطري؛ بذلت قطر بإيعاز من إيران جهوداً حثيثة للضغط من أجل الإبقاء على الاتفاق النووي الإيراني؛ وها هي تخوض بالوكالة معركة الولي الفقيه النيجيري الزكزكي، التي كشفت كيف أراد تنظيم الحمدين استغلال سوابقه في دعم وتمويل الإرهاب ليقطف ثمرة دعمه لحركة بوكو حرام، ويقدمها عربون صداقة للحليف الايراني؛ ولو كلف الأمر أن يتحمل الشيخ حمد بن خليفة عناء السفر إلى نيجيريا متكئاً على عصاه ومصطحباً معه رئيس وزرائه حمد بن جبر .
و في نهاية المطاف، ألا تؤكد زيارة الحمدين الرسمية إلى نيجيريا ما نكرره دائماً عن أنهما الحاكم الفعلي للبلاد؛ وأنهما من يديران الأزمة الحالية؟