يدخل المغرب في مرحلة سباق الزمن بخصوص قضية الصحراء، إذ من المرتقب أن يلتقي ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، اليوم الثلاثاء بالعاصمة البرتغالية لشبونة، هورست كوهلر، المبعوث الأممي إلى الصحراء؛ في إطار التعاون الدائم ما بين المغرب والأمم المتحدة، للتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
ويأتي هذا اللقاء الدبلوماسي رفيع المستوى على بُعد أيام قليلة من التقرير السنوي المرتقب أن يقدمه موفد إلى الصحراء أمام مجلس الأمن الدولي في أبريل المقبل، وكذا بعد تفنيد الرباط دعاية جبهة 'البوليساريو'' التي كانت تروج في الأيام السابقة بأن الأمر يتعلق برضوخ المغرب لاستئناف المفاوضات المباشرة معها.
وقد حاولت الجزائر، في وقت سابق، في إطار مناوراتها، الترويج بأن هناك مفاوضات مباشرة بين المغرب والجبهة الانفصالية ستحتضنها العاصمة الألمانية برلين وسيرعاها الموفد الأممي في الصحراء؛ غير أن المملكة اختارت عقد مشاوراتها مع كوهلر في العاصمة البرتغالية لشبونة.
وكانت وزارة الخارجية أكدت أن الوفد المغربي، الذي يرأسه ناصر بوريطة، سيضم السفير عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، وحمدي ولد الرشيد، رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، وينجا الخطاط، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب.
عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أكد، في اتصال مع هسبريس، أن "المغرب اليوم في وضعية تُمكنه من فرض شروطه لاستئناف المفاوضات في ملف الصحراء تحت رعاية الأمم المتحدة"، مشيرا ضمن التصريح ذاته إلى أن "لقاء ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي، مع هورست كوهلر سيُحدد فيه المغرب لكوهلر المساحة التي يمكن للمبعوث الأممي أن يتحرك داخلها ويقبل بها المغرب.
ويرى الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي أن "المغرب بدأ في تطبيق أولى لبنات الحكم الذاتي في المناطق الجنوبية وحضور حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون الساقية الحمراء وينجا خطاط رئيس جهة وادي الذهب إشارة قانونية تمثيلية وسياسية قوية لكوهلر تقوم على أساس أن المغرب يتقدم في تطبيق مقترح الحكم الذاتي الذي قبلته الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ولن ينتظر نتائج المفاوضات، قبل أن يؤكد في تحليله أن "كل مفاوضات قادمة يجب أن تكون داخل هذا السقف".
وعن خلفيات حضور عمر هلال، الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، إلى جانب بوريطة في هذا اللقاء؛ اعتبر منار السليمي أن هذا الحضور يحمل إشارة لكوهلر مفادها أن تدبير النزاع يظل داخل الأمم المتحدة وبين يدي مجلس الأمن، في رد واضح على محاولات الجزائر جر النزاع إلى داخل الاتحاد الإفريقي في خرق واضح لسلطات مجلس الأمن وقواعد ميثاق الأمم المتحدة في تدبير النزاعات الدولية".
وتوقف المتحدث ذاته عند دلالات حضور ممثلي الأقاليم الجنوبية ضمن الوفد المغربي، معتبرا أنه من المرتقب أن يقلب كل التصورات التي قد يكون حملها كوهلر خلال الشهور الماضية بلقاءاته مع السلطات الجزائرية وقادة "البوليساريو"، مبرزا في السياق ذاته أن حضور ممثلي الأقاليم الجنوبية سيضرب في العمق كل محاولات "البوليساريو" انتحال صفة التمثيلية، وسيجعل كوهلر مطالبا بتدوين ذلك في تقريره المقبل الى مجلس الأمن.
واستطرد منار السليمي، في تصريحاته، بالقول إن "المغرب يفرض بطريقة ذكية وقوية شروطه في كل مفاوضات مقبلة، مبرزا أن المملكة تُدخل الجزائر الى ملعب المفاوضات المباشرة وتقيدها بحكم أنه لا وجود للبوليساريو بدون أوامر وقرارات جزائرية"، يقول المحلل السياسي.
من جهة أخرى، توقع المحلل السياسي خالد مقيت أنه لن يحصل أي تطور في هذا الملف، مشيرا إلى أن بوريطة سيعمل على تذكير المبعوث الأممي بالمبادئ التي يلتزم بها المغرب حتى الآن بشأن هذه المسألة، وهي أن تسوية قضية الصحراء لا يمكن أن تتم خارج مبادرة الحكم الذاتي فيما يتعلق بسيادة المغرب على صحرائه، وهو مبدأ ذكر خلال الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الاحتفال بالمسيرة الخضراء في 5 نوفمبر 2017.
وأورد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه في انتظار تقرير مجلس الأمن الدولي فإن الموقف المغربي في هذا الاجتماع لن يخرج عن المبادئ الأساسية للمملكة والتي تأتي على رأسها مبادرة الحكم الذاتي، ريثما يصدر مجلس الأمن قرارا في غضون شهرين، قبل أن يشير إلى أن "مجلس الأمن هو المدعو لاتخاذ قرار (وليس أي مؤسسة دولية / إقليمية أخرى) بشأن تسوية النزاع.
هسبريس