يحز في القلب آلاما وأحـــزانـا ** موت الصــــديق إذا مــا كــان إنسانا
وكان حرا نقي العزم متــــخـذا ** على مبــــادئه بالبــــذل بــــــرهـــانا
يجود بالنفس مرتاحا ومغتــبطا ** ويوسع الـــذات عنـــد الجــود نكرانا
براءة الطفل تحنو فوق بســمته ** إن كان يألف إخــــوانا وخــــــــــلانا
وصولة المارد الجــبار عـــادته ** إن ثار يفــــضح تدليــــسا وطــغيانا
أبيات تأبين سميدع هذه للشارع الكبير أحمد ولد عبد القادر أول ما ورد إلى ذهني وأنا أحاول كتابة شيء عن أخ وزميل وصديق عزيز .. عن إنسان مميز اتسم بالاستقامة والصدق والأمانة والوفاء وطيبة المعدن وحلاوة المعشر.
رحم الله زميلي عثمان ولد احويبيب الذي غادرنا على عجل ودون سابق إنذار هو لم يغادرنا بل سبقنا لقدر محتوم نحن إليه سائرون كما سبقنا مهنيا على مدى ثلاثين سنة من العمل الاعلامي الموصول .. اذكر أنني ما زحته مرة بأن عملهم كإذاعيين أسهل من عملنا كصحافة مكتوبة لأنهم يتكلمون على الهواء بما يحلوا لهم .. وكان يبتسم ويرد بأننا معشر الصحافة المكتوبة نسترخي ونكتب لكي نقرأ بعد 24 ساعة أو لا نقرأ أما هم فرسان الإذاعة فيلاحقون مستمعيهم عبر موجات يشد بعضها بعضا بصورة ملحمية وجودية لا تتوقف .. وهي فعلا لا تتوقف لأن عثمان كان يعتبر الحياة ريبورتاجا إذاعيا يواكب الحياة الإنسانية بكل مراحلها وفى كل مظاهرها يلتحق به مستمعون جددا كل لحظة وكان يحترم مستمعيه ويعتبرهم كل شيء .. هم المنطلق والغاية والوسيلة .. كانت الإذاعة بيته ومحرابه وعالمه الخاص انصهر فيها وحلت فيه وحل فيها ويصدق في علاقته بها قول الحلاج فى سياق آخر :
أَنا مَن أَهوى وَمَن أَهـوى أَنا *** نَحنُ روحانِ حَللَنا بَــدَنا
نَحنُ مُذ كُنّا عَلى عَهدِ الهَوى *** تُضرَبُ الأَمثالُ لِلناسِ بِنا
فَإِذا أَبصَرتَني أَبصــــــــَرتَهُ *** وَإِذا أَبصَرتَهُ أَبصـــــَرتَنا
من المؤلم أن وفاء عثمان للإذاعة قابله فى سنوات التقاعد تنكر وإعراض من هذه الأخيرة فقد عانى كثيرا فى الحصول على مخصصات تقاعده وأخاله رحل قبل أن يحصل عليها كاملة وقد أخبرني أنه تألم كثيرا حينما راجع الإذاعة بعد التقاعد عارضا خدماته على شكل متعاون متمرس ولم يلق التجاوب المنتظر وشعر بإحباط كبير فبالنسبة له ليس سهلا أن تصرف العمر والصحة فى خدمة مؤسسة تتنكر لك فى نهاية المطاف، وكنت أطمئنه دائما بأن الإذاعة ستعود إليه ويعود إليها لا محالة وأن الحب دائما للحبيب الأول .. وكان يقول كيف أعود إليها وأنا مسكون بحبها ولم أغادرها وجدانيا قط ..
هذه المرة غادر عثمان الإذاعة إلى غير رجعة ورحل بعد أن قام بعمل رائع وحافظ على سجل منهي ناصع فهل تقوم الإذاعة بقسط مما يتعين عليها القيام به في حقه؟ هل تفرج عن متأخرات حقوقه؟ هل تكرمه" هل تواسي زملاءه الذين سلكوا دروب التقاعد وما زالوا على قيد الحياة؟ هل تخلد وتنشر تراث أجيال مهنية إذاعية شنفت أصواتها الدافئة مسامع الموريتانيين على مدى نصف قرن؟ هل تحفظ ذكراهم؟
رحم الله عثمان ولد أحويبيب وسائر شهداء المهنة ممن غادرونا وتغمدهم برحماته وأسكنهم فسيح جناته وألهم ذويهم الصبر والسلوان وقيض لهم من يرد جميلهم الذي لا ينضب فقد كانوا أساطين جيل إذاعي عظيم أعطى لعبارة "هنا نواكشوط إذاعة الجمهورية الإسلامية الموريتانية" كل معانيها الاخبارية والتثقيفية والترفيهية والتوجيهية والتسويقية، جيل رائد جعل صوت موريتانيا مسموعا فى سائر أنحاء العالم فى كل القارات وعبر كل الترددات.
أ. مصطفىيحز في القلب آلاما وأحـــزانـا ** موت الصــــديق إذا مــا كــان إنسانا
وكان حرا نقي العزم متــــخـذا ** على مبــــادئه بالبــــذل بــــــرهـــانا
يجود بالنفس مرتاحا ومغتــبطا ** ويوسع الـــذات عنـــد الجــود نكرانا
براءة الطفل تحنو فوق بســمته ** إن كان يألف إخــــوانا وخــــــــــلانا
وصولة المارد الجــبار عـــادته ** إن ثار يفــــضح تدليــــسا وطــغيانا
أبيات تأبين سميدع هذه للشارع الكبير أحمد ولد عبد القادر أول ما ورد إلى ذهني وأنا أحاول كتابة شيء عن أخ وزميل وصديق عزيز .. عن إنسان مميز اتسم بالاستقامة والصدق والأمانة والوفاء وطيبة المعدن وحلاوة المعشر.
رحم الله زميلي عثمان ولد احويبيب الذي غادرنا على عجل ودون سابق إنذار هو لم يغادرنا بل سبقنا لقدر محتوم نحن إليه سائرون كما سبقنا مهنيا على مدى ثلاثين سنة من العمل الاعلامي الموصول .. اذكر أنني ما زحته مرة بأن عملهم كإذاعيين أسهل من عملنا كصحافة مكتوبة لأنهم يتكلمون على الهواء بما يحلوا لهم .. وكان يبتسم ويرد بأننا معشر الصحافة المكتوبة نسترخي ونكتب لكي نقرأ بعد 24 ساعة أو لا نقرأ أما هم فرسان الإذاعة فيلاحقون مستمعيهم عبر موجات يشد بعضها بعضا بصورة ملحمية وجودية لا تتوقف .. وهي فعلا لا تتوقف لأن عثمان كان يعتبر الحياة ريبورتاجا إذاعيا يواكب الحياة الإنسانية بكل مراحلها وفى كل مظاهرها يلتحق به مستمعون جددا كل لحظة وكان يحترم مستمعيه ويعتبرهم كل شيء .. هم المنطلق والغاية والوسيلة .. كانت الإذاعة بيته ومحرابه وعالمه الخاص انصهر فيها وحلت فيه وحل فيها ويصدق في علاقته بها قول الحلاج فى سياق آخر :
أَنا مَن أَهوى وَمَن أَهـوى أَنا *** نَحنُ روحانِ حَللَنا بَــدَنا
نَحنُ مُذ كُنّا عَلى عَهدِ الهَوى *** تُضرَبُ الأَمثالُ لِلناسِ بِنا
فَإِذا أَبصَرتَني أَبصــــــــَرتَهُ *** وَإِذا أَبصَرتَهُ أَبصـــــَرتَنا
من المؤلم أن وفاء عثمان للإذاعة قابله فى سنوات التقاعد تنكر وإعراض من هذه الأخيرة فقد عانى كثيرا فى الحصول على مخصصات تقاعده وأخاله رحل قبل أن يحصل عليها كاملة وقد أخبرني أنه تألم كثيرا حينما راجع الإذاعة بعد التقاعد عارضا خدماته على شكل متعاون متمرس ولم يلق التجاوب المنتظر وشعر بإحباط كبير فبالنسبة له ليس سهلا أن تصرف العمر والصحة فى خدمة مؤسسة تتنكر لك فى نهاية المطاف، وكنت أطمئنه دائما بأن الإذاعة ستعود إليه ويعود إليها لا محالة وأن الحب دائما للحبيب الأول .. وكان يقول كيف أعود إليها وأنا مسكون بحبها ولم أغادرها وجدانيا قط ..
هذه المرة غادر عثمان الإذاعة إلى غير رجعة ورحل بعد أن قام بعمل رائع وحافظ على سجل منهي ناصع فهل تقوم الإذاعة بقسط مما يتعين عليها القيام به في حقه؟ هل تفرج عن متأخرات حقوقه؟ هل تكرمه" هل تواسي زملاءه الذين سلكوا دروب التقاعد وما زالوا على قيد الحياة؟ هل تخلد وتنشر تراث أجيال مهنية إذاعية شنفت أصواتها الدافئة مسامع الموريتانيين على مدى نصف قرن؟ هل تحفظ ذكراهم؟
رحم الله عثمان ولد أحويبيب وسائر شهداء المهنة ممن غادرونا وتغمدهم برحماته وأسكنهم فسيح جناته وألهم ذويهم الصبر والسلوان وقيض لهم من يرد جميلهم الذي لا ينضب فقد كانوا أساطين جيل إذاعي عظيم أعطى لعبارة "هنا نواكشوط إذاعة الجمهورية الإسلامية الموريتانية" كل معانيها الاخبارية والتثقيفية والترفيهية والتوجيهية والتسويقية، جيل رائد جعل صوت موريتانيا مسموعا فى سائر أنحاء العالم فى كل القارات وعبر كل الترددات.
أ. مصطفى